كانت قد اعتمدت سابقاً إلا أن التهرب الضريبي وصل إلى 200 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 11.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي وهذا الرقم الذي تم تداوله في الفترة السابقة أثار جدلاً بين النفي والتأكيد غير أنه لم يتم الإعلان عن رقم رسمي للتهرب الضريبي حتى الآن.
ونشير هنا إلى أن الحصيلة الفعلية لقطاع الضرائب والرسوم تطورت بشكل جيد خلال السنوات الأخيرة حيث ارتفعت هذه الحصيلة من 176 مليار ليرة سورية عام 2000 إلى 238 مليار ليرة سورية عام 2003 وإلى نحو 302 مليار ليرة سورية عام 2007 وإلى نحو 364 مليار ليرة سورية عام 2008 أي ما يعادل نحو 7.3 مليارات دولار.
ووزارة المالية حالياً وحسب معاون وزير المالية لشؤون الإيرادات لا تنكر وجود التهرب الضريبي حيث تعمل الآن على إعادة تطوير قطاع الضرائب والرسوم، وخاصة استكمال إصلاح الإدارة الضريبية وتعميق إجراءات مكافحة التهرب الضريبي، وكانت هيئة الضرائب والرسوم باشرت أعمالها بداية العام الحالي بإدارة قطاع الضرائب والرسوم، وهي أيضاً بصدد مراجعة بعض التشريعات والأنظمة الضريبية بما يحقق المزيد من الوضوح والشفافية في العمل الضريبي وبات واضحاً أن الملف الساخن أمام وزارة المالية الآن هو ملف الضرائب والرسوم والحد من التهرب الضريبي.
لكن ثمة مشكلة في التعامل الضريبي مع الأثرياء وكبار المكلفين فحجم الذين يدفعون الضرائب من مرتباتهم أكثر بكثير من كبار المكلفين ضريبياً.
إذاً التهرب الضريبي مازال كبيراً، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحل؟ هل يكمن الحل في أن يتم إلغاء كثير من هذه الضرائب والرسوم بشكل مباشر وسريع؟ وهل إعادة النظر بالتشريعات الضريبية التي تقوم بها حالياً وزارة المالية هو الحل لتلك المعضلة؟ وبالتالي البحث عن مطارح ضريبية أخرى لا تؤثر على ذوي الدخل المحدود.
يقول أستاذ التحليل الاقتصادي بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية إنه لا يوجد رقم يمكن إثباته للتهرب الضريبي، والرقم الذي تم تداوله منطقي وليس محسوباً، لا أحد ينكره أو يثبته.
وأضاف فضلية إن رقم التهرب الضريبي يمكن أن نستشفه من حساب الحصيلة الضريبية في سنة ما ومن ثم في السنوات التالية ويجب أن تزداد الحصيلة الضريبية على الأرباح الحقيقية بنفس نسبة زيادة الناتج المحلي الإجمالي، لأن الضريبة تفرض على القيمة المضافة المتشكلة من الرواتب والأجور إضافة إلى الأرباح والفوائد، باعتبار أن الضريبة على الرواتب والأجور ازدادت بالفترة الأخيرة بنفس نسبة زيادة الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الزيادة في الضريبة على الأرباح الحقيقية نسبتها أقل من نسبة زيادة الناتج المحلي الإجمالي وهذا منذ عام 2000 وحتى اليوم.
وعلل فضلية سبب زيادة الحصيلة الضريبية على الأرباح الحقيقية بنسبة أقل من نسبة زيادة الناتج المحلي الإجمالي لسببين، الأول قانوني لأن التشريعات الضريبية بعد عام 2000 خفضت من النسب الضريبية على الأرباح الحقيقية.
والسبب الثاني التهرب الضريبي فعند ما يكون رقم 200 مليار ليرة للتهرب الضريبي كما هو مقدر يعني أن المتهربين من كبار المكلفين فلا يمكن لعشرات الآلاف أن يتهربوا بهذا القدر، لكن يمكن لبضعة عشرات أن يصلوا إلى هذا الرقم.
ونبه فضلية إلى التهرب الأسوأ وهو التهرب من دفع الرسوم الجمركية الذي يشكل أرقاماً أكبر بكثير من التهرب الضريبي وهذا يفوت على خزينة الدولة الكثير من العوائد، ويرجع ذلك النوع من التهرب إلى آلية فرض الرسوم الجمركية على الوزن وليس العدد في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى التواطؤ بتقدير القيمة بين المستورد وبعض الجهات الجمركية.