لكن ماذا لو صادفنا شخصاً ما يتمتع بإمكانيات عالية من تفوق علمي أو ثقافي أو حتى يفوقنا بالتحصيل الدراسي. فما المشاعر التي تنتابنا إزاء هذا الشخص? أهي غيرة أم حسد? أم كلتاهما معاً?
بالطبع لن يتمكن أي شخص منا أن يصّرح أو يعترف بأنه يغار من الآخر أو يحسده فالمشكلة لاتقف عند حد الاعتراف إنها تتجاوزها لأبعد من ذلك, فالويل لمن يمتلك هذا الشعور.
فما الغيرة? وماملامحها? وهل الغيرة الدراسية موجودة فعلاً بين طلاب الجامعة? ومتى تكون إيجابية أو سلبية? وإلى أي مدى تؤثر على علاقة الصداقة والزمالة بين الطلاب?
معظم من قابلنا من طلاب الجامعة أجمعوا على الغيرة الدراسية وبنسبة ملحوظة بين الطلبة إلا أن البعض رأى صفة الغيرة عموماً ملتصقة بالفتيات أكثر من الشباب وأنها غالباً أشد وطأة بينهن لدرجة الوصول إلى مايشبه الحرب المدمرة التي لاترحم فهل تؤيد الطالبات ذلك?
الغيرة الإيجابية
إحدى الطالبات التي تغار وتصف غيرتها بالإيجابية لأنها لاتحقد على أي زميل أو زميلة بل تسعى دائماً إلى الاستفادة من كل نجاح يحققه أي زميل وعموماً الغيرة