تأصل دول حوض المتوسط وخاصة سورية أن يتوج هذا الحوار بالنتائج الإيجابية التي ترضي جميع الأطراف المشاركة فيه لما لأوروبا وسورية من دور وفاعلية في أحداث المنطقة.
فالبرغم من وجود إشكالية في العلاقة السورية والاتحاد الأوروبي في كيفية المواءمة بين رغبة سورية في وجود دور أوروبي فاعل في التوصل إلى سلام شامل وكامل للصراع العربي الصهيوني وبين مدى نجاح أوروبا في لعب مثل هذا الحوار بما يتناسب مع حجم أوروبا وثقلها في تفاعلات النظام السياسي الدولي عموماً وفي تفاعلاتها في الدائرة الأوروبية المتوسطية على وجه الخصوص وذلك انطلاقا من قناعة سورية بأهمية إقامة منطقة آمنة ومستقرة ومزدهرة في حوض المتوسط بالنسبة إلى سورية وأوروبا معاً.
والسؤال الذي يبرز هنا، ما الدوافع الأوروبية والسورية للحوار وتوقيع الشراكة، وما عوامل النجاح والفشل وآثار الاتفاقية في حال توقيعها على الأمة العربية بشكل عام وسورية بشكل خاص؟
ومن المؤكد أنه كلما ازداد تفهم الأوروبيين للموقف السوري ولعدالة القضية العربية في الصراع العربي الصهيوني، زادت العلاقات الأوروبية العربية رسوخاً وخاصة مع سورية التي تأمل من الاتحاد الأوروبي العمل على تجريد المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها الأسلحة النووية الإسرائيلية إضافة إلى أن الشراكة تتيح لها نقل التقانة برفقة الاستثمارات والمشاريع المشتركة، ما يساعد على تحقيق صناعة متقدمة.
ولكن ما الدوافع الأوروبية للاتفاقية؟
في الواقع أن أوروبا لها دوافع سياسية واقتصادية وأمنية يمكن إجمالها بالآتي:
1- إقامة منطقة ممتدة الأطراف في حوض المتوسط تجسيداً لقوة أوروبية فاعلة ومؤثرة مستفيدة من الموقع الجيوبولتيكي والاستراتيجي للمنطقة، فمن يرد أن يتكلم عن العلاقات الدولية فعليه أن ينظر إلى الخريطة كما يقول (ديغول) وسورية بموقعها الجغرافي تشكل نقطة التقاء أوروبي متوسطي على الجزيرة العربية والعراق، هذا بالإضافة إلى الاتصال الثقافي القديم بين أوروبا وسورية، هذا الموقع جعل اهتمام الأوروبيين كبيراً بسورية إلى جانب الثقل الإقليمي والعربي، وبالتالي إن متطلبات الأمن الأوروبي بالمعنى الشامل تقف وراء معظم اتفاقيات الشراكة الأوروبية.
إن أوروبا تدرك إذا أرادت نجاح الشراكة العربية الأوروبية بشكل عام والسورية بشكل خاص أنه لا يمكن بناء شراكة واستقرار سياسي وأمني في منطقة صغيرة، الشركاء فيها في حالة حرب الأمر الذي يشكل فشلاً في إرساء ركائز المشروع الأوروبي المتوسطي، فالدور الأوروبي ما زال يتسم بالمحدودية وتبدو المبادرات تجاه الصراع العربي الصهيوني عاجزة عن التأثير في مجريات الأمور من ناحية أخرى إن سورية لا تزال في حالة حرب مع الكيان الصهيوني وتتزعم المقاطعة له، وبالتالي لا تستطيع الالتزام بمضمون اتفاق الشراكة السورية الأوروبية القاضي بعدم التمييز بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو مواطنيها أو شركائها أو منشآتها فيما تحتم المقاطعة على سورية مقاطعة الشركات التي تثبت تعاملها مع الكيان الصهيوني ومقاطعة جميع الشركات الأوروبية التي تعود ملكيتها كلياً أو جزئياً لأشخاص يثبت تعاونهم مع الكيان الصهيوني.