أو أن نطلق أنفسنا عليها بمزاجية الفرد وخبرته المهلهلة، ومانعيشه في سورية أزمة كبرى بكل المعايير والأبعاد ولهذا لابد من توضيح ثوابتها باستمرار وهي ثلاثة كما أسلفنا أولها أن مايجري علينا وفينا هو مؤامرة كونية كبرى وذلك واضح من خلال حجم الاصطفاف الدولي والإقليمي و(العربي) مع الأسف علينا ومن هذا التغول في استخدام كل أسلحة التدمير المادية والمعنوية من آلة حرب ومالٍ مشبوه وإعلام مخادع ونفوس ارتضت لحياتها أن تباع وتشترى بالثمن المطروح وبحيث يكون القتل مهمتها الأسهل والأرخص.
وثانيها أنه لابد من الإحاطة بمساحات وأبعاد هذه الحرب على سورية باعتبارها حرباً كونية فعلاً، ومازلت أعتقد بأن الحربين العالميتين الأولى والثانية صارتا الآن جزءاً من حجم الحرب على سورية ونعلم تماماً أن معايير هذا المصطلح تأخذ حضورها من خلال التدمير الشامل لمجمل عناصر الحقيقة القومية والإنسانية المستوطنة تاريخياً في سورية، وكذلك من خلال هذه الرؤيا التي صار يتبناها الكثيرون من أصحاب الرؤية في العالم وأساسها أن عالم اليوم سيكون مختلفاً تماماً في مرحلة مابعد الحدث السوري عنه في مرحلة ماقبل الحدث، ذلك أن الانقسام الدولي وما يتخلق منه من نظام عالمي جديد إنما يصدر في بداياته ومساراته الواضحة عن طبيعة هذه الحرب على سورية وكما قال بوتين إنه بناءً على طريقة التعامل والتعاطي مع الأزمة في سورية سوف تحدد مواصفات العالم الجديد.
وثالث هذه الثوابت يقع ضمن فكرة حساسة هي أن الهدف الأساس من كل مايجري ينسجم تماماً مع مبررات هذا الذي يجري وبذلك فإن المطلوب هو تدمير سورية الوطن والموقف الراهن والتاريخ والذاكرة ومسيرة لم تتوقف من الشهداء وإضافات حضارية اقتبسها العالم كله وكانت سورية أمها وأباها، وقد يفصح كل ثابت عن وجوده بمقادير أوضح وبحرارة أعلى ولكن المحصلة تبقى ثابتة في النهاية فمنظومة الثوابت لاتغيب عن الذهن الاستعماري ولاتنكفئ عن نظام التغذية الفكرية والنفسية والإعلامية لمجموعات الحقد والإرهاب، وبالتالي فإن كل ثابت يصب في الآخر يغترف منه ويتقاطع معه والحكم في ذلك هو السلوك المناسب لتدمير سورية في هذه اللحظة أو تلك تبعاً لتطور الوقائع على الأرض وتبعاً لانعكاس ذلك على مجموعة القوى المشتركة في الجريمة وقد يحق لنا أن نميز بين ثابت وآخر، لكنه لايجوز عزل الثابت عن الآخر فالأسلحة المستخدمة ضد سورية بالمعنى المادي والمعنوي تنبع من مصدر واحد وتصب في مستنقع واحد.
وهكذا نلاحظ مقدار الترابط العضوي بين الخارج والداخل في الأزمة وبين الغريب والمواطن وبين البدايات واللحظة الراهنة ولإنجاز هذا المعنى نرى تلك الحركة المريبة والمفعمة بالحقد والمزودة بخبرة الكذب والنفاق وهي تعبر عن توجهها من خلال المؤتمرات والاجتماعات التي لاتهدأ ولاتغيب في أوساط المؤسسة العالمية عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولجنة حقوق الإنسان والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة وكذلك من خلال الاجتماعات المخططة أو الطارئة مرة في اسطنبول ثم في القاهرة وبعدها في باريس ولافتات هذه الأنشطة معلنة مع نسبة فاقعة من التضليل فيها ولايتورعون أن يقولوا إن أغلبها هوأنشطة ومؤتمرات من قبل أصدقاءسورية.
وفي مركز هذه المؤامرة الكبرى يقبع العقل الذي يضطلع بمهمة التنسيق والربط وهذا مانراه من خلال إشارتين مهمتين أولاهما هذا الإصرار على تغذية عصابات الداخل بالإرهاب والإرهابيين من الخارج تحت مسميات دينية متحجرة وحاقدة على كل مخلوق متحضر على سطح الأرض، وندرك الآن ماذا يعني وجود مجموعات من القاعدة ومن معتنقي الوهابية السوداء ومن الحاقدين على الإسلام والعروبة والخير دفعة واحدة، ثم نتابع الإمداد بالسلاح والمال الحرام لمجموعات الإرهاب.
في الداخل السوري تحت غطاء محموم يقدم لهم هو أن الغرب الاستعماري والمال العربي ضمانتكم الكبرىأيها المجرمون في الداخل ولكي تكتسب حالة الإمداد هذه مشروعيتها المختلقة يتم اللجوء إلى الفكر الإسلامي المختطف والذي يوظف على نحو كيفي وبشع في تأجيج الفتنة وتسويق القتل وتبرير التدمير.
إنها فقرات ملعونة كل منها هومقدمة لفقرة أخرى ونتيجة لفقرات مطروحة في التداول وهذا ماتفترضه منهجية التكامل العضوي مابين الفكر الاستعماري والإرهاب ومابين المنطلق العقائدي وإنجاز الموت مادياً ومابين الوسائل المستخدمة والمصادر التي تحكمها وتسيرها. ولعله في هذا السياق نذكر ولانتذكر أن اللجوء إلى إنجاز المجازر المروعة في الداخل السوري كما حدث في الحولة والقبير وكما حدث في الأمس القريب في التريمسة هوأمر مقصود لذاته لكي تنمو ثقافة عن سورية أساسها المذابح والقتل ولكي تستثمر أرواح البشر ودماء الأبرياء في جلسات مجلس الأمن ومن إعطاء المدى للحاقدين بأنه لم يعد من سبيل لمعالجة الأزمة السورية سوى الذهاب إلى الفصل السابع وفي المحصلة فإن الهدف المركزي هوأن يدمروا سورية وعندها يكون الطريق سالكاً أمام الاستعمار المتجدد.