تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


القمة الإفريقية -الأمريكية الجنوبية ونتائجها

شؤون سياسية
الجمعة 9-10-2009م
د.محمد البطل

أنهت القمة الافريقية - الأميركية الجنوبية أعمالها نهاية شهر أيلول الماضي في مدينة بورلامار الفنزويلية، بحضور زعماء أكثر من خمسين دولة من القارتين، في خطوة وصفت بأنها تعزيز للتحالف «الجنوبي-الجنوبي». هذا في الوقت الذي شهدت فيه القمة توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية القارية،

ودعت إلى اعتماد توجهات ثنائية قارية مشتركة حول العديد من القضايا الدولية المهمة، التي تهم القارتين والعالم أيضاً.‏

بداية، تجدر الاشارة إلى قمة بورلامار بوصفها القمة الثانية الافريقية -الجنوب أميركية أولاً، وأنها عقدت بعيد قمة مجموعة دول العشرين الدولية التي تشارك في أعمالها دول من هاتين القارتين، وعلى هامش أعمال الدورة الـ64 للجمعية العمومية للأمم المتحدة أيضاً، وبحضور رئيس اتحاد دول أمريكا الجنوبية -اللاتينية «أوناسو» الاكوادوري رافايل كوريا، والرئيس الحالي للاتحاد الافريقي معمر القذافي.‏

وتندرج هذه القمة افريقياً: في سياق القمم التي عقدها الاتحاد الافريقي مع الاتحاد الأوروبي والصين وبعيد زيارات رئاسية مهمة للقارة من قبل عدد من قادة الدول الكبرى ومن ضمنها روسيا والصين...الخ وفي ضوء اللقاء الدولي المتزايد بالقارة السمراء. كما ينظر إليها أميركياً جنوبياً -لاتينياً: بأنها واحدة من القمم التي عقدتها هذه القارة مع روابط وتكتلات اقتصادية أخرى: (القمة الأوروبية- الأميركية الجنوبية، والأميركية الجنوبية - اللاتينية -العربية) وفي سياق جهود تيار التغيير والتقدم، الذي بات يمسك بزمام السلطة في غالبية دول القارة للانفتاح على «الآخرين» ومن ضمنهم القارة الافريقية.‏

وعلى الرغم من أهمية القمم المشار إليها آنفاً، فإنه لا بد من الاشارة إلى مصطلح «الجنوب والشمال» بوصفه تعريفاً غير دقيق: (ليست كل دول الشمال غنية أو استعمارية، كذلك لا يمكن تصنيف كل دول الجنوب فقيرة أو مستغلة، وأن الصراع الدائر ليس شمال -جنوب بل يتعلق بطبيعة نهج كل دولة أو تكتل أو تحالف...الخ وكيفية تعاطيه مع الدول الأخرى).‏

فقد دعت القمة إلى تحالف «جنوبي -جنوبي» يقف في وجه هيمنة الدول الكبرى على الاقتصاد والسياسة العالميين، وانشاء منظمة «حلف جنوب الأطلسي»!، يضم آسيا وافريقيا وأميركا الجنوبية واللاتينية بوصفها القوة الأممية التي تستطيع أن تغير العالم وتخلق التوازن وتصنع السلام.‏

كما اتفقت القمة على انشاء أمانة عامة متعددة الجنسيات تمد القارتين بالوقود، وتوقيع وثيقة الولادة الرسمية لـ(لبنك الجنوب) الذي أطلق عام 2007، ويضم سبع دول أميركية جنوبية ولاتينية واقترحت اقامة مصارف مشابهة للقارتين وتوقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية الأميركية الجنوبية -اللاتينية في مجالات مختلفة مع عدد من الدول الافريقية (سيراليون، السودان، النيجر، موريتانيا، جزر الرأس الأخضر...الخ). فضلاً عن التفاوض حول اتفاق نقدي اقليمي -اقليمي ثنائي لتنسيق سياسات القارتين التي: (لا يوجد أي تحد عالمي لا تستطيع افريقيا وأميركا الجنوبية مواجهته، كما لا يمكن مواجهة أي تحد من دون هاتين القارتين).‏

أما على المستوى الدولي فقد طالبت القمة بالعمل القاري الثنائي لفتح: (الأسواق الزراعية الأوروبية أمام البلدان الافريقية)، وأيدت: (دعم القارتين الكامل لاصلاح الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن الدولي، وضمان مشاركة أفضل للدول النامية في أميركا الجنوبية وافريقيا في عضويته الدائمة). كذلك الدعوة إلى مضاعفة مشاريع الطاقة المشتركة وتعزيز التعاون في مجالات الصحة والزراعة..إلخ لما فيه مصلحة البشرية جمعاء، فضلاً عن دعوة عدد من دول القمة إلى ضرورة العمل الجاد والتعاون مع الدول الأخرى والروابط والتكتلات الاقليمية والقارية في سبيل بناء عالم «متعدد الأقطاب» بديلاً عن النظام العالمي القائم والأحادية القطبية.‏

وإذ رحبت القمة بمشاركة عدد من دولها الكبرى في المنتديات الدولية، ومن ضمنها مجموعة دول العشرين، وغيرها من الأطر التي تبحث في كيفية معالجة الأزمة المالية (الأميركية ثم العالمية) وانعكاساتها السلبية على الاقتصادات العالمية بما فيها القارة الافريقية، فإن هذا يشير إلى- ويؤكد في الوقت نفسه المسؤولية العالمية الجماعية لحل الاشكاليات التي يعانيها عالمنا- واقرار بفشل سياسة القطب الواحد. وبالتالي ضرورة توسيع هذه الأطر أولاً، وتملكها الصلاحيات الفعلية لحل هذه الاشكاليات ثانياً.‏

كذلك التشديد على اصلاح الأمم المتحدة أنظمة وهيئات ومؤسسات، وخاصة مجلس الأمن الدولي، الذي يدور الحديث عن ضرورة توسيعه في الدورات الأخيرة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، الذي يفترض أن يضم أعضاء دائمين جدداً، وخاصة من أميركا الجنوبيةوافريقيا وآسيا. وهذا ما من شأنه أن يوصل إلى حالة أكثر توازناً في تركيبته وثانياً في قراراته وكيفية تعاطيه مع المشكلات الاقليمية والدولية.‏

بقي أن نشير إلى أهمية القمة الثانية الافريقية -الأميركية الجنوبية التي تأتي في سياق النشاطات الايجابية الأميركية اللاتينية- الجنوبية (الحديقة الخلفية السابقة لواشنطن) بوصفها عاملاً دولياً يزداد دوره تدريجياً، كذلك في الوقت الذي يزداد فيه الاهتمام الدولي بدوله الكبرى وتكتلاته وروابطه بالقارة السمراء، وبالتالي ضرورة تعزيز علاقات افريقيا دولاً واتحاداً وتطويرها مع الدول والروابط الأكثر قرباً لها، وتفهماً لضرورات العلاقات المتوازنة والمصالح المشتركة. وهذا ما أشارت إليه قمة بورلامار، وتالياً ضرورة تطبيق قراراتها.‏

 باحث في الشؤون الدولية‏

batal-in@scs-net.org

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية