يكنسُ عن وجهِ النورِ وحدتَهُ
في ليلِ دمشقَ, توضأَ بي المطرُ
تحرّشَ بي
مثلَ ناسكٍ يطوفُ بكعبةٍ
لم يكنْ ليلاً
لم يكن مطراً
لم أكن أنا, بل كانَ وحدي
ـ ـ ـ
متأبطاً قلبي يسيرُ
سألتُهُ: تستهويكَ دمشقُ؟
قالَ: وجهها سمتُ العرش
قلتُ: متى أتيتَ؟ من أين؟
قال: لا هنا, لا هناكَ
لا قبل, لا بعد
وأنا خلقتُ الأين
قلتُ: « أنتَ كما أنتَ.. أنتَ هو »
قال: كم تشبهينني!
قلتُ: هل سئمتَ وحدك؟
قال: وحدي كلٌّ, والكل وحدي
ـ ـ ـ
في ليلِ دمشقَ – لم يكنْ ليلاً كما تعرفون –
طفنا في الأحياء
لم نجدْ مقعداً شاغراً
وكان المقهى خالياً!
وحدهُ كان وضّاءً ورحباً
كادَ يقول ( كنْ ) لما يجولُ في وحدي
ـ ـ ـ
لم يكن بحوزتهِ أوراقٌ ثبوتيةٌ
لم أعرف مكان أو تاريخَ الولادة
قلتُ: خرجتُ إليكَ
فالعبادُ لمّا يفيقوا بعد
قال: عودي إليكِ
قلت: لِمَ تحسبُ عليَّ الوقتَ كما يُحسَبُ
للحمقى والسكارى والمستبدينَ!؟
لِمَ يكونُ يومي مثلَ يومهم أربعاً وعشرينَ ساعة؟
قال: « كوني, ولا تصبحي »
لا تخرجي منكِ- مني
أطفئي الذاكرةَ تستنيري
« فاللاذهابُ وصول»
ـ ـ ـ
قلتُ: يقضونَ في المعابدِ, هل تتخذها مقراً؟
وقلتُ: رأيتكَ في العراءِ,
كنتَ أنتَ,, أنتَ هو
ما عنوانُ إقامتكَ الدائم؟
قال: هنا, هناك, الآن, في هذهِ اللحظة
داخلكِ, خارجكِ
قلتُ: كلُّكَ عندهم.. إلاّ أنت!
ـ ـ ـ
في شوارعِ دمشقَ – والليلُ ليسَ كما تعرفون –
عبادٌ توسدوا الدعاءَ, المحرماتِ, الفتاوى
لم تكن دمشق التي تعرفون
لم يكن ليلاً
لم يكن مطراً
لم أكن أنا, بل كان وحدي
ووحدي بيتُهُ
وحدي.. وحده مشينا
فتمزقَ ليل دمشق