تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لعبة أمم .. ودولٌ ضحيّة ؟!

فضائيات
الأربعاء 8-8-2012
رمضان إبراهيم

إذا كان العالم الجغرافي العربي أبو الحسن الصوفي المتوفى عام 986م هو أول من قال إن الأرض كروية وصنع لهذا الغرض كرة من الفضة كبيرة الحجم يمكننا أن نعتبرها أقدم كرة وصلت أخبارها إلى المهتمين بعلوم الجغرافية في عصره قبل علماء أوروبا بعدة قرون.

وفي منتصف القرن الثاني عشر الميلادي صنع العالم الجغرافي العظيم الإدريسي كرة ضخمة تزن 400رطل من الفضة الخالصة منقوشاً عليها صور الأقاليم السبعة ببلادها وأقطارها وبحارها وأنهارها بدقة متناهية حيث كان مصطلح الأقاليم السبعة في ذلك الحين يعني جميع البلاد المعروفة في العالم.‏

وإذا كان التاريخ قد حفل بالعديد من القصص والروايات والأخبار عن تكالب بعض الدول الكبيرة والقوية على الدول الضعيفة طمعاً في نهب ثرواتها أو تصدير المنتجات إليها ( جعل تلك الدول الفقيرة سوقاً لها) فإننا شهدنا في الماضي البعيد والقريب ونشهد في الحاضر تكراراً لتلك الممارسات دون أيّ رادع أخلاقي أو إنساني!. والمتتبع لحركة الشعوب على وجه هذه الكرة الأرضية المعذبة يعلم علم اليقين أن التاريخ يعيد نفسه ولكن بأسماء وطرق وأساليب خبيثة تخفي تحت جلبابها أطماعاً وجشعاً لا يمكن لكل ذي بصيرة إلاّ أن يراها.‏

لقد تنوعت الأساليب وتعددت المصطلحات التي اتبعتها تلك الدول في لعبتها القذرة وتحالفاتها اللعينة للسيطرة على إرادة الحياة لبعض الدول الفقيرة والتنعّم بمواردها الطبيعية فعمدت إلى اذكاء القضايا الخلافية واللعب على أوتار الفتنة أينما وجدت ومن هنا كان التناحر بين أبناء العمومة في أكثر من مكان وفي أكثر من دولة وما الحروب التي حفل بها التاريخ سوى دليل على تلك اللعب القذرة التي كانت تدار على أكثر من صعيد وعلى أكثر من مسرح !‏

لقد جاد العقل الاستعماري بالمثل القائل ( فرّق .. تسد) وهذا ما ينطبق تماماً على الأسلوب المتبع في سبيل تحقيق الأهداف اللعينة للأمم والدول الطامحة والطامعة في السيطرة على مقدرات الشعوب الفقيرة والضعيفة لا بل وحتى بعض الدول القوية وجِد من يخترقها من داخلها ويلعب على أوتار الفتنة فيها ونتيجة للضعف الثقافي والمعرفي وجدنا أن تلك الدول قد انقسمت ورسمت الحدود بين مفاصلها ليستمر فيما بعد اللعب على المتناقضات الداخلية فيها لتستمر الأزمة ولتسود حالة من التشرذم والتبعية وليبقى الشعب هو الذي يدفع الضريبة الكبيرة من سعادته ورفاهيته وأمنه.‏

ربما من هنا كانت فكرة برنامج ( لعبة أمم ) الذي تعرضه قناة الميادين ويعده ويقدمه الإعلامي المتميز سامي كليب الذي (انشق) عن قناة الفتنة والكذب وأعني هنا قناة الجزيرة القطرائيلية. في هذا البرنامج يعالج الإعلامي سامي كليب حالات من الماضي والحاضر لعدد من الدول التي كانت هدفاً لتلاعب دولي خبيث أدى إلى تفتيتها وتقسيمها وصولاً إلى إضعافها وبالتالي السيطرة عليها .‏

في الحلقة الماضية كان السودان (أكبر دولة عربية) هو موضوع الحلقة وتم الحديث مطولاً عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى نجاح المؤامرة عليه وبالتالي تقسيمه بعد سنوات طوال من التناحر(العبثي) والقتال بين جنوبه الغني بالثروات والذي يضم أكثر من سبعين في المئة من ثروات السودان وبين الشمال الفقير. طبعاً كان للدور الإسرائيلي الوقت الكثير من البرنامج حيث تحدث الضيوف عن العلاقات السرية بين زعماء الجنوب وبين أجهزة استخبارات عالمية كان لها الدور الكبير في ما حدث وعلى رأسها الموساد الإسرائيلي!‏

إذا كان الوطن العربي بما يملك من ثروات وإمكانيات هائلة سواء أكانت بشرية أو اقتصادية أو مائية هو الكرة التي تتقاذفها الدول الاستعمارية من الماضي البعيد إلى يومنا هذا والتي كان العرب كما ذكرنا هم أول من صنعها فهل سيأتي اليوم الذي تصحو به شعوبه وتنفض عن كاهلها الغبار كي تخرج من دائرة التنافس واللعب بين الأمم للسيطرة عليه؟!. طبعاً هذا ما يتمناه كل عربي شريف كي لا نبقى الكرة التي يتقاذفها الآخرون فينتصرون علينا ونخسر نحن دائماً في هذه اللعبة الخبيثة التي تلعبها الأمم!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية