و تركزت الرؤى على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة ، باعتبارها حسب الخطاب السياسي الإسرائيلي العاصمة الأبدية لاسرائيل.
و من أهم المشاريع المطروحة التي تضمنت إبقاء السيطرة الكاملة على القدس :أولاً : مشروع بن غوريون ( 1967 ) : و قد كان أول من طرح أفكاراً حول منح السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حكماً ذاتياً يديرون شؤون حياتهم في إطاره ، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ، دافيد بن غوريون ، ذلك بمجرد أن وضعت حرب حزيران أوزارها ، بأسبوعين تقريباً .
فقد وزع بن غوريون على الصحف مشروعاً يتضمن بعض الأفكار « ميّز فيها بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة و الفلسطينيين في الخارج ، وفي الوقت نفسه، ميّز أيضاً ، بين السكان في قطاع غزة و إخوانهم في الضفة الفلسطينية « ، إضافة إلى إخراجه القدس من المشروع ، مقترحاً ضمها إلى حدود « دولة إسرائيل » .ثانياً : مشروع ألون في تموز 1967 ، أي بعد شهر من عدوان حزيران ، طرح وزير الخارجية آنذاك ، ييغال ألون على حكومته مشروعاً يتعلق بسيناء والجولان ، استند فيه إلى أفكار بن غوريون ، غير أن مشروع ألون كان أكثر تفصيلاً و تحديداً و وضوحاً . و قد حظي المشروع بشهرة كبيرة، رغم أنه لم يناقش في إطار حكومي أو حزبي .
وكان ألون أحد أبرز شخصيات حزب العمل ، وزعيم كتلة « أحروت همغو « في الحزب، و أحد قادة البالماخ البارزين سـابقاً، و قد صمم مشروعه على أساس التخلص من المناطق الكثيفة بالسكان الفلسطينيين ، و ضم المناطق الأخرى التي تتسم بقلة و محدودية السكان، أي التخلص من المدن و المراكز الحضرية – السـكانية ، و إعادتها إلى الأردن و التمسك، و مواصلة السيطرة على الأراضي الواسعة الخصبة في الأغوار ، و شمال الضفة الفلسطينية، و مناطق واسعة من ريف المدن الفلسطينية ، تمهيداً لضمها إلى إسرائيل ، و تطرق ألون في مشروعه إلى القدس من جانب الاحتواء الكامل و القسري لهذه المدينة ، وهذا ما نلمسه في البند الوارد في المشروع و المتعلق بالمدينة : « العمل على إقامة ضواحي بلدية ، مأهولة بالسكان اليهود شرق القدس، علاوة على إعادة تعمير و إسكان سريعين للحي اليهودي بالبلدة القديمة من القدس ، و هذا الأمر ترجم عملياً في السنوات الماضية، حيث أصبحت المستوطنات اليهودية تحيط بمدينة القدس من كافة الاتجاهات عبر اطواق استيطانية محكمة .ثالثاً : مشروع أبا إييان ( 1968): طرح المشروع في 9 / 10 / 1968، و قد تضمن البند الخاص بالقدس : « إن إسرائيل مستعدة لمناقشة التوصل إلى اتفاقيات مناسبة مع هؤلاء الذين يعنيهم الأمر بشأن القدس « و قد عارض أبا إييان فكرة إيجاد حل تعرضه الدول الكبرى ، و وصفها بأنها أبعد الأفكار عن الواقعية على الإطلاق .رابعاً : مشروع غولدا مائير ( 1971 ) : جاء في 9 / 2 / 1971 ، جاء في المشروع ، و في بند خاص بالقدس « تبقى القدس موحدة ، و جزءاً من إسرائيل.خامساً: مشروع مابام للسلام ( 1972) ، وتضمن مشروع حزب مابام في 27 كانون الأول 1972، بنداً خاصاً عالج فيه وضع القدس على النحو التالي: « إن القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل و تضمن في تسوية السلام الخاصة بالإدارة الذاتية ،للأماكن المقدسة للمســلمين و المسيحيين ، و يعترف في كل مفاوضات حول السلام مع الدول العربية المجاورة بحقوق السكان العرب كأقلية قومية ، ويتم ضمان أوضاع بلدية خاصة بالسكان العرب في القدس، في إطار المدينة الموحدة . عندما يتحقق السلام ما أن تعارض إسرائيل أن يوكل العرب في القدس الشرقية حق الاختيار بين الجنسية الإسرائيلية و جنسية الدول المجاورة ، و تحفظ حقوق الذين يختارون الجنسية المجاورة كمواطن القدس.سادساً : مشروع بن غوريون ( 1972) : ذكر بن غوريون في 8 / 9 / 1972 ، أن هناك احتمالاً نظرياً لتوقيع معاهدة سلام بين إسرائيل و الدول العربية في غضون الخمس سنوات القادمة « و يعتقد أنه في حال توقيع الدول العربية معاهدة سلام فإنه من الصواب أن تعيد لهم إسرائيل جميع الأراضي، عدا القدس و الجولان و المناطق التي نشأت فيها مستوطنات بما في ذلك المستوطنات في الضفة الفلسطينية .سابعاً : مشروع دايان ( 1972 ) : في 6 / 10 / 1972 ذكرت إسرائيل بأن موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي انذاك ، يفضل ألا يحل السلام بين مصر و إسرائيل ، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الحدود السابقة ، وقد أدلى دايان بهذه الأقوال في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة « فيغارو» الباريسية ، و ختم حديثه مؤكداً أن الحدود مع هضبة الجولان ستبقى كما هي عليه اليوم تقريباً ، على بعد 45 كيلو متراً من الحدود القديمة ، و ذكر دايان أن في الإمكان الوصول إلى تسوية حول مدينة القدس ، تمنح معها الأماكن المقدسة ما أسماه بالوضع الـخاص ، و لكن المدينة يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية و القانونية ، على حد زعمـــه ، و أردف أن لا مجال لاقامة دولة جديدة في الضفة الفلسطينية .
وبعد اتفاقات اوسلو وبالتحديد في عام 1996 اكد حزبا العمل والليكود في وثيقة مشتركة وجهة نظرهما من قضايا الوضع النهائي بما فيها قضية القدس ، حيث أكدا ان القدس الموحدة بشقيها الشرقي والغربي حسب وجهة النظر المذكورة يجب ان تبقى العاصمة الابدية لاسرائيل .و يلاحظ المتتبع للشأن الإسرائيلي الداخلي و الخطاب السياسي للأحزاب الإسرائيلية أنه منذ عام 1967 و حتى عام 2012 بأن كافة المشاريع التي طرحت إزاء القدس من قبل سياسيين كبار أو أحزاب ، أو أكاديميين إسرائيليين في ندوات عقدت في الجامعات الاسرائيلية او مؤتمرات هرتسيليا ، تمحورت حول إبقاء القدس الموحدة بشقيها الغربي المحتل عام 1948 و الشرقي المحتل عام 1967 ، عاصمة أبدية لاسرائيل ، من خلال إبقاء السيطرة الإسرائيلية على مدينة القدس وفق حجج قانونية و سياسية وأمنية في غالب الأحيان ويستدل على التطبيق الاسرائيلي لتك المخططات والرؤى من خلال القوانين الصادرة لتسريع النشاط الاستيطاني في المدينة وشرعنته في ذات الوقت .