كما أنه ومنذ عام 1975 يعمل أستاذ السيميوطيقيا في جامعة بولونيا. اشتغل صحفياً لكنه عُرف جيداً حين نشر روايته (اسم الوردة) عام 1980, والتي أصبحت من الروايات الأكثر مبيعاً في العالم, وفي العام 1988 نشر روايته الثانية (بندول فوكو) , ومن ثمَّ نشر (جزيرة اليوم السابع) 1995.
وكان أصدر قبل ذلك كتابه (العمل المفتوح) عام 1962 وهو دراسة عن الدور الفعال للمؤول في قراءة النصوص, و(نظرية في السيميوطيقيا) عام 1976,و(دور القارئ) 1981, و(السيميوطيقيا وفلسفة اللغة) 1984,و(الإيمان بالصور الزائغة) 1987,و(حدود التأويل)1992.
في كتابه هذا يرى إمبرتو إيكو أن بعض النظريات النقدية المعاصرة تؤكد أن القراءة الوحيدة لنصٍ ما والتي يمكن التعويل عليها هي قراءة خاطئة, حيث أن الوجود الوحيد للنص إنما يعطى بوساطة سلسلة من الاستجابات التي تثيرها. وعليه , مثلما اقترح«تودوروف» بمكرٍ فإنَّ النص مجرد رحلة خلوية يجلب فيها الكاتب الكلمات بينما يجلب القرَّاء المعنى. وإذا كان ذلك حقيقياً فإن الكلمات التي يجلبها المؤلف هي بالأحرى باقة مربكة من الشواهد المادية التي لا يمكن للقارئ أن يتجاوزها في صمتٍ, أو في ضجيج. ويكون النص عالمياً مفتوحاً حين يستطيع المؤول اكتشاف مالا يحصى من الترابطات, فاللغة غير قادرة على القبض على معنى متفرد سابق على الوجود. على النقيض, فإنَّ مهمة اللغة هي إظهار أنَّ ما يمكننا التحدث عنه هو فقط توافق الأضداد.
فاللغة تعكس قصور الفكر؛ إنَّ وجودنا في العالم ليس شيئاً آخر سوى وجود قاصر عن إيجاد أيِّ معنى متعال. أي نص يدعي تأكيد شيء واضح المعنى, هو كون مجهض, بمعنى عمل نصف الإله مشوش التفكير (الذي يحاول قول إن «هذا» الوجود هو «هذا», و على النقيض من ذلك سلسلة متصلة من التأجيل اللانهائي حيث«هذا» ليس «هذا» ). ولإنقاذ النص- أي تحويله من توهم للمعنى إلى الإدراك بأن المعنى لا نهائي. لا بدَّ للقارئ من الظن بأن كل سطر في النص يخفي معنى سرياً آخر ؛كلمات, بدلاً من التصريح,تخفي ما لم يقل؛ ومجد القارئ يكون باكتشاف أنه يمكن أن تقول كل شيء, , عدا ما يريد مؤلفوها أن تعنيه؛ وبمجرد أن يدعي اكتشاف المعنى المزعوم نكون على يقين أنه ليس المعنى الحقيقي, حيث يكون ذلك الأخير هو الأبعد, وهكذا صعداً.والمنتمون للهيولى hylics -الخاسرون- هم الذين ينهون عملية القراءة بقولهم: أفهم.
في بداية مؤلفه(الزئبق) أو (السر و الرسول المتعجل) 1641م يقص(جون ويلكنز) القصة التالية:كم بدا شيئاً غريباً فن الكتابة عند بدء اختراعه, يمكننا التخمين خلال المكتشفات الأخيرة أن الأمريكيين الذين دهشوا برؤيتهم للإنسان وهو يحاور الكتب جعلهم يعتقدون أنَّ الورق بإمكانه أن يتحدَّث/ يتكلم. فلقد قام أحد السادة بإرسال عبدٍ له من الهنود الحمر وحمَّله رسالة ورقية مع سلَّة تين, وفي الطريق أكل الهندي قدراً كبيراً من التين, وسلَّم الباقي إلى الشخص الذي أُرسل إليه مع الرسالة. ولما قرأها الشخص المعني بذلك لم يجد الكمية المذكورة في الرسالة من التين, فاتَّهم العبد بالتهامها, وأخبره بما جاء في الرسالة بخصوص ذلك, غير أنَّ الهندي بغض النظر عن هذا الدليل أنكر الواقعة بثقة, لاعناً الرسالة باعتبارها شاهداً زائفاً وكاذباً.بعد ذلك أُرسل العبد ثانيةً بحمولة شبيهة مع رسالة تتضمَّن عدد حبات التين المرسلة والواجب تسليمها, وحتى يبدو ذكياً قام العبد بوضع الرسالة تحت حجر ضخم, ومن ثم بدأ بأكل عدد كبير من حبات التين, على إنَّه إذا أخفى الرسالة فإنَّها لن تستطيع أن تشهد عليه, أو تشي به. إلاَّ أنَّه بقي متهماً من قبل سيده وتحت الضغط أقرّ بفعلته وهو معجب بألوهية الرسالة. ووعدَ سيِّده بأن يكون في المستقبل أكثر إخلاصاً في أي عمل يسنده إليه.
وهنا يمكن لشخص ما أن يقول إنَّ النص ما إن ينفصل عن ناطقه- مثلما عن قصد الناطق- وعن الظروف العينية لنطقه, ونتيجة لذلك عن مغزاه المقصود يطفو- إذا جاز القول – في فراغ مدى مطلق إمكانياً نحو الكثير من التأويل.
صادر عن مركز الإنماء الحضاري /حلب