يخطئ من يراهن على إرادة المواطن الحلبي، وعلى وعيه وقوميته وعروبته، فهو منذ بداية الأزمة السورية، لم يك إلا في موقع الابن البار الذي أدرك ما يحاك ضد أمته السورية، ولهذا قرر الوقوف في صفّ (الأم) ضد كل من يود النيل منها، ومن عروبتها وقوميتها، ومن دعمها لتيار المقاومة، ومازال عند ثباته السوري والعروبي هذا، ولن تزعزعه نيران العالم كله.
وما المظاهرات التي كانت تخرج في بعض المناطق والأحياء في هذه المدينة، والتي يقطنها كثيرون ممن جاؤوها من مدن أخرى منذ سنوات طويلة، أقول ما تلك المظاهرات إلا تعبير عن دافع انتقامي، له دوافعه العديدة التي يقف وراءها كل من يراهن على سقوط الدولة السورية.
المواطن الحلبي لم يك ليشارك في تلك المظاهرات التي لبوسها (الحرية) وهدفها التخريب، وإسقاط الدولة، ولم يعد خافياً على أحد اليوم أن من كان يخرج في تلك المظاهرات، ومن كان يحرّض عليها، له أهدافه وآراؤه السياسية، ولذلك فقد تحالف مع قوى الشيطان من أجل تحقيق تلك الأهداف، ولذلك فلم يعد بخاف على أحد أيضاً أن أفراد تلك المظاهرات يوالون بصورة أو بأخرى لأعداء سورية ممن كشفوا عن حقيقة مآربهم في مشروع الشرق الأوسط الكبير.
ولذلك تناهى إلى سمع الحلبي أن سيأتي اليوم الذي سيدفع فيه الثمن لسبب وعيه وصموده، ولذلك وبعد أن لم يحتفل حلف البترودولار بسقوط النظام السوري (حسب تعبيرهم) بعد تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق، وجدوا ضرورة ضخ مزيد من الإرهاب من تركيا باتجاه حلب ليكون فعل الانتقام، ولتكون الفرصة الثانية لهم لإسقاط سورية، ومن هنا فإن مساحة الدم التي نراها اليوم في حلب بفعل أفراد (الجيش الحر) ضد كل من وقف صامداً بوجه هذا الاعتداء الكوني على سورية، ووقف صامداً مسانداً حكومته ودولته، (ومجزرة آل برّي، وتصفية الشيخ الشامي، واختطاف أخي المفتي العام للجمهورية) دليل واضح لا لبس فيه، هذا عدا عن مظاهر التنكيل والقتل الأخرى التي رأينا بعضها عبر مقاطع الفيديو، ولم نر بعضها الآخر!! تلك المساحة من الدم ماهي إلا فعل انتقامي أرادته المعارضة الخارجية، وعصابتا السعودية وقطر، لتكون حلب المحطة الأخيرة لصمود الدولة السورية.
المواطن الحلبي الذي صمد لمدة يومين من دون خبز، ويستطيع الصمود لأيام أخر حتى من دون ماء، وطنيته وكرامته وشهامته ووعيه تأبى أن يخذل أمته السورية.
حلب المدينة التي سقطت عند أبوابها جحافل الكثير من الأعداء، (وحلب هنا الابنة الثانية لسورية الأم) أعطت دروساً في الصمود، صمود تاريخي أعيا الأعداء المتاخمين عند الحدود.
ولهذا فإن من يراهن اليوم على إرادة المواطن الحلبي، وعلى مدى صموده، نقول له: مساعيك ستبوء بالفشل، وما عليك سوى أن تقرأ جيداً في تاريخ هذه المدينة لتعلم مامعنى (حلب الشهباء) وما الذي سطره أبناؤها عبر تاريخهم الطويل فيها، لا بل ما دلالة قلعتها؛ ليدرك أن نهاية الإرهاب والوهابية ستكون في حلب، وقد أصبح الأمر قاب قوسين أو أدنى، بفعل الجيش العربي السوري الذي يسانده اليوم أهل حلب بكل أطيافهم، ليحقق نصراً تهتز له دول العالم كلها.