ثم صدر المرسوم التشريعي رقم /23/ بتاريخ 14/2/2011 ويعتبر نافذاً اعتباراً من 1/3/2011 حيث أخضع تلك العقود لضريبة دخل بمعدل /10%/ من بدل الإيجار السنوي الوارد في عقد الإيجار على أن لا تقل الضريبة عن مثلي الريع المالي السنوي للعقار المؤجر.
تكمن المشكلة التي ظهرت في العقود التي خضعت لأحكام المرسوم /52/ لعام 2006 وممتدة حتى تاريخه أي ما بعد صدور المرسوم /23/ والسؤال إلى أي من المرسومين ستخضع تلك العقود لاستيفاء ضريبة الدخل؟
لقد توالت الأسئلة والاستفسارات من الدوائر المالية في المحافظات اعتباراً من صدور المرسوم /23/ أي منذ الشهر الثالث من عام 2011 .. وجاء الرد من قبل هيئة الضرائب والرسوم – مديرية التشريع الضريبي في 12/3/2012 وتبلغته بعض الدوائر المالية بعد شهر من صدوره.. والسؤال أيضاً هل تم حلّ المشكلة بشكل جذري؟ أم إن مشكلات أخرى تداعت بموجب الاجتهاد المذكور ؟
·حول هذا السؤال أجابنا الدكتور مدين الضابط عضو الهيئة التدريسية في جامعة تشرين – كلية الاقتصاد الثانية بطرطوس والاختصاصي في شؤون الضرائب والمالية قائلاً: كان على الإدارة الضريبية عند إصدار المرسوم التشريعي رقم /23/ أن تتنبه لهذه الإشكالية لكن ذلك لم يحصل وهذا خلل في التشريع..
إن مرور أكثر من عام لإصدار الاجتهاد أو التعليمات السابقة هو بحدّ ذاته دليل جديد يتعلق بمرونة الإدارة الضريبية العليا والدوائر المالية وآليات الاتصال والتواصل.. وهذا كرّس من حالين متناقضين اتسم بهما التشريع الضريبي السوري منذ إصدار القانون /24/ لعام 2003 الذي يفترض أن يكون إصلاحياً بعد انتظار دام أكثر من /50/ عاماً أي من تاريخ إصدار أول تشريع جامع للضرائب على الدخل في عام 1949 .. الحال الأول: التعديل المستمر على القانون /24/ (القانون/41/, القانون/60/, المرسوم/51/, المرسوم/52/, المرسوم/23/,......) مما افقد التشريع صفة الاستقرار .. والحال الثاني الجمود في الردود والمعالجات الضرورية الآنية.. مما ترتب على الحالين ارتفاع العبء الضريبي على المكلفين ( بالمفهوم الحديث ) أو في ضياع موارد مالية محتملة على الخزينة.. ولعل هذا الأمر يأتي أساساً في ضوء خلل بنيوي يعاني منه النظام الضريبي منذ عقود وهو ما يفسر معدلات التهرب الضريبي المرتفعة وانخفاض الحصيلة الضريبية أو انعدام العدالة الضريبية ناهيك عن عدم مرونة هذه الأداة في إحداث التغييرات المطلوبة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي كأداة تدخلية.
عقلية جبائية
·ويتابع الدكتور الضابط: إن ذلك مؤشر على تكريس العقلية الجبائية واستمرار التعاطي بمنطق الآمر والمأمور لا بمنطق المشاركة سواء بين الإدارة الضريبية العليا وبين الإدارات المتوسطة والدنيا.. أو ضمن مديريات المال نفسها بين الأقسام والدوائر..
