الان اذا عادت الضغوط التضخمية بسرعة يمكن توقع ارتفاعات حادة ابرزها سترصد محليا على صعيد اسعار المواد الغذائية.
فالى اي مدى يمكن للاسعار ان ترتفع خلال الفترة المقبلة؟
لا ينعكس محلياً
سجل سعر النفط تموز 2008 نتيجة موجة ارتفاع كانت قد امتدت لاكثر من 10 اشهر مستواه القياسي التاريخي البالغ 147 دولارا للبرميل وكان هذا المستوى يعكس التخوفات في الاسواق في تلك الفترة ارتفعت اسعار المواد الغذائية بنسبة 65? متأثرة بالطلب على الوقود العضوي خصوصا اسعار القمح التي تقلبت بصورة مذهلة فضلا عن عدد من المؤثرات في العرض أدت بدورها الى استفحال اسعار عدد كبير من السلع الغذائية كارتفاع اسعار الطاقة والظروف المناخية وازدياد الطلب العالمي وما تبعه من ارتفاعات متتالية تماهت في جنون الاسعار عالميا ولكن حتى مع تراجع اسعار النفط عالميا الذي بدأ في خريف العام الماضي واستقرارها في الاشهر الاخيرة بين 60 دولارا و 77 دولارا لم يظهر على اسعار المواد الغذائية محليا مرونة ايجابية!
فالسعر عالميا لا ينعكس بالضرورة نفسها في السوق المحلية والسبب بسيط ينقسم الى معطيين الاول ان السوق المحلية هي حاصل تجمع التضخم المحلي والمستورد والثاني هو ارتفاع معدل صرف اليورو مقابل الدولار ما يجعل سعر المنتجات اعلى لان معظم مستورداتنا من اوروبا فاذا ارتفع اليورو يعكس التجار الزيادة في تكلفتهم بزيادة الاسعار !
وتشير مديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد سمر قصيباتي الى الاحتكارات الداخلية لبعض الصناعات التي تسهم في الزيادة بالاسعار والحكومة تراقب هذه الاحتكارات ولا تستطيع حصرها.
قصيباتي التي لا تتوقع زيادة ملحوظة في الاسعار مع استعادة الطلب المحلي لنشاطه وارتفاع فواتير المستوردات اكدت على ضرورة تحديد سبب التضخم لمعالجته بكفاءة وفعالية من خلال الدراسات والبحوث العلمية علما ان الوزارة تعمل على اعداد التقارير والدراسات والبيانات الى مجلس النقد والتسليف بشكل دوري.
تهدئة
ليس مستغربا ان تتوجس المخاوف من ارتفاع الاسعار مجددا فبمجرد ان يبدأ الاقتصاد العالمي في استرداد عافيته فان الاقتصاد المحلي قد يواجه احتمالات جديدة بعودة الضغوط التضخمية المتمثلة بارتفاع الاسعار حيث ان استعادة الطلب المحلي لنشاطه وارتفاع فواتير الواردات ستدفع الاسعار الى الارتفاع !
وكان وزير الاقتصاد قد طمأن المواطنين مرارا بان الاجراءات الحكومية لن تسمح بتفاقم ارتفاع اسعار المواد الغذائية جراء تلاعب شريحة من التجار بالمعايير والاخلاق بيد ان مصادر غرفة تجارة دمشق لاترى افقا لعودة التضخم وارتفاع الاسعار مشيرة الى ان هذه الظاهرة ليست موجودة اليوم لان كافة المواد سواء المنتجة محليا او المستوردة متاحة بكميات كبيرة ولاداعي لاحتكارها علما ان هناك عوامل قد تطرأ على السوق وقد تضع خللا كبيرا والاحتكار لن يكون احدها داعية الى تشديد الرقابة وطرح كميات كبيرة من المواد وزيادة العرض واستيراد النواقص لتجاوز الخلل المحتمل بالاضافة الى دعم المؤسسات الاستهلاكية لتكون عاملا معدلا مع ضرورة نشر ثقافة الجمعيات التعاونية الاهلية على مستوى الاحياء والمناطق.
واشارت المصادر الى ان كل مصنع لديه قائمة تكلفة لها عدد كبير من العناصر ابتداء من قيمة المواد الاولية وصولا الى مصاريف البيع والتوزيع وكل متغير يطرأ على عنصر من هذه العناصر يؤثر على سعر التكلفة وعلى الاسعار والمتابع اليوم للتحولات التي تطرأ على المواد المستوردة الاولية او نصف المصنعة وكذلك باقي العناصر كاسعار الطاقة والاجور وغيرها يقدر الاسباب الموجبة لتغير الاسعار واما اسعار الخضار والفواكه فلها اسبابها الاخرى التي قد تكون غير مبررة علما ان هناك فجوة كبيرة في متوسط دخل الفرد.
ويعتبر القطاع الخاص الذي يتفاعل بطريقة غير منظمة مع معطيات السوق المسؤول الرئيسي عن عودة الضغوط التضخمية وارتفاع الاسعار وعليه دور هام يتمثل اولا في ان يعي خطورة التضخم على بيئة العمل الاقتصادي بشكل عام وبحسب الدكتورة قصيباتي من المهم تفاعله بشكل ايجابي مع الاجراءات الحكومية التي تصب في النهاية في مصلحة الاقتصاد الوطني.
تداعيات التعافي
قد تتسم توقعات ارتفاع التضخم مجددا بواقعية في ظل ازدياد الحديث عن عودة نشاط الاقتصاد العالمي فرئيس صندوق النقد الدولي كان تحدث اخيرا عن تشغيل محرك النمو ما يعني ان الطلب على النفط متجه الى الارتفاع ويبدو انه لدينا سيحطم المعايير مرة جديدة على صعيد الاسعار ما يقودنا الى احتراز يكفل الوقوع في المأزق عبر تقوية الاقتصاد بحيث يعتمد اقل على استيراد السلع ويعتمد على زيادة الصادرات واعادة تأهيل قطاع المؤسسات فتكتسب بانتاجيتها قدرة على المنافسة في الاسواق الخارجية وتوسع حصتها فيها.