ا وبعيداً عن الفقرات التي تبثها فضائية الدنيا في فقرتها عن التضليل الإعلامي، إذ تتوسع فضائية فرانس24 لتشمل جغرافية فقرتها بلداناً مختلفة كان آخرها بورما وما تحدثت عنه بعض وسائل الإعلام من أحداث مؤسفة لتوضح فرانس24 أن معظم الصور التي وزّعها المتعاطفون مع قضية جزء من الشعب البورمي إنما كانت صوراً قديمة جرت أحداثها في أماكن مختلفة من العالم ولتؤكد أن هذا السلوك الإعلامي المنحرف لا يخدم قضية جزء من الشعب البورمي بشيء، لكن يبقى الوضع في سورية مسيطراً على مواد هذه الفقرة في فضائية فرانس24 وبأسلوب مشابه من ذاك الذي تتبعه فضائية الدنيا .
والواقع أن هذا النوع من المواد التلفزيونية حديث على الفضائيات العربية، فإلى جانب الدنيا تقوم الفضائية السورية أحياناً ببث ما يشابهه ولكن بشكل غير منتظم، ومنذ أن بدأت فضائية الدنيا ببثّه انقسمت الآراء حوله، فمنهم من وجد فيه مادة إعلامية حِرَفيّة وموضوعية، ومنهم من اعتبره جزءاً من الحرب الدعائية.. وبغضِّ النظر عن الرأيين فإنه من الملاحظ أن من أيّد شكل ومضمون هذه الفقرة على الدنيا أو على الفضائية السورية كان يهمّه التقاط مختلف الإشارات والتعامل معها بما يساعد على الوصول إلى الحقيقة ما أمكن، أما من لم تعجبه الفقرة وشنَّ عليها هجوماً لاذعاً فما عُرِف عنه إلا التشبّث الأرعن بالموقف الواحد والنظر بعين واحدة والمكابرة في كل المواقف والأفكار، ولكن هل سيظل هذا النموذج على نفس موقفه وهو يرى فضائية فرانس24 تعمل على كشف بعض الأكاذيب بأسلوبها الخاص الذي تستحق عليه التحية بعيداً عن أي نظرة أحادية لا تتزحزح من مكانها؟
السؤال الأهم وأخطر هو ماذا سيكون موقف جامعة (الدول) العربية من فضائية فرانس24 وهي تراها تخطو نفس الخطوات التي خطتها الدنيا وأدّت إلى منع بثّها على أقمار عربسات ونيل سات؟ وهل ستتخذ جامعة (الدول) العربية نفس الإجراء تجاه فرانس24 فتوصي بمنع بثّها على الأقمار التي تمون عليها الجامعة؟
بالطبع لن تتجرأ الجامعة على اتخاذ هذه الخطوة لأنها ودولها أضعف بكثير من تحمّل تبعات هذا التصرّف وما سيستتبعه من اتهامات للجامعة من معاداة لحرية الصحافة والإعلام، وهو الاتهام المشروع في مكان والممنوع في مكان آخر .
بنفس الوقت لا نريد أن نعطي الانطباع هنا أن فرانس24 قد غدت موضوعية في أدائها، فمازال عنوان أدائها الإعلامي الأبرز هو الاعتماد على مصادر ثبت عدم موثوقيتها، ولكن مما لا شكّ فيه أن فقرة التضليل الإعلامي التي تبثها تشير إلى أن بعض محرريها أخذوا يستفيقون من الغفوة الإعلامية والضمائرية التي طالت وطالت وطالت .