وهنا نضرب مثالاً من تشريعات ضريبية متقدمة كالتشريع الضريبي الأمريكي (مع رأينا السياسي المعروف بهذه الدولة ).. حيث لا يتم عادة إصدار أي مشروع ذي صلة بتشريع يتعلق بالضرائب أو بآليات أو معايير أو تعليمات حتى يتم عرضها من قبل الإدارة الضريبية على نخبة من موظفي الإدارات في مختلف الولايات في إطار ما يسمى بمعهد منفذي الضرائب /TEI/ المعنيين أولاً وأخيراً بتطبيقها بعد إصدارها والأكثر دراية ببيئة التطبيق وعلى تماس مباشر مع المكلفين أو دافعي الضرائب.. الأمر الذي قلل إلى حد كبير من الوقوع لاحقاً بثغرات أو جوانب قصور وبنفس الوقت يحمل هؤلاء مسؤولية المباشرة عن سلامة وجودة عملية التطبيق لاحقاً.
·ويؤكد د. الضابط للثورة أن التعليمات المذكورة لم تحل المشكلة المتعلقة بتلك العقود الممتدة منذ عام 2007 وخاصة العقود التي تم طرح الضرائب عليها وتحققها اعتباراً من 1/1/2012 وقام العديد من هؤلاء بتسديد الضريبة المتوجبة.. وتعد هذه العقود بالآلاف على مستوى مديريات المال في المحافظات .. حيث سيتم استدعاء المكلفين الذين قاموا بعملية السداد سابقاً ليسددوا الفروق المتوجبة وما يترتب على ذلك من مشكلات تتعلق بعملية الاستدعاء والإقناع..
وربما العقبة الأهم التي سوف تواجه عملية تطبيق التعليمات المذكورة هي في توفر الريع المالي المقدر لتلك العقارات المؤجرة..فهل جميع تلك العقارات مفرزة ومقدرة مالياً؟ من الناحية النظرية يجب أن تكون كذلك.. أما من الناحية العملية فالكل يعلم أنه ستكون هناك العديد من تلك العقارات غير مفرزة أو مقدرة مالياً.. وهذا يطرح موضوعاً آخر على جانب كبير من الأهمية يتعلق بجوانب القصور بريع العقارات والضريبة المترتبة ليس على ذلك الريع المقدر وحسب بل وبضرائب أخرى تتعلق بذلك الريع كضريبة القانون /41/ مثلاً.. وإن إصلاحاً يطال هذه العملية يوقف أولاً النزيف المالي المتعلق بعمليات التلاعب والتهرب الموجودة في بعض هذه المعاملات.. كما يمكن أن يزيد الحصيلة بشكل عام من طرح الضريبة وفقاً للمقدرة التكليفية في إطار الضريبة الموحدة مما يطال أصحاب الثروات والعقارات والدخول المرتفعة.. وخاصة في ظل انخفاض الإيرادات من الضرائب العقارية ( العودة إلى الموازنات العامة للدولة وقطع حسابات الموازنة) وهذا يتماشى أيضاً مع الدستور الجديد والفكر الإصلاحي المطلوب.. وربما تجدر الإشارة هنا إلى أهمية التعديلات التي أجريت حالياً في إطار تبويب الموازنة ولكنها غير كافية عند الحديث عن إصلاح المالية العامة بشكل عام بما فيها منهجية الموازنة المتبعة والإصلاحات الأخرى ذات العلاقة.
·ويختم د. الضابط رأيه بالإشارة إلى أنه كان الأجدى بالهيئة أو وزارة المالية بوضع التعليمات مباشرة مع إصدار المرسوم /23/ لمعالجة هذه القضايا .. أو أن تكون متضمنة بالمرسوم نفسه بمادة مستقلة وليس الانتظار لمدة عام كامل ومن ثم إصدار تعليمات تضيف تعقيداً وأعباء جديدة..وإذا كان المطلوب زيادة الرسوم بسبب ازدياد بدلات الإيجار فهذا يطبق على العقود الجديدة وفي حينه.. لذلك كان يمكن حل المشكلة ببساطة باستمرار سريان المرسوم /52/ على العقود التي خضعت له أساساً.
رأي المالية
·تابعنا هذا الموضوع مع الجهات المعنية في مالية طرطوس والهيئة العامة للضرائب والرسوم فرداً على سؤالنا الأول المتعلق بإمكانية تطبيق الرأي الوارد بكتاب مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم رقم 2476/3/ص.هـ تاريخ 12/3/2012 على العقود المستمرة التي كانت خاضعة لأحكام المرسوم /52/ لعام 2006 والعقبات التي يمكن أن تؤخر عملية التطبيق والأعباء الإضافية التي ستترتب على المكلفين أجاب مدير مالية طرطوس : يمكن تطبيق مضمون الكتاب على العقود المستمرة والتي كانت خاضعة لاحكام المرسوم /52/ لعام 2006 بالرغم من وجود بعض الصعوبات والعقبات منها أن هذه العقود تتطلب الحصول على قيم تخمينية للعقارات والتي بعضها غير مخمن لتاريخه مايؤخر عملية التطبيق أما الاعباء الإضافية التي ستترتب على المكلفين فهي زيادة الضرائب إلى 10% بدل من بدل الإيجار المذكور في العقد أو مثلي الريع السنوي للعقار المؤجر أيهما أكبر بدلاً من 5% التي كانت تؤخذ سابقاً في ظل المرسوم التشريعي رقم 52 لعام 2006 .. ويمكن تذليل هذه الصعوبات بزيادة عدد العاملين لتنفيذ ذلك.
·أما مدير التشريع الضريبي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم فيقول: إن تعليماتنا رقم 2476/3/ص.هـ تاريخ 12/3/2012 تضمنت تطبيق أحكام المرسوم التشريعي رقم 52 لعام 2006 على عقود الإيجار المنظمة في ظله والممتدة لأكثر من سنة حتى نهاية عام 2011 أو حتى نهاية العقد إذا كانت نهايته عام 2011 وعلى أن يتم تطبيق أحكام المرسوم التشريعي رقم 23 لعام 2001 على تلك العقود اعتباراً من أول عام 2012 وذلك حفاظاً على مبدأ سنوية الضريبة كون هذه الضريبة تفرض وتحقق سنوياً عن عقود الإيجار المنظمة كل عام على حدة ومستقلة عن الأعوام السابقة كما لا توجد هناك أي صعوبات تقف بوجه أحكام المرسوم التشريعي 23 لعام 2011 ولا سيما التقدير المالي كون العقارات التجارية يجب أن تكون مقدرة.
·وحول إمكانية إيجاد آلية أخرى أفضل من الآلية المذكورة في الكتاب 2476/3/ص.هـ قال مدير مالية طرطوس لا يوجد.. أما مدير التشريع الضريبي فأكد أن الآلية المتبعة حالياً تلبي متطلبات الإدارة الضريبية والمكلف على حد سواء لاعتمادها على أسس واضحة وسهلة لتسيير أعمال المكلفين بشكل سريع وبإجراءات بسيطة بعيدة عن التعقيد.
·أما عن المنعكسات السلبية على المكلفين بسبب التأخير في إعطاء الرأي النهائي في هذه القضية فهي من وجهة نظر مدير مالية طرطوس تتركز على أعباء ضريبية لدفع فروقات الضريبة الواردة في التعليمات.. أما من وجهة نظر مدير التشريع الضريبي فلا توجد أي منعكسات سلبية على اعتبار أن هذه الضريبة تفرض على بدل الإيجار الوارد في العقد وذلك بنسبة مئوية منه والمصرح به من قبل الأطراف المتعاقدة.. وإذا كانت القيمة المصرح عنها متدنية يتم اعتماد مثلي الريع المالي السنوي للعقار المؤجر حيث أن الريع المالي للعقارات التجارية المؤجرة يتناسب وموقع العقارات المؤجرة.
·وحول عدد العقود التي سيعاد تحقق وفرض الضريبة عليها في طرطوس في ضوء كتاب الهيئة العامة للضرائب والرسوم أشار مدير المالية أنها تبلغ نحو /3500/ عقد ممتد.
أخيراً
في ضوء ما تقدم نعتقد أنه لا بد من إعادة النظر بالتشريعات والتعليمات الصادرة بخصوص هذه الضريبة.. وصولاً لتبسيط الإجراءات وتحقيق العدالة ومصلحة الخزينة.