فالسلطان العثماني وصولجان إرهابه (جبهة النصرة) لن يدوما طويلاً خاصة مع خروج موسكو عن برودتها الدبلوماسية، وتوجيه دمشق ضربات عسكرية تحذيرية في إدلب إلى أن الحل هناك بتطهير إدلب والشمال السوري من الإرهاب والاحتلال.
فالتصعيد في إدلب يعكس أجواء خلافية بين موسكو وأنقرة بسبب عدم تنفيذ جميع بنود سوتشي والتي عبرت عنها الخارجية الروسية بشكل واضح منذ ثلاثة أيام خاصة تجاه البند المتعلق بفتح الطرق الدولية حلب دمشق - وحلب حماة، والذي كان مقرراً أن يفتح قبل حلول عام 2019.
ما حقيقة هذا الخلاف وهل هو قائم بالفعل أم لا؟
لا شك أن هذا الخلاف قائم وموجود فالاستدارة التركية هي استدارة وهمية تتأكد من خلال عرقلة الموقف من خلال إظهارها أنها لا تستطيع أن تفرض السيطرة على المجموعات الإرهابية المسلحة التابعة لها بينما هي بالواقع تستطيع لكنها لا تريد، أنها لا تزال تقول للروسي لدينا بعض الوقت من أجل أن ننفذ سوتشي، ويبدو أنها وقفت أمام الاستحقاق الطبيعي خلال اللقاء القادم، إن على أردوغان أن يوضح موقفه من جبهة النصرة الإرهابية ومما يجري في إدلب، لذلك هذا الموقف مطلوب منه اليوم.
نتساءل هل أنقرة تبحث فعلاً عن التصاقها بجغرافيتها وبإقليمها؟
لا يزال أدروغان يناور وما زال يعتقد أنه لديه مساحة وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عندما قال: (إن على تركيا أن تحدد موقفها من جبهة النصرة).
فالقوات السورية المسلحة ومعها حلفاؤها اليوم ربما يتجهون نحو تصعيد عسكري وأعمال قتالية إيجابية سوف تكون محدودة بالجغرافيا حيث إنها ستكون عملية جراحية موضعية ضد جبهة النصرة الإرهابية ومشتقاتها في المنطقة ويمكن أن يكون هذا التأثير الناري المركب الذي يجري اليوم ومنذ عدة أيام يشكل فاعلاً ومؤثراً جداً في كثير من الأهداف ومؤشراً على قرب العملية الدفاعية الاستراتيجية في هذه الجغرافيا.
ويبقى السؤال هل الأولوية لموسكو اليوم في معالجة موضوع إدلب هي التخلص من الجماعات المسلحة المصنفة إرهابياً أم الأولوية ربما انتظار بعض الظروف المناسبة على مستوى المنطقة، منطقة الشمال السوري ككل حتى تنضج الأمور للتخلص من هذه الجماعات أيهما يتقدم على الآخر بالنسبة للروسي؟ تقول التحليلات أنه عندما يخرج وزير الدفاع التركي ويتحدث عن رفع القيود عن استخدام المجال الجوي في إدلب وعفرين ويطالب روسيا بوقف ما يدعيه الانتهاكات التي تمارسها الحكومة السورية لوقف النار.
ربما هذا الكلام يكشف لنا ما هي أولوية دمشق وموسكو سوية فهم يريدون إنهاء ملف الشمال بأسرع وقت ولن يسمحوا للتركي بالتمادي ولكن هي فقط كما العمليات السابقة للجيش العربي السوري وحليفته روسيا ينتظرون الوقت المناسب فهم يعتمدون الأداء التكتيكي، فهذه المعركة مؤجلة نتيجة ضرورات ما يجري من تحولات استراتيجية في المنطقة.
تركيا في الحقيقة تحاول أن تجعل من نفسها عنصراً فاعلاً وأساسياً في المنطقة بما يخدم مصالحها ومصالح الأمريكي والواضح أنها لهذا الوقت لم تعمل للصالح السوري والروسي فهي تحاول نقل الصراع والمعركة باتجاه تل رفعت أو باتجاه منبج وتل أبيض بعد أن تبدأ المعركة والعملية الدفاعية الاستراتيجية على اتجاه إدلب، عندما تنطلق القوات من جهة اللاذقية ومن جهة حماة سوف يحاول التركي فتح جبهة جديدة أو الانتقال بقواته في هذه المنطقة لإشعال منطقة جغرافية جديدة أو أعمال قتالية مستقبلية لصالحه ليفرض فيها متغيراً ما حيث إنه لن يترك قواته البديلة تواجه مصيرها بهذه الطريقة.
التركي لا يزال يحاول القول إنه في منتصف المسافة واللعب في منتصف المسافة ما بين الأمريكي والروسي.
وأيضاً الأمريكي يحاول الاستثمار في هذه المسألة من خلال الصراع الذي يؤجج بين ما يسمى بالميليشيات الكردية في المنطقة والدور التركي وأيضاً تحاول أمريكا تدوير الزوايا ما بين الأكراد والأتراك بمعنى أنه قد نشهد متغيراً جديداً في منطقة تل رفعت وربما في تل أبيض وغيرها هذا المتغير قد يكون في صالح علاقة إيجابية ما بين الأكراد والأتراك.
الجيش العربي السوري لا يزال يواصل رده على خروقات تنظيم جبهة النصرة الإرهابية والنصرة بالمقابل تواصل تخبطها. وعلى خلفية خروقات الإرهابيين لاتفاق إدلب، قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين: (إن الجمهورية العربية السورية تعرب عن إدانتها الشديدة للسلوك الإجرامي المستمر للمجموعات الإرهابية وخروقاتها الدائمة لاتفاقيات خفض التصعيد وتؤكد على الجاهزية العالية والتامة للجيش العربي السوري في التصدي لهذه الجرائم والخروقات وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الجرائم).
لقد برهنت الأحداث الأخيرة سواء كانت ميدانية أم سياسية في المناطق التي حررها الجيش العربي السوري من الجماعات الإرهابية أن الشمال السوري سيتحرر أيضاً وتعود إليه سيطرة الدولة السورية وهذا ما تقوله سورية فالانهيارات في صفوف قيادات الجماعات المسلحة هي أمر أكيد فالشمال السوري على أحر من الجمر ينتظر دخول الجيش العربي السوري لتحريره من سيطرة الإرهاب وإن غداً لناظره قريب.