تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


غرائب السلوك عند الحيوانات.. الخفاش رادار حي... و سم الأسماك دواء مفيد

علوم وبيئة
الجمعة 17-6-2011
بسام عبيسي

إن الغنى في تنوع الكائنات الحية التي تعيش على كوكبنا هو ثمرة ملايين من سنوات التطور التاريخي الطبيعي ولا يعرف أحد بشكل دقيق عدد هذه الكائنات الحية التي تشارك الإنسان حياته على سطح البسيطة حيث يتم اكتشاف أنواع جديدة من فترة إلى أخرى.

وقد أمكن للعلماء التعرف على 1.4 مليون نوع بيد أنهم يعتقدون أن العدد يصل إلى 80 مليوناً.‏

وهذا ما يبحثه المهندس الدكتور أكرم ابراهيم شحيدة في كتابه (غرائب السلوك) عند الحيوان:‏

لقد حاول الإنسان منذ القدم سبر الأغوار العميقة لسلوك الكائنات الحية من خلال وضع تفسيرات مختلفة موضوعية أحياناً وبعيدة كل البعد عن الواقع أحياناً أخرى.،‏

فها هم الأطباء الرومان يعتقدون قبل ألفي عام أن الأسماك الكهربائية (والتي لم يكونوا يعرفون خصائصها) تفرز مادة سامة بمجرد رؤيتها للفريسة واعتبروا سم الأسماك الكهربائية دواءً مفيداً جداً.‏

وبغية الحصول على المزيد من هذا الدواء بدؤوا يهتمون بتربية هذه الأسماك ويصطادونها بأعداد كبيرة ووضعها في أحواض بحرية خاصة.‏

ولم يتم حل اللغز العجيب إلا منذ فترة ليست بعيدة نسبياً.‏

وقد اكتشف العالم غريفن في ثلاثينيات القرن الماضي أن الخفاش يتعرف على العوائق التي تعترضه عن طريق اصدار ترددات موجية عالية.‏

واكتشف غريفن أن الخفاش قادر على تفادي سلك ذي قطر لا يتجاوز عشر الميليمتر.‏

وهذه الظاهرة التي سبقت اكتشاف الإنسان للرادار بزمن طويل توجد لدى بعض الطيور والحشرات وبعض الكائنات البحرية الأخرى.‏

ومن الأشياء الغريبة أيضاً قدرة بعض الكائنات الدقيقة على التعلم.‏

فقد وضعت دودة أرض في انبوب ذي شعبتين تنتهي احداهما بمصدر كهربائي ضعيف وعندما وصلت دودة الأرض إلى هذا المصدر تلقت صدمة كهربائية فعادت أدراجها.‏

وبعد عدة محاولات تعلمت أن في الاتجاه الذي سلكته أولاً شيء غير مريح ولم تعاود الكرة مرة أخرى.‏

في حين أن كائنات أخرى تقوم بتكرار الفعل الغريزي مرات عديدة دون أن تدري لماذا تقوم بذلك.‏

فبعد أن تجر حشرة الزنبور الحفار الجرادة إلى باب النفق الذي حفره يتركها على باب النفق بشكل ملاصق له ويدخل إلى الداخل.‏

وكأنه يفتشه ليأمن على وضع بيضه.‏

فلو تركنا الزنبور يدخل النفق ثم قمنا بابعاد الجرادة قليلاً عن بابه فإنه حين يخرج يقوم بسحب الجرادة مرة أخرى ويلصقها بالباب من جديد.‏

ويدخل لتفتيش النفق مرة أخرى ويمكننا أن نجعل الزنبور يكرر هذه العملية وقتاً طويلاً بهذه الطريقة فغريزته تحتم عليه ألا يدخل الجرادة إلى النفق إلا إذا كانت ملاصقة لبابه ولا يفهم أن الطريق مأمون إلا إذا كانت الجرادة ملاصقة للباب، فالغريزة هنا هي التي تحرك هذا السلوك.‏

وتستخدم بعض الحيوانات السبات الشتوي أو الصيفي لتفادي قساوة الظروف المناخية شديدة البرودة أو شديدة الجفاف.‏

كما يحصل ذلك لدى السنجاب الأرضي الأميركي الذي يعيش في جحور قليلة العمق في المراعي وعلى أطراف الحقول.‏

وخلال الصيف يقتات بالحشرات والنباتات لتكوين الدهن في جسمه.‏

ثم يصوم فترة قصيرة قبل أن يصبح خاملاً مفسحاً المجال لجسمه كي يهضم الطعام ويتخلص من الفضلات.‏

ويستعد لفصل الشتاء منذ مطلع الخريف حيث يحفر جيباً يتراوح قطره بين 15- 20 سنتميتراً عند طرف ممر لا يزيد عمقه في الأرض عن 30-60 سنتميتراً ويبطن هذا الجيب بالحشائش الجافة وأحياناً بأوراق النباتات الميتة.‏

وبعد ذلك يلجأ إلى مأواه الشتوي ويسد مسلكه بأوساخ طرية ويلتف على نفسه ساكناً حتى الربيع القادم.‏

وتبقى نشاطات جسمه مستمرة طوال فترة السبات لكن بنسبة منخفضة.‏

والسبب في ذلك واضح إذ إن نشاطات الجسم تستنفد طاقة طالما كان لدى الحيوان احتياطي مختزن على شكل دهن.‏

وفي الواقع ينخفض معدل نبض الحيوان من 200 نبضات في الدقيقة إلى (5-14) نبضة في الدقيقة وتهبط درجة حرارته من 37 إلى 19 درجة مئوية أو أقل وينخفض معدل تنفسه من (180 إلى 4) مرات أو أقل وتصبح الدورة الدموية ضعيفة.‏

ومن أغرب أنواع السلوك تلك التي تنشأ بين كائنات مختلفة. وتنشأ هذه العلاقات على أساس تبادل المنفعة والحماية فالحيوان الذي يقوم بالحماية يحصل على الغذاء حيث تقوم سمكة المهرج الزاهية الألوان بالاحتماء بشقائق النعمان البحرية ذات اللوامس اللاسعة والتي تصطاد أي كائن حي يقع في مرمى سهامها.‏

تقوم سمكة المهرج بجلب ما تصطاده من كائنات بحرية أخرى إلى شقائق النعمان البحرية - المكان الآمن الذي يعيش فيه- متقاسماً مع مضيفه الوجبة اللذيذة.‏

إنها المصلحة التي تحتم على كل كائن أن يتصرف على أساسها في عالم لا يرحم الضعيف ولا الغافل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية