ما لبثت أن انتفضت ثم حملها إلى عمق التاريخ، إلى ميادين الخلود، إلى بقعة أزلية، بقعة لها عيون تنظر بأجفانها إلى الشمس التي تحيك من أشعتها علماً لا يمكن لأحد أن ينكسه ما دامت الشمس مشرقة، علماً مات من أجله الكثيرون، علماً اختلط بالدموع التي تتلألأ
على الأسيل، اختلط بقطرات الندى على عشب عفّن ند الضحى هي قطرة بريئة لطيفة جابت أصقاع الكون لتبحث عن ذاتها وعن هويتها فقررت أن تشد رحالها إلى منطقة تجمعها بها...
صفات البراءة وحب الحياة انتقلت من الشمال إلى الجنوب تفحصت البلاد بلداً بلداً لتجد مبتغاها ولكن عبثاً لم تجد ما تريده وذلك لأنها لم تبحث في البلاد العربية فهي قد سمعت من قطرات السواد، قطرات النفط والغاز الأميركي أن البلاد العربية ليست مقصدها ولكنها قررت أن تبحث في جميع البلاد عن هويتها عندما وجهت خطاها إلى البلاد العربية استملكها هذا الشعور الذي افتقدته طويلاً، شعور بالحاضر والماضي، شعور الحياة الكريمة فزاد إصرارها على البحث عن موطنها في هذه البلاد ولكن في غفلة من الزمان حملتها الرياح إلى بلاد الشام فازداد هذا الشعور الغامض وهي في رحلة البحث عن موطنها رأت طائراً وسألته عن موطنه فقال أنا من بلاد: إذا ما أصابتها النوائب قالت ها هنا نحن نأبى الجلاد فما انتصب الجبل إلا فوق واد، أنا من فلسطين فسمعت صوتاً يناديها يا قطرة الحياة إنا بانتظار، فاتجهت القطرة إلى مصدر الصوت فرأت طفلاً صغيراً في الملجأ يبكي لكن بكاءه قد انطفأ فصوت النار قد اشتعل وطغى على كل صوت، وفي لحظات امتلأ المكان بصمت وقعه مخيف، ثم عاد صوت البكاء، ولم تعلم القطرة كيف تساعد الطفل فقررت أن تكون دمعة على خده لعلها تصبح ولو بعد حين رصاصة في وجه المحتلين أو نبعاً يسقي نهر الحياة وهكذا وجدت القطرات موطنها واستقرت فيه.