وقد ذكرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، أن الهدف من هذه الحملة الشرسة هو إعادة تشكيل المنطقة أمنيا ثم جاء شريك التحالف وزير الدفاع إيهود باراك والمنظم للعملية العسكرية الشرسة ليقترح أن هذه الخطة ضرورية لسحق حماس من الوجود والقضاء عليها كقوة سياسية وعسكرية، وبتطبيق هذه الخطة يتم تقوية ودعم السلطة الفلسطينية.
وهنا يجب أن يتساءل المرء من الذي في القيادة والحكومة الإسرائيلية يعتقد حقا أن هذا ممكن التحقيق.
وهنالك دافع إضافي ، حسب إعلان الـ BBC وهو أن إسرائيل ترغب في دعم قوتها العسكرية واسترداد اعتبارها بعد أدائها المخزي في حرب تموز ضد حزب الله في لبنان عام 2006.
وهذا الجدال أسلوب شاذ وخطير. إنه مشابه لاختلاق حرب ضد عدو بسبب فشلها في مواجهة عدو آخر.
لقد صرح النقاد في إسرائيل مسبقا وبشكل علني عن مخاوفهم بأن الحملة العسكرية على غزة ستودي إلى خيبة الأمل والصدمة بواقع يكشف عن هزيمة الأهداف الرئيسية للحملة ومن يلق نظرة متفحصة على الأحداث والتحليلات والانتقادات المكتوبة باللغة الانكليزية في هاآرتس سوف يكشف هذه الحقيقة فقد كتب ديفيد غرو سمان أن إسرائيل تضع نفسها ثانية في شرك العنف فتقع أسيرة في المسار الحلزوني المعتاد للقوة التي تفرضها على الآخرين ويعلم جيدا القادة الإسرائيليون أن هذا الوضع المأساوي المفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة لن يجدي نفعا وسوف يكون من الصعوبة بمكان التوصل إلى حل عسكري واضح وشامل.
في 31 كانون الأول كتب بيني موريس البروفيسور في جامعة بن غوريون، في نيويورك تايمز عن الجدران المغلقة التي تحيط الدولة الإسرائيلية نفسها بها منذ ستين عاما وأعطى اثنين من الأسباب العامة للقلق الإسرائيلي: الرفض المستمر من قبل السلطات العربية للقبول بمشروعية قيام الدولة الإسرائيلية، والتناقص الملحوظ في التعاطف الكبير في الدول الغربية مع المأزق الإسرائيلي. كما أضاف موريس إلى هذين السببين أربعة اعتبارات محددة تتعلق بالمنطقة: فشل إسرائيل في مواجهة حزب الله في الشمال، وحماس في الجنوب، والتهديد النووي المتصاعد من قبل إيران، وعجز إسرائيل عن التعامل كند مع طموحات وأفعال جيرانها الفلسطينيين.
الملاحظات التي أشار إليها موريس بخصوص كثافة السكان الإسرائيلية- العربية جديرة بالاهتمام. يؤكد أن معدل سكان اليهود الإسرائيليين يتزايد بين 3-5 أطفال لكل عائلة بعضهم يعيش في ظروف بائسة.
دراسة إحصائية متفحصة على أجزاء مختلفة من الكثافات السكانية الإسرائيلية والفلسطينية تدل على أن قصف غزة بالقنابل وتدميرها بأسلوب همجي هو جزء من هذه اللعبة البائسة التي تهدف من ورائها إسرائيل إلى تحطيم قوة حماس لفرض منافسة سكانية مع الفلسطينيين، فكلما تصاعد العنف ضد الفلسطينيين وتزايدت نسبة القتل نقص عددهم وأصبحت مسألة المنافسة معهم أكثر جدوى.
منذ أربع سنوات أصدر الجنرال روبرت سميث كتابا بعنوان «فائدة القوة» يسرد فيه تاريخ الحروب و اقترح فيه أن الحرب تعاني من تحول نموذجي من الصراعات الصناعية التي بدأت منذ عهد نابليون حتى نهاية القرن الأخير.
إننا نشهد الآن صراعات غير رسمية لايقيدها الزمن. هذه الصراعات تقوم بها الميليشيات والعصابات التي تجوب أنحاء المجتمع المدني.
ولكن أولئك الذين يسخرون من هذا المنطق سوف يعيدون بلاشك عنونة ذلك الكتاب ليصبح «سخافة مبدأ القوة» سميث نفسه سوف يتفق مع أولئك الساخرين. فمبدؤه الرئيسي عن الحرب المفتوحة بين الشعوب هو التنافس بين الإسرائيليين والفلسطينيين حيث يلاحظ أن الإسرائيليين يميلون إلى سياسات راسخة قصيرة الأمد بينما يتجاهلون متطلبات الاستراتيجية الطويلة الأمد.
إن مفهوم« سخافة مبدأ القوة »وعدم نجاعته هو تحذير بغيض نقش على صفحة العقد الأخير، وأكد مصداقيته بعد سنوات من الدم والمغامرات العسكرية التي خاضها كل من توني بلير وجورج بوش بدءا من كوسوفو إلى العراق وأفغانستان.
منطق القوة يثبت عبثيته من خلال الحملات الشرسة على غزة وأفغانستان، تكون القوة مفيدة عندما يكون هدفها التدمير واحتلال البلدان. إنها تدمر أبنية لكنها لاتستطيع كسر إرادة الشعوب التي تطالب بحقوقها.
إدمان القوة، سواء أكانت ضد حماس في غزة أم حركة طالبان في أفغانستان تثمر نتائج عكسية لنيات من يعدون لها. تشكل القوة وقودا لصراع مفتوح يهدد استمرارية معظم القيادات الحالية.
2/3/2009