واسمحوا لي أيضاً، أن أعبر عن سعادتي الكبيرة بزيارة هذا البلد الحبيب - سورية- التي كلما دعيت اليها سبقني اليها قلبي وعقلي، وكل الماضي الذي يجري في عروقي، وكل الحاضر وكل المستقبل..
وأود بداية: أن أترحم على جميع الضحايا الذين سقطوا على أرض سورية في صفوف الشعب والجيش والقوى الأمنية.. الذين سقطوا برصاص المؤامرة الكبرى التي لم تعد خافية على أحد.
أيها الأحبة.. لن أطيل عليكم الكلام، وسأبدأ من مقال نشر مؤخراً في صحيفة الوطن السعودية يقول في العنوان: جورج قرداحي ينضم إلى لائحة العار السورية.. ويروي كاتب المقال أن عدداً كبيراً من الفنانين والإعلاميين السوريين والعرب أعربوا عن تأييدهم للنظام السوري وأني التحقت بهم مؤخراً.. يستشهد الكاتب بأقوالي التي بثتها الفضائية السورية غداة أحداث درعا المشؤومة والمؤسفة وكانت خلاصتها أن سورية بدأت تتعرض لمؤامرة كبرى لا تستهدف النظام فحسب بل تستهدف سورية الدولة، بوحدة شعبها وأرضها، بأمنها واستقرارها ونموها، وبمكانتها الإقليمية والدولية، وناشدت الشعب السوري أن يتنبه لهذه المؤامرة، وأن لا يدعها تمر.
بصراحة أزعجني في هذا المقال أمران:
الأول أن توصف لائحة المدافعين عن سورية ووحدتها واستقرارها ودورها بلائحة العار.
فأنا بنظري هي لائحة الشرف.. والشرفاء.
والثاني، أن يستخدم الكاتب كلمة انضم فأنا يا أخي لم انضم بل كنت - غداة أحداث - درعا أول من حذر من المؤامرة على سورية الدولة، وسورية الوطن، وسورية الجغرافيا والتاريخ.
وسأقول لك لماذا وقفت هذه الوقفة بكل بساطة وقفتها بدافع الأنانية.. وحب الذات ليس إلا..
بدافع الأنانية أولاً.. لأني أحب سورية.. سورية التاريخ وسورية الكرامة وسورية التصدي وسورية الرمز والعزة والإباء والعنفوان..
ولأني أحب سورية الشعب.. كل الشعب منهم أهلي وأحبائي في جميع المحافظات والمدن والقرى وأمنهم يهمني كما يهمني حاضرهم ومستقبلهم وحاضر أبنائهم ومستقبلهم.
ولأني أحب سورية القيادة - ولم يكن هناك فرق- على حد علمي- بين الشعب والقيادة في سورية منذ أربعين سنة وحتى اليوم.
فخفت من المؤامرة الكبرى على هذه السورية التي أحب.
وبدافع الأنانية ثانياً، لأني أحب لبنان لبنان أهلي.. وطني.. فخفت على لبنان من نجاح المؤامرة على سورية، والتداعيات الكارثية التي ستتركها في الوضع اللبناني الهش مذهبياً، وطائفياً.
وبدافع الأنانية ثالثاً.. لأني أحب فلسطين.. فالقدس وبيت لحم، والشعب الفلسطيني.. كلها في القلب.. وخفت على فلسطين، إذا أصاب سورية مكروه لاسمح الله أن تضيع فلسطين لأن فلسطين - بصراحة - لم يعد لها عنوان للممانعة والصمود في هذا الشرق إلا سورية ولبنان مهما زايد الآخرون ومكروا..
وبدافع الأنانية رابعاً.. لأني خفت على الأردن والسعودية، إذا نجحت المؤامرة على سورية أن تمتد نارها إلى هناك.
وبدافع القناعة أخيراً، بأن المؤامرة على سورية هي مؤامرة على الأمة العربية جمعاء، وهدفها تفكيك الكيانات العربية، وإلهاؤها بمشاكلها الداخلية لسنوات طويلة فيتم وضع اليد على قرارات هذه الكيانات المجزأة وعلى ثرواتها ومقدراتها وطموحاتها ومستقبلها وتكون النتيجة أن ارتاحت إسرائيل.
أيها الأحبة، إذا وقف أحدنا ضد المؤامرة التي تتعرض لها سورية، فهذا لا يعني أن ذلك دعم للنظام.. فالنظام - أي نظام ليس بحاجة إلى دعمنا نحن معشر الإعلاميين.. فإذا لم يكن الشعب داعماً له، فلا أحد يستطيع أن يبقيه في مكانه.. وإذا لم يكن الجيش بكامله داعماً له. فلا أحد يستطيع أن يبقيه في مكانه.
كلنا نتألم لما يجري في سورية، ولا أحد منا يريد أن تسيل قطرة دم واحدة على الأرض السورية وكلنا نتألم إزاء المشهد المؤسف والمربك الذي تعيشه سورية هذه الأيام - ولكن صدقوني - إن أكثر من يتألم لما يجري هو الدكتور بشار الأسد.
فهذا الطبيب النقي والشفاف والطيب والشامخ أيضاً الذي كان هاجسه الدائم المواطن السوري وأوضاعه - كما كان هاجسه شموخ سورية وعظمتها - هو بمعرفتي به أكثر المتألمين لما يجري - وفي نفس الوقت، أكثر العارفين بخيوط المؤامرة التي حيكت على سورية من الخارج.
يبقى أن أملنا بالله تعالى كبير، بأن تتوقف دورة العنف قريباً، وأن يعود السوريون في جميع محافظاتهم ومد نهم وقراهم إلى حياتهم الطبيعية.
الرئيس وعد بإصلاحات كثيرة وجذرية بعضها أقر وبعضها نفذ، والبعض الآخر على الطريق.. وكلنا نعلم أن الرئيس هو الأشد حرصاً على الاستجابة لمطالب الناس - لذلك، يجب منحه الوقت اللازم للوفاء بوعوده.
فالحفاظ على سورية - يا إخوتي - لا يكون إلا بالتمسك بوحدة سورية - شعباً وأرضاً وجيشاً وبمواجهة هذه المؤامرة الجهنمية التي دبرت في الخارج، ويشارك فيها وللأسف بعض العرب.
ختاماً.. رحمة الله على جميع الشهداء الذين سقطوا على أرض سورية من الشعب والجيش برصاص المؤامرة التي - بعون الله، وإرادة الشعب السوري الواعي - لن تنجح ولن تنجح.
شكراً لكم مجدداً..
وشكراً لسعيد عقل الذي قال يوماً في حب سورية:
قرأت مجدك في قلبي وفي الكتب
شآم ما المجد!! أنت المجد لم يغب.
* من كلمته في حفل التكريم الذي أقامته الجمعية الخيرية لرعاية المسنين بدمشق