تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حـدث...التاريخ ... شاهد

آراء
الأربعاء 21-10-2009م
د. اسكندر لوقا

حين يحاول أحدنا أحيانا أن يسترجع أحداثاً تاريخية، قد يصاب بصداع لا بالحيرة فقط. وهذا مايصيب أي فرد منا حين يقرأ لزعيم الهنود الحمر الشهير جومو كينياتا قوله ذات مرة، مخاطباً عدداً من أنصاره:

عندما جاء المبشرون (يقصد إلى أمريكا) كان لديهم الإنجيل وكانت لدينا الأرض. علمونا كيف نغمض أعيننا كي نصلي في خشوع، وعندما فتحنا أعيننا كنا قد أخذنا بالإنجيل، وكانوا قد أخذوا الأرض!‏

يذكرنا هذا القول بما حل بالهنود الحمر على يد الوافدين إلى أمريكا في القرن الخامس عشر. ففي العام 1492، على سبيل المثال، كان عدد الهنود الحمر لا يقل عن خمسين مليون نسمة، بينما لا يتخطى عدد الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن الـ 800 ألف فقط.‏

وكان طبيعياً أن يسعى الوافدون الجدد إلى أمريكا للتخلص من الهنود الحمر، أصحاب البلاد الأصليين على مراحل، خصوصاً بعد أن منيت مقاومتهم خلال سنوات القرن العشرين بالفشل. ونحن نعلم أن الرئيس الأمريكي الأسبق تيودور روزفلت قد أثنى في إحدى المناسبات الوطنية، على القوات الأمريكية لانتصارهم على مقاومة الهنود قائلاً في هذا السياق: لو كنا تركنا الهنود ينتصرون علينا لكنا اليوم تحت تصرف هؤلاء الهمج القذرين المتوحشين!‏

وربما لمثل هذه العبارات العنصرية ضد الهنود الحمر منح روزفلت جائزة نوبل للسلام في عام 1906!‏

ويذكر أنه في سنة 1608 كان قدظهر كتاب للراهب الإسباني المعروف لاس كاساس، وفيه فقرة تقول: كان الوافدون الجدد إلى أمريكا يكبلون الهنود الحمر ويقتادونهم إلى أماكن معينة ويقتلونهم ويجعلون لحمهم البشري طعاماً لكلابهم.‏

ومن هنا، يصعب على المرء في زماننا هذا، كما أتصور، أن يؤمن بأمة تدعي الحضارة بينما تاريخها يشهد على دورها الدموي في إقامة دولتها على أنقاض أصحاب الأرض، على غرار ما فعلته دولة الكيان الإرهابي في العصر الحديث فوق أرضنا العربية فلسطين.‏

ومن هنا، أيضاً اللافت للانتباه في الوقت ذاته، يقظة الضمائر لدى بعض المثقفين والمفكرين الأمريكيين إذ تتبدى معالمها ونحن نقرأ لهم بين الحين والآخر ما يشجب تصرفات أسلافهم، بل ويدينون تلك التصرفات بعبارات جارحة في معظم الحالات وفي السياق المتصل، على سبيل المثال لا الحصر، نقرأ للأديب مارك توين، قوله التالي: على الولايات المتحدة الأمريكية أن تستبدل نجوم علمها بجماجم القتلى كما نقرأ للمفكر العالمي تشومسكي: أعتقد من وجهة النظر القانونية أن هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام جميع الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بأنهم مجرمو حرب أو على الأقل بأنهم متورطون بدرجة خطيرة في جرائم الحرب وللكاتب الأمريكي وليام بلوم في هذا الصدد قوله: لو كنت الرئيس لاستطعت أن أوقف الإرهاب ضد الولايات المتحدة الأمريكية خلال ثلاثة أيام لا أكثر، وعلى نحو دائم، وذلك بالاعتذار لجميع الأرامل واليتامي وذوي المفقودين والضحايا الذين ذاقوا العذاب، ولرفضت أيضاً أن تكون «إسرائيل» الولاية رقم 51 في بلادي و بعد ذلك كنت واثقاً من أنني سأغتال في اليوم الرابع!‏

تلك هي إحدى الشهادات التي يحتفظ بها التاريخ البشري، ولا يمكن أن تمحى أو أن يتمكن أحد من محوها. فهل نتعظ نحن العرب ياترى، من قراءة التاريخ؟‏

dr-louka@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية