تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عنوان إقامته الدائم

ملحق ثقافي
20/10/2009
سوزان ابراهيم

ليلٌ في دمشقَ.. وحدي يتسكع

يكنسُ عن وجهِ النورِ وحدتَهُ‏

في ليلِ دمشقَ, توضأَ بي المطرُ‏

تحرّشَ بي‏

مثلَ ناسكٍ يطوفُ بكعبةٍ‏

لم يكنْ ليلاً‏

لم يكن مطراً‏

لم أكن أنا, بل كانَ وحدي‏

ـ ـ ـ‏

متأبطاً قلبي يسيرُ‏

سألتُهُ: تستهويكَ دمشقُ؟‏

قالَ: وجهها سمتُ العرش‏

قلتُ: متى أتيتَ؟ من أين؟‏

قال: لا هنا, لا هناكَ‏

لا قبل, لا بعد‏

وأنا خلقتُ الأين‏

قلتُ: « أنتَ كما أنتَ.. أنتَ هو »‏

قال: كم تشبهينني!‏

قلتُ: هل سئمتَ وحدك؟‏

قال: وحدي كلٌّ, والكل وحدي‏

ـ ـ ـ‏

في ليلِ دمشقَ – لم يكنْ ليلاً كما تعرفون –‏

طفنا في الأحياء‏

لم نجدْ مقعداً شاغراً‏

وكان المقهى خالياً!‏

وحدهُ كان وضّاءً ورحباً‏

كادَ يقول ( كنْ ) لما يجولُ في وحدي‏

ـ ـ ـ‏

لم يكن بحوزتهِ أوراقٌ ثبوتيةٌ‏

لم أعرف مكان أو تاريخَ الولادة‏

قلتُ: خرجتُ إليكَ‏

فالعبادُ لمّا يفيقوا بعد‏

قال: عودي إليكِ‏

قلت: لِمَ تحسبُ عليَّ الوقتَ كما يُحسَبُ‏

للحمقى والسكارى والمستبدينَ!؟‏

لِمَ يكونُ يومي مثلَ يومهم أربعاً وعشرينَ ساعة؟‏

قال: « كوني, ولا تصبحي »‏

لا تخرجي منكِ- مني‏

أطفئي الذاكرةَ تستنيري‏

« فاللاذهابُ وصول»‏

ـ ـ ـ‏

قلتُ: يقضونَ في المعابدِ, هل تتخذها مقراً؟‏

وقلتُ: رأيتكَ في العراءِ,‏

كنتَ أنتَ,, أنتَ هو‏

ما عنوانُ إقامتكَ الدائم؟‏

قال: هنا, هناك, الآن, في هذهِ اللحظة‏

داخلكِ, خارجكِ‏

قلتُ: كلُّكَ عندهم.. إلاّ أنت!‏

ـ ـ ـ‏

في شوارعِ دمشقَ – والليلُ ليسَ كما تعرفون –‏

عبادٌ توسدوا الدعاءَ, المحرماتِ, الفتاوى‏

لم تكن دمشق التي تعرفون‏

لم يكن ليلاً‏

لم يكن مطراً‏

لم أكن أنا, بل كان وحدي‏

ووحدي بيتُهُ‏

وحدي.. وحده مشينا‏

فتمزقَ ليل دمشق‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية