تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


غرفة تجارة دمشق تتناول الإصلاح الاقتصادي من أبواب التربية والثقافة .. وإعادة توزيع الثروة

الثورة
اقتصاديات
الأربعاء 18-7-2012
علي محمود جديد

أشرنا في مادة سابقة قرأنا من خلالها بعض ما تضمّنه التقرير الذي رفعته غرفة تجارة دمشق بمذكرة للجهات المعنية، أشرنا إلى الاهتمام الاستثنائي وغير المسبوق الذي أبدته الغرفة بالشأن الزراعي،

من حيث الاهتمام بالزراعات القابلة للتصنيع وبالاستثمار الذي حثّت عليه الغرفة في مجال الصناعات الغذائية، غير أن تلك المذكرة كانت تضمنت جملة الأسس المطلوبة بمنظار القوى التجارية لعملية الإصلاح مع التركيز على تقديم مجموعة من المقترحات العملية التي تخدم عملية الإصلاح وتؤدي إلى نجاحها، حسب تعبير المذكرة.‏

واللافت أنَّ هذه المذكرة التجارية ربطت بشكلٍ بارع عملية الإصلاح الاقتصادي بالإصلاح الاجتماعي وضرورة الاهتمام بالتربية والتعليم والثقافة وإتاحة كافة الفرص لزيادة الثقافة العامة للمواطن بأيسر السبل واقل التكاليف، وهذه اللفتة تشير بوضوح إلى مدى القناعة التي توصلت إليها الغرفة بمثل هذا الربط الدقيق، والتي ربما ظهّرته بهذا الوضوح تلك الأحداث الجارية حالياً في سورية والتي من المُعتقد أنَّ للأوضاع الاجتماعية والتربوية والثقافية دوراً ساهم في مثل هذه النزعات الجديدة على مجتمعنا والتي أدّت بالنهاية إلى استسهال مواجهة الدولة بالسلاح، والغرفة من الواضح أن التفاتتها إلى هذه الناحية تشير بشكل غير مباشر إلى مدى الانعكاس السلبي لمثل هذه الأحداث على الحياة التجارية ونشاطات التجّار، والأمر كذلك فعلاً، وهي صرخة من الغرفة كي تبدأ الدولة في إعادة النظر بطبيعة توجهاتها الاجتماعية والثقافية والتربوية، الأمر الذي ربما يحتاج إلى فكر جديد ومعطيات مختلفة يمكنها تحصين المجتمع أكثر فأكثر من الانزلاق نحو مثل هذه المخاطر.‏

وركّزت المذكرة على ضرورة الوصول إلى حالة من الاستقرار في عملية الإصلاح الاقتصادي، وضمان عدم تعرّض الحياة الاقتصادية للقلق والاضطراب، وكان هذا التوجّه واضحاً في المذكرة وقتما أشارت إلى ( ضرورة اعتماد منهج للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي واجب الإتباع ومراقب بشكل دائم وغير قابل للتغير بصورة مزاجية ) فلم يعد مقبولاً بنظر الغرفة إصدار القرارات التي تمس العمل التجاري إن لم تكن مشبعة إلى حد كبير بالدراسة والتقييم قبل إصدارها وتلمُّس آثارها المستقبلية بدقة .‏

كما أدركت الغرفة في مذكرتها نقطة بالغة الأهمية من شأنها تحقيق نوع من تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية التي يتطلّع إليها أغلبية الناس، وهذه النقطة هي المطالبة بإعادة توزيع الثروة، وعلى الرغم من أن الغرفة لم توضح شيئاً عن مفهومها لإعادة التوزيع هذه، فإن هذا التوجّه يشير إلى تأملها بكل ما من شأنه خدمة النشاط التجاري بمفهوم اجتماعي جديد، يخدم جميع الأطراف .. المنتج .. والتاجر .. والمستهلك، فعندما يتساوى الناس في نصيبهم من الثروة يزداد العمل التجاري نشاطاً، بغض النظر عن تواؤم هذا التوجّه مع توجهات الكثير من القوى السياسية التي تُقرُّ بمبدأ توزيع الثروة هذا، وتبعاً لابن خلدون في مقدّمته فإن سوء توزيع الثروة يشيع بين الناس حالة الفساد والرشاوى، وإن كانت غرفة تجارة دمشق تعني ما تقوله فعلياً بمختلف الأبعاد فإن أكبر عدو حقيقي للتجارة هو الفساد والرشاوى، فهي التي تُحاصر العمل التجاري، وتُرهق هذا المرفق بأهم حالتين ( السعر والجودة ) وإن كانت الغرفة أيضاً تعني ما تقوله فعلياً فإن على التجار أمام دعوتهم هذه لحسن توزيع الثروة أن يُشمّروا عن سواعدهم للاهتمام بأوضاع الناس أكثر وزيادة استثماراتهم لاستقطاب فرص عمل جديدة تترجم بشكل أو بآخر عملية توزيع الثروة، لا أن يكتفوا بنجاحات أعمالهم وتحقيق الأرباح الطائلة وتكديسها وتجميدها بانتظار أرباح أخرى تُضاف إليها .‏

بالتأكيد نحن مع كل تاجر يسعى لتحقيق الأرباح، بل ومن واجب كل تاجر أن يفعل ذلك، وإلا يكون ساذجاً وفاشلاً، فربح التاجر يعني أنه يعمل ضمن نطاق الكفاءة الاقتصادية التي من شأنها توليد الفرص وتوفير السلع وتأمين خدمات ضرورية للناس وتحقيق الأرباح التي تُمكّن التاجر من زيادة استثماراته التي تنعكس على شكل فرص عديدة من ضمنها فرص العمل إن كان قد أشبع رأسه فهماً حقيقياً لمسألة إعادة توزيع الثروة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية