فقد أفرزت الأحداث التي عاشتها سورية في الأشهر القليلة الماضية شرائح مختلفة من الناس لكن هذا الفرز بقي متداخلاً في عدة مطارح ليؤكد حقيقةً قد لا يأخذ بها الكثيرون وهي أن التفكير تحت الضغط – أي ضغط – لا يؤدي إلى نتائج إيجابية دائماً.
لن نقف عند خطوط معينة، بل سنتعامل مع جميع الأفكار والآراء التي طُرحت للنقاش معنا بكثير من الشفافية والموضوعية علّنا نصل بها ومعها إلى رؤى واضحة تخدم المشروع الإصلاحي الذي يقوده السيد الرئيس بشار الأسد وتحرص الحكومة السورية على بلورته وتنفيذه..
كنّا إذا ما أردنا إنجاز معاملة ما (نشوف نجوم الظهر) أما الآن فقد بدأت الأمور تأخذ طريقاً أسهل، الموظفون في دائرة حكومية ساعدوني وسهّلوا أمور المعاملة وأنجزتها خلال ساعة واحدة..ما تقدّم قالته سيدة اسمها (مها) وأضافت: طالما أننا نستطيع أن نفعل ذلك لماذا لم نكن نفعله من قبل؟
الدائرة هي نفسها والموظفون هم أنفسهم والمُراجع نفسه فلماذا كنّا نضطر للعودة والمراجعة أكثر من مرة من أجل ورقة يمكن إنجازها خلال دقائق؟
خلط في غير محله
الآنسة (ثناء) أتت على مسألة مهمة جداً حيث ترى أن البعض يحاول استغلال ما يحدث على الأرض من خلال الكلام غير المنطقي والمطالب الشخصية غير المحقّة والخلط في المفاهيم والمعاني حيث يعتقد هذا البعض أن من حقّه أن يفعل ما يحلو له ولو خالف القوانين وإن الحرية تبيح له التطاول على الدولة وتجاوز القوانين ..
(ثناء) تعتقد أن حالة اللاتوازن تسيطر على بعض الشباب وخاصة من رواد الأنترنت الذين يؤثرون ويتأثرون بما يمكن لهذه الوسيلة الالكترونية أن تحتويه دون أي رقابة ودون أي توجيه!
وختمت بالسؤال: هل يجوز أن تكون الفوضى حرية والقتل تعبيراً عن الرأي؟
أين الواجبات؟
نتحدث عن حقوقنا ونطالب بها ونجنّ إذا ما وُجهت إلينا ملاحظة لكن هل نقوم بواجبنا على أكمل وجه؟
يردّ (محمود) على ما تقدّم من كلامه قائلاً: معظمنا مقصّر بواجبه، وهناك بيننا من لا يفكر بالمصلحة العامة أبداً.. لماذا ننام ونترك المصابيح وأجهزة التلفزيون شغّالة؟ لماذا نسقي حدائق بيوتنا بمياه الشرب؟ لماذا يحاول البعض التلاعب بعدادات الكهرباء والمياه؟ لماذا لا نتذكّر الدولة إلا عندما تنقطع الكهرباء أو لا نجد الدواء في المستوصف؟
(محمود) ختم بالقول: كلنا مسؤولون عن حماية الدولة وقوتها وقبل أن نطالبها علينا أن نقوم بواجبنا تجاهها..
نص.. نص
لم يخفِ (عيسى) امتعاضه من بعض الأشياء التي يعيشها في محيطه وقال: لماذا عندما تذهب أنتَ يا أستاذ إلى البلدية مثلاً يستقبلك رئيس البلدية بكل احترام وتقدير ويمشّي أمورك بسرعة البرق بينما قد لا يردّ السلام علينا؟
وردّاً على سؤالنا قال (عيسى): لا يعطيكَ غير حقك ولا يبخل علينا بحقوقنا، ولكن أنتَ تأخذ حقك فوراً وأنا قد أضطر للمراجعة يومين أو ثلاثة، وأضاف: قلبنا على سورية ومستعدون لبذل الدم في سبيلها أما المطالب والخدمات فهي – على أهميتها – مسألة لا تُقارن أبداً بخوفنا على بلدنا، نتمنى أن تسير أمورنا بشكل جيد وسريع لكن لا يوجد ضرر فيما لو تأخرت رخصة البناء على سبيل المثال يومين أو ثلاثة لكن أعود للتأكيد إنه لأمر مزعج أن يكون من الممكن إنجازها في يوم وتأخذ ثلاثة أيام فرضاً..
أين المحاسبة؟
والله يا أستاذ لن تصلح أوضاعنا ما لم تكن المحاسبة صارمة وفورية.. هكذا يرى (نبيل) الذي أضاف: لماذا نرى التساهل ونترك الأخطاء تتراكم لتصبح جبلاً من الصعب إزالته؟
ليس إلا!
ما تقدّم هو بعض من نماذج التفكير لدى شبابنا وهناك ما هو رائع وما هو سيئ بعيداً عن الأفكار التي نشرناها، ولكن ثمة اتفاق على أن مثل هذه القناعات تبقى في تبدّل مستمر وفق الظروف التي تؤثر بها..
كموظفين، كنّا نسأل يومياً عن زيادة الرواتب وعن إصلاح الأجور، ولكن عندما ترافق تحقيق ذلك مع محاولات الفوضى والعبث بالأمن والتخريب عدلنا عن هذا المطلب وأصبح الجميع يقول لنا: لا نريد زيادة على الرواتب ولا نريد أي شيء.. كل ما نريده هو أن يعود الأمن والأمان إلى سورية وتعود حياتنا طبيعية كما كانت..
كثيرون منّا كان يغمز من قناة بعض المسؤولين في الدولة لكن الآن الجميع التفّ حول الدولة ويعمل للحفاظ على قوتها وقوة اقتصادها ولو من خلال إيداعه ألف ليرة سورية لا غير في أحد المصارف...
الكثيرون كانوا يتحدثون عن غلاء أسعار بعض المواد الاستهلاكية أما الآن فالدعاء هو أن تبقى الأسواق بعيدة عن أيدي المخربين ليتمكن المواطنون في جميع المدن من شراء حاجاتهم اليومية ولم يعد السعر هو الهمّ الأول.
هذه التغيرات ليست كلّها إيجابية بالتأكيد (وأتحدث هنا عن تغيرات على التفكير) وهي معرّضة للتبدّل مرّة أخرى وفق تحرّك الظروف لذلك أرى أنه من الضروري أن نتحمّل التناقضات التي تبدو في شخصية من يحدّثنا أحياناً..
ربما يعيب البعض على الجهات الرسمية البطء في تنفيذ الإصلاحات المقررة لكن وحتى نكون موضوعيين علينا ألا نتجاهل الظروف التي تعمل بها هذه الجهات ولاسيما أن الحكومة ما زالت في أشهر عملها الأولى ولا تستطيع خلال يوم وليلة أن تحقق كل شيء دفعة واحدة خاصة مع وجود من يحاول تعطيل هذه الإصلاحات والتأخير في نسب تنفيذها.
ما يؤمن به شبابنا حقاً هو أن سورية أقوى مما يتصور البعض، قوية بأبنائها وبالحب المتبادل بين أبنائها، قوية بشبابها الذين يحملون همها ويدافعون عن علمها وبما يحملونه من أفكار خلاقة وبناءة، قوية بتناغم نسيجها الاجتماعي المتين وباستحالة اختراق هذا النسيج، قوية برغبتها الصادقة والواضحة في تحقيق المزيد من الخير والعطاء لشعبها، قوية بنبل وبسالة جيشها الأبيّ، قوية بحنكة وحكمة قائدها المفدى السيد الرئيس بشار الأسد، لكنهم – أي الشباب- يدركون أيضاً خطورة ما تتعرّض له سورية وشراسة الهجمة ضدّها وبالتالي يؤمنون بضرورة الوعي لتجاوز هذه المحنة بحيث يكونون رافعةً لمنعة دولتهم لا عامل إحباط وهدم فيها، ولهذا فقد تنادوا وعبر أكثر من موقع لتأجيل البحث في المطالب الحياتية والوقوف صفّاً قوياً ومتيناً في مواجهة المؤامرة المحاكة.
سورية، ومهما عصفت حولها النوائب، لم تنسَ يوماً أن شبابها هم زاد الغد الآتي وهم شعلة الأمل التي ستنير دربها نحو المجد والسؤدد لهذا يتركز الاهتمام على مختلف المستويات على هذه الشريحة المهمة من أبنائها سواء الذين يواصلون تحصيلهم العلمي في الجامعات من خلال سلسلة المراسيم التي صدرت لتعزز تحصيلهم أم الذين اجتازوا هذه المرحلة ويبحثون عن فرصة عمل ولهذا أيضاً نعوّل على الشباب أكثر من غيرهم في الدفاع عن مكاسبهم وعن حياتهم القادمة.