ولذلك فإنه من أكثر المؤشرات الاقتصادية شمولاً وأهمية، لأنه يعبر عن مقدار الزيادة الحقيقية في الناتج المحلي الإجمالي، ونحن في سورية نعتمد أسعار عام 2000 كأسعار ثابتة من أجل المقارنة، وانطلاقاً من هذا فإن زيادة معدل النمو الاقتصادي يجب أن تنعكس بشكل مباشر على تحسين كل المؤشرات الأخرى، وفي مقدمتها المؤشرات الاجتماعية وخاصة تحسن مستوى المعيشة وزيادة الدخل..الخ.
ولهذا يجب أن يكون في مقدمة أولوياتنا في هذه المرحلة ومع زيادة الجرعات الإصلاحية المستمدة من خطاب القسم للسيد الرئيس بشار الأسد في 17/7/2000، وخاصة زيادة الرواتب والأجور وتطبيق التأمين الصحي الشامل وتحسين أسعار المواسم وزيادة معدل التشغيل..الخ.
ولتأمين الموارد اللازمة لذلك لابد من زيادة معدل النمو الاقتصادي والذي يتوقف على الاستثمار الأمثل لمواردنا المتاحة من (المادية والمالية والبشرية والتكنولوجيا المستخدمة)، أي الوصول إلى الكفاءة الاقتصادية والتي تعني الجمع الأمثل بين عناصر العمل الاقتصادي، وتتجلى نتيجة ذلك في زيادة إنتاجية العمل الاجتماعية، وبالعودة إلى واقع الاقتصاد السوري نجد أنه ومع نهاية الخطة الخمسية العاشرة وللفترة الممتدة من عام 2006 ولغاية 2010 وبدايةالخطة الخمسية الحادية عشرة للفترة الممتدة من عام 2011 ولغاية 2015 بدأت تظهر خلافات في أوساط الاقتصاديين السوريين حول تحديد معدل النمو الاقتصادي في سورية للخطة الخمسية العاشرة، فالحكومة السابقة حددت معدل النمو الاقتصادي بحدود 5.7% ولكن بعض المواقع الالكترونية والدراسات الاقتصادية تؤكد أن معدل النمو الاقتصادي للسنوات الخمس الماضية كان بحدود 4.7% أي أن الفارق بحدود 1% وهذه 1% تعني وبعد أن حسبنا قيمة متوسط الناتج المحلي الإجمالي السوري وبالأسعار الثابتة واالبالغ تقريباً بحدود 1353 مليار ليرة سورية، وبالتالي فإن 1% تعني بحدود 14 مليار ليرة سورية تقريباً، وهذا يدفعنا للقول وخاصة أننا في بداية السنة الأولى من الخطة الخمسية الحادية عشرة، ضرورة تحديد معدل النمو الاقتصادي بدقة حتى يكون نقطة انطلاق للحكومة الجديدة واللباحثين الاقتصاديين ولمراكز الأبحاث وغيرها من المهتمين بالشأن الاقتصادي العام، وتأتي أهمية تحديد معدل النمو الاقتصاد من كونه مؤشر للأداء الاقتصادي بشكل كلي ويعبر عن زيادة الناتج المحلي الإجمالي من سنة لأخرى، علماً أنه يمكن أن نحسب معدل التغير في الناتج المحلي الإجمالي عن طريقين اثنين وهما:عن طريق الحصيلة التراكمية للناتج المحلي الإجمالي لكامل القطاعات الاقتصادية في سورية وهي (الزراعة والصناعة والبناء والتشييد والنقل والمواصلات والخدمات المجتمعية والشخصية والحكومية والرسوم الجمركية وخدمات المال المحتسبة) أي أنه يعبر عن مجموع القيم الجديدة المنتجة خلال عام واحد من السلع والخدمات، وبالتالي فإنه يعبر عن الجمع التراكمي لكل من المؤشرات التالية وهي (الأجور والفوائد والإيجار والأرباح).
بعض الاقتصاديين يعتبر أن الناتج المحلي الإجمالي معبر عن جانب الإنفاق أى أنه يتضمن كل من (الاستهلاك بجانبيه العام والخاص والمشترك وإجمالي الاستثمارات العامة والخاصة والمشتريات الحكومية من السلع والخدمات وصافي الصادرات أي الفارق بين قيمة الصادرات والمستوردات ويضاف في سورية وتحديداً منذ عام 2004 مؤشر جديد هو قيمة التغير في المخزون).
وانطلاقاً مما سبق نقول إنه يجب اعتماد أرقام المكتب المركزي للإحصاء وهو الجهة الوحيدة المخولة بذلك ويمتلك قاعدة علمية تقنية لتحقيق ذلك، لكن من جهة أخرى يجب أن تتوجد مراكز بحثية تدرس التغيرات الاقتصادية على الواقع، والأهم من هذا وذاك هو نسعى للبحث عن رؤى إصلاحية لزيادة الناتج المحلي السوري، لأنه يعتبر بمثابة تحصيل حاصل لكل المؤشرات الاقتصادية الأخرى.