|
الإنسان الضعيف معاً على الطريق ما الإنسان القوي وما الإنسان الضعيف؟ وأنا استخدمت هنا (ما) للسؤال عن الماهية, تحسبا من أن ينبري جاهل في العربية لنا بالنقد, والاعتقاد بأن (ما) تستخدم لغير العاقل فقط. الإنسان القوي هو الذي ينظر إلى ذاته بأنها قيمة أعلى, وغاية الغايات, وذات حضور فاعل في الحياة, إيجابي، مليئة بالكرامة, ترفض أن يستبد بها مال وجاه وبشر. إذا كان الإنسان القوي هو هذا, وهو هذا, فإن الإنسان الضعيف هو الصورة المعكوسة لصورة الإنسان القوي, إنه أداة ووسيلة وعاجز سلبي وخال من الكرامة ومستبد به من قبل المال والجاه والبشر. وإذ قلنا إن الإنسان الضعيف يفسد الحياة أيما إفساد أو إفسادا ما بعده إفساد فهذا لأن النتائج السلبية المترتبة على سلوكه أكثر من أن تعد وتحصى. فالذي ينظر إلى ذاته أداة, وأداة مهما كان ثمنها غاليا أو رخيصا, فإنه لا يتوانى عن أن يقوم بعمل ضد الإنسان, أن يقوم بالعدوان بأمر من الآخر, أن يخرق القانون طمعا في مال أو منصب, ويصل حداً من الوقاحة لا مثيل له ذلك أنه غير مكترث بنظرة الناس إليه, ولا إلى صورته القبيحة في عيونهم. وهو إذ فقد كرامته صار سلعة من أرخص السلع, فضلا عن ذلك أن الإنسان الذي فقد وعيه بذاته على أنه غاية الغايات، يصير عبدا للمال وللسلعة ولأي سيد مهما كان هذا السيد وضيعا, وهذا يقوده إلى الفساد والرشوة واستخدام أي وسيلة لزيادة عبوديته للأشياء. الإنسان الضعيف عدواني تجاه الآخر, بل ويكره الآخر ولا يوفر وسيلة للطعن به. تأمل معي الآن أيها القارئ العزيز أن يصل المجتمع حداً يتحكم به الضعفاء من كل الأصناف والذين أول ما يقومون به من فعل قتل الأقوياء والحيلولة دون ظهورهم. ليس في وعي الضعفاء روح الاكتشاف والمغامرة وارتياد المجهول, بل هم أعداء لكل هذا. وتزداد خطورة الضعفاء بأنهم جهلة في كل صنوف الإبداع, ولا علاقة لهم بالأدب والفن والفلسفة والفكر, وآية ذلك أن لا حياة روحية لهم. بل هم غرقى في عالم من القار الأسود والعفن, وحبيسو مصالحهم الضيقة التي لا تتجاوز تلك التي يصبحون عبيدا لها. فيا أيها الأسياد, أيها الأقوياء لا تستسلموا أمام الضعفاء وإلا صرتم ضعفاء.
|