تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الترجمة والتأويل

ملحق ثقافي
20/10/2009
ألبرتو مانغويل/ ترجمة غازي أبو عقل

أيَّدَ خورخِه لويس بورخس دائماً الرأيَ القائل إن الترجمة ينبغي ألا تكون حرفية. كما كتبَ “يتأتّى الخطأ من نسيان كون كل لغة هي نَمَط وطريقة للشعور بالكون أو إدراكه.

” نحن نُطلق تسمية “ترجمة” على النوع الأكثر حميمية من أنواع القراءة. فكل قراءة هي ترجمة، بمعنى عبور من رؤية شكلية للكون نحو نمطٍ خاص من الإحساس به أو إدراكه، ومن تصوُّرٍ “لنص ما” – بأحرف مكتوبة – إلى تصور آخر – بأحرفٍ مرئية ومسموعة -. برهنت دراسات عن أن الجزء من دماغنا الذي يُنظم استقبال النص هو الذي يتيح لنا أيضاً تمييز الأشكال والمسافات. بعبارة أخرى، إن فعل القراءة من وجهة النظر الفيزيولوجية يقوم على ترجمة أشكال الكون الفيزيائية إلى تصورات متخيَّلة وفضائية في آن معاً. إن القراءة هي ترجمة مادية لواقع الدنيا إلى الواقع كما نشعر به وتسمية شيء ما يعني أننا باشرنا ترجمته. عندما نقول إن ما نراه هو “السيدة فلانة” لا الجانب المزوَّق من السمكة ذات الحربة، نكون قد ترجمنا هيئتها البديعة إلى أنظومة مُعقَّدة من المفاهيم التي نُلخصها – نتيجة لنقص الوقت والمدى – بكلمتَيْ “السيدة فلانة” اللتين تضمان في الوقت نفسه كلَّ معاني الشخص الضمنية، الجمالية والسياسية والاجتماعية والبسيكولوجية. أن نقول “أمريكا الاسبانية” هو أيضاً من قبيل الترجمة، فهو تلخيص لحيّز جغرافي متشابك، بتواريخه المحلية الطويلة، ولاستعماره واستقلاله، واستعماره الجديد، لمدنه وأنهاره ومنجزاته الأدبية، تلخيص لمصانعه ودروبه وحياة كل واحد من سكان ذلك الحيّز الجغرافي. هذا كله وأكثر منه في كلمتين تترجمانه في ترابط شفهي لا مَفر منه بين مُكتشفٍ إيطالي وبين ثقافة تُعزى إلى روما. كل ترجمةٍ هي غزو وفتح.‏

مَرَّتْ مرحلةٌ من المراحل المتعددة، التي وسمتْ بحثَ القارةالأمريكية عن هويتها الجمعية والفريدة في نوعها، بعد وصول الإسبانيين إليها. فحدث بين اللغات المولودة في القارة وبين لغة آخر القادمين لقاء ومجابهة وحوار ومحاولة استئصال ودراسة، ثم قبول إلى حدٍ ما. ففي بابل أمريكا [شمالها وسطها وجنوبها] كانت الترجمة، في شتى أشكالها، هي التي حاولت الاعتراف بالآخر وبلغتِهِ، سواء من أجل فهمه أو الحوار معه أو من أجل إزالته واستبعاده.‏

إذا اعتمدنا الحكايات المأثورة فإن المترجم الأول لأمريكا الإسبانية كان امرأة. دونا مارينا أو مالانش، وهي من بنات البلد قامت بعبء الترجمة بين هرنان كورتيس وموكتيزوما. ويؤيد خوسه كادالسو في الرسالة التاسعة من “الرسائل المراكشية”، وهو كتاب أُنجز في 1774، هذا الأمر ويكتب “هذا مثال ملحوظ يلفت النظر لما ينطوي عليه الجنس اللطيف من فائدة قصوى، شريطة توجيه رقته الطبيعية وحدة ذهنه نحو غايات حميدة جديرة بالثناء.”‏

من اللائق في المنظور الأبوي الإسباني، كون المحاولة الأولى لفهم لغة الآخر في الأرض المستعمرة قد جرت عبر أداة جديدة، أكثر “ضَعفاً” من الأسلحة الرجولية، وأقل مهابةً وإدهاشاً من الأنموذج التقليدي، الذكري الذي يمثله القديس جيروم أو ألفونس الحكيم. 2‏

يوجد نوع من السحر في تحول بابل – اللغات – الأصلية إلى لغة مسيحية عبر تدخّل المترجمة الخائنة مالانش الجميلة )كما تسميها نورا كاتِلّي(. إنه التعالي الجمالي الأوروبي كله وتَرَفعه الموسوم بنوع من الاحتقار هو الذي يُفصح عن نفسه، ويتيح للمكتِشفين أن يتصوروا القارة ويكونوا رأياً عنها وعن دورهم في وسطها. فيكتب مدونُ الأخبار كادالسو في رسالته الخامسة “أؤكد لكَ أن كل الأمور جرت كما لو أن عصاً سحرية تقودها: اكتشاف وفتح واستيلاء وهيمنة، كل واحدة منها أعجوبة”، ثم يضيف بلا انحياز ظاهر: “أنه من أجل تأسيس التصوّر الأكثر سلامة، ينبغي العودة أيضاً إلى الكتب الأجنبية.” لأن كل ما قرأه عن الفتح هو بأقلام الإسبانيين. ويفسر وجهة نظره بقوله: “قراءة هذا التاريخ الخاص هي إضافة ضرورية إلى تاريخ إسبانيا العام.”‏

إنها نقطة مركزية: قراءة ما كتبه الآخر من أجل فهم ذواتنا، ومعرفة هويتنا الخاصة عبر ما يمكن الحفاظ عليه من الثقافة الموجودة قُبالنا، في العبور من اللغة المجهولة إلى اللغة التي نتحدث بها في بيتنا. يفهم كادالسو الترجمة في أمريكا بأكثر معانيها اتساعاً كأنها السياق أو التطور الذي يُحيل إلى عمل الاكتشاف والارتياد في نقطة انطلاقه، ويربط بقوة كبيرة بين الترجمة والقراءة.‏

زَرْعُ شجرة من إقليم آخر في غير أرضها‏

إن الرغبة في تدوين العالم وترسيخه داخل صوتٍ مختلف واكبتْ تقدُّم المستعمرات الإسبانية في أمريكا نحو الاستقلال. تختلف اللغةُ الإسبانية المحلية – يومئذ – عن لغة اسبانيا، إما لكون – تلك المحلية – متوقفة في الزمن رافضةً تخليص نفسها من تعابيرها العتيقة، وإما لأنها تلتقط صيَغاً وتعبيرات من البيئة المحلية، أو لأنها تبتكر كلمات جديدة لاستخداماتها الخاصة. تفانت اللغة الإسبانية الخلاسية وكرَّست نفسها كمحاكاة ساخرة من نفسها، إذا جاز القول، كإرادة للتنكّر في شيء غير إسباني وغير “بلدي”، في شكل تشبه سِماته سِمات الوسيط والخلاسي والجسر.‏

هناك من ألمحَ إلى أن الترجمات الأولى الجديرة بالذكر في المكسيك والبيرو والأرجنتين، نحو العام 1800، كانت من عواقب الرقابة التي فرضَتها إسبانيا عبر قوانين الهند، ومنعت بموجبها بلا طائل، استيراد الكتب الأدبية “الخيالية”. لقد ظهر في أمريكا الإسبانية “القاريءُ الذي راحت رغباته وأذواقه تُنظم الإنتاج الأدبي.”3 لم تعد الترجمة – منذئذ – ممارسةً فريدة للقراءة تتطابق وأهواء القاريء المثقف، بل نحت إلى أن تصبح فعلاً رسمياً، متوجهاً إلى جماعة لغوية بكاملها.‏

في هذا الجو من القراءات المحلية )البلدية( السابقة واللاحقة، اشتغل الفينزويلي أندره بيلُّو A. BELLO على وضع قواعد لغوية من أجل الإسبانيين الأمريكيين. وكتب في مقدمة المؤلف بوضوح لا يحتمل التأويل: “لست أدّعي الكتابة من أجل القشتاليين، فدروسي موجهة إلى إخوتي سكان أمريكا الإسبانية. لا أشك في أهمية الحفاظ على لغة آبائنا في صفائها قدر المستطاع وبما هي عليه كأداة تواصل أرسلتها العناية الإلهية، وصلة أخوّة بين الأمم الكثيرة ذات الأصل الإسباني في القارتين. إلا أن ما أجرؤ على تقديمه ليس طهرانية ذات وساوس. )...( إن أسوأ الشرور التي قد تستطيع حرماننا من المزايا والمنافع التي لا تُقدر بثمن والتي تقدمها لغة مشتركة إن لم نوقفها في الوقت المناسب، هي قدوم الكلمات الدخيلة والمولَّدة وشيوعها، والتي تُغرِق قسماً كبيراً مما يُكتب في أمريكا وتطفيء بريقه.”4 ويختتم تقديمه بعدئذ بهذا التعريف: “تُشبه اللغة جسداً حياً: لا تتعلق حيويتها بالهوية الثابتة والمستمرة لعناصرها، بل بالاتساق المنتظم والمتماثل للوظائف التي تمارسها والتي تسبق شكلها ونمطها المميز.”‏

تتقدم الوظيفة على الشكل: “اعتنِ بالمعنى، سوف تعتني الأصوات بنفسها من تلقاء نفسها”5 تنطبق هذه الصيغة “الكارولية” انطباقاً كاملاً على الترجمة الأدبية في أمريكا الإسبانية. ويبدو هذا السؤال: لمن أُترجم؟ كأنه كلمة المرور عند مترجمي القارة من مالانش إلى يومنا هذا. انسجاماً مع النصيحة التي أعطاها بورخيس بعد ذلك بنحو قرن من الزمن، قاد المترجمون – الإسبان الأمريكيون – مفهومَ الترجمة غير الحرفية حتى وصلوا به إلى حدود قصوى مدهشة. ما عادت المسألة تقتصر على سكب كلمات لغةٍ في لغة أخرى فحسب، قالِبين الحبكة كما يقترح ميجيل دي سرفانتس مستشهداً بلويس زاباتا الذي يستشهد بهوراسيوس “كالذي ينظر إلى سجادة فلمنجية بالمقلوب.” فالمهمة أكثر طموحاً، وأشد تعقيداً وتشابكاً، وأكبر مهارة وبراعة: إعادة بناء الأصلي في خرائط أخرى واستعمار المشهد الطبيعي بنص أجنبي غريب، وزرع شجرة من إقليم آخر في غير أرضها.‏

في 1974، نشر بورخيس نصاً قصيراً عنوانه LA TRAMA الحبكة، أود استعادته بكامله: “لكي يكتمل رعب قيصر وهلعه بعد أن ضيقوا عليه الخناق وألفى نفسه محشوراً بين قاعدة تمثال وبين خناجر أصدقائه المتلهفة للنيل منه، لمح بين النصال والوجوه وجه ماركوس يونيوس بروتوس، صنيعته وابنه ربما. كف عندئذ عن الدفاع عن نفسه وهتف متعجباً: أنت أيضاً يا بني!... التقط شكسبير وكيفيدو الصرخة الوجدانية المثيرة الشجن.6‏

يروق في عَينَي القدر ترجيعُ الأصوات، والتحريف والاختلاف بين الأصل والنسخ، والتماثل والتناظر. بعد تسعة عشر قرناً، وفي جنوب مقاطعة بوينس آميريس، هاجم عدد من “القبضايات” )الفتوات( قبضاياً وضربوه فلمح وهو يترنح واحداً ممن تبنّاهم. فقال له وفي صوته رنة ملامة عذبة ودهشةُ مفاجأةٍ بطيئة )ينبغي سماع هذا القول لا قراءته( I Pero, che! قتلوه، وهو لا يعرف أنه يموت لكي يُعاد ذلك المشهد.”7‏

منذ سنوات، كنت أحاول مع أصدقاء كنديين تبادل الرأي حول نص بورخيس، وجربت نقله إلى الإنكليزية. بدت لي عدة صعوبات لا يمكن التغلب عليها، بخاصة هذه الـ “I Pero, che” تعبير ترجمته مستحيلة بامتياز، متجذر بعمق في الأرض الأرجنتينية يستحيل إعادة زرعه في أي حقل لغوي آخر. “I Pero, che”! تعبير يبدو كأنه ثمرة هوية الأرجنتين ذاتها، إنه تفجع مقتضب لا يمكنه الإفصاح عن دخيلته في أي مكان على الأرض. لا يقال “I Pero, che” في إنجلترا أو في الولايات المتحدة، حتى ولا في اسبانيا أو في المكسيك أو كوبا. “I Pero, che” – هو في حد ذاته شبه تعريف بالكلام الخلاسي.‏

لحسن الحظ، تتكون قصة الترجمة من معجزات ضئيلة. مزايا الفضيلة والذكاء والبراعة والخبرة والبحث والمصادفة: تتدخل هذه العوامل كلها في إنجاز ترجمة ناجحة، لكن نوعية المعجزة وحدها هي الجوهرية. ففي هذا الحقل من الإبداع الأدبي لا يوجد انتصار بلا معجزة.‏

نص بدوي لا يحط رحاله أبداً‏

نويتُ الإذعان وإبقاء ترجمتي هذه غير مكتملة، أو إنجاز هذا النص الوجيز باللجوء إلى مرادف ضعيف لذلك التعبير الذي لا يمكن إدراكه، ولجأت كي أصرف انتباهي عن التفكير بترجمة مناسبة إلى قراءة “تاريخ انجلترا الوجيز” لمؤلفه ج. ك. تِشسترتون، وهو كتاب يعرفه بورخيس جيداً، فانجلت لناظري بغتةً هذه الجملة:‏

“ساد الظن زمناً طويلاً أن الأمة البريطانية التي أرسى أسسها يوليوس قيصر، كان مؤسسها بروتوس. التضاد، أو التباين، بين بساطة الاكتشاف الزائدة وبين التأسيس الخيالي الذي لا يكاد يُصدق، فيه شيء مضحك بالبداهة، كما لو أن الجملة اللاتينية التي قالها يوليوس قيصر ET TU BRUTE?، كان بالمستطاع ترجمتها إلى WHAT, YOU HERE?.8 صيغة تشيسترتون WHAT, YOU HERE? هي الترجمة المُثلى لصيغة بورخس “I Pero, che”. أو صيغة بورخس “I Pero, che” هي الترجمة المُثلى لصيغة تشسترتون “ WHAT, YOU HERE?”. ترحل الترجمة كأنها قراءة مسافرة في الاتجاهين جيئة وذهاباً: من المرجع إلى النص الأصلي، ومن النص الأصلي إلى المرجع، ويمتزج المرجع والأصلي ويحدد كل منهما نفسه أثناء الطريق. مَن هو مؤلف الصيغة، ومن مترجمها؟ أهو بورخس أو تشسترتون؟ من المستحيل أن نعرف. وتدوين تتابع الأحداث زمنياً وفي أماكن حدوثها، كما الخطأ في زمانها ومكانها لا يشكلان مفهومين مفيدين من أجل الحكم على ترجمة ما وعلى منابعها.‏

إن الواجب اللانهائي للقاريء القائم على ارتياد المكتبة الكونية باستمرار بحثاً عن نص يحيط به ويستخرج فحواه، يتضاعف )على افتراض أن اللانهائي بوسعه التضاعف( عندما يقبل هذا القاريء كونَه مترجِماً. عندئذ يغدو كل نصٍ مُستَـنْـقَذٍ من الصفحة جمهرةً من نصوص أخرى، محولة إلى مفردات هذا القاريء، نصوص يعاد الإحاطة بها في سياقات أخرى، وتجارب وخبرات أخرى، وفي ذاكرات أخرى، مرتبة على رفوف جديدة. يقترح القاريء المترجم، عوضاً عن النص الثابت المستقر في الصفحة، نصاً بدوياً لا يحط رحاله أبداً. هذا هو التناقض الظاهري والمفارقة التي تُحرّك المشاعر لفن الترجمة: يستطيع العمل الأدبي، عبر هجراته الدائمة وارتياداته الاستكشافية المتواصلة أن يصير إلى شيء أقل ترنحاً واضطراباً، وغير محفوف بالمخاطر كما تفرض عليه طبيعته كعمل فني، إضافة إلى اكتسابه، كما بفعل معجزة، نوعاً من الخلود الكامن والأبدية الثابتة.‏

الهوامش‏

ألبرتو مانـغويل كاتب كندي من أصل أرجنتيني، من مؤلفاته “تاريخ للقراءة” و “معجم الأماكن المتخيلة” )1998(. وآخر أعماله المنشورة: “مدينة الكلمات” )2009(. كُتبه بالفرنسية منشورة كلها في دار آكت سود.‏

خورخي لويس بورخيس “وظيفة الترجمة” نشرت في “الرأي الثقافي” بوينوس آيرس – 21 أيلول سبتمبر 1975.‏

ترجم القديس جيروم )340-420( التوراة إلى اللاتينية، عن النص الإغريقي والعبري. وكان ألفونس الحكيم (1221-1284) ملك قشتالة وليون. وأحل اللغة القشتالية محل اللاتينية، لغةً إدارية ومعرفية.‏

بـِدرو هنريكز اورينيا، “التيارات الأدبية في أمريكا الإسبانية” كما جاء في كتاب نورا كاتيلّي ومارييتا جارجاتالي “التبغ الذي كان يدخنه بلينيو”: جوهر الترجمة في اسبانيا وأمريكا. الناشر دِل سربال برشلونة 1998.‏

اندره بلّو )أوبيُّو(: قواعد اللغة القشتالية لاستعمال الأمريكيين )1847( - اختيار وتقديم بـِدرو راسز. الناشر مكتبة أياكوشو كاراكاس 1985.‏

لويس كارول: أليس في بلاد العجائب )1865(. جاليمار باريس 1994.‏

فرانسيسكو جوميزدي كيفيدو – مدريد 1580-1645، أديب اسباني كتب في الشعر والسياسة والسخرية، منها روايته الواقعية عن التشرد وحياة الطبقات الدنيا وعنوانها: تاريخ دون بابلو دي سيجوفي.‏

الترجمة الفرنسية بقلم بولس وسيلفيا بنيشو.‏

جيلبرت كيث تشسترتون: موجز تاريخ انجلترا – الناشر تشاتو و ويندس - لندن 1917‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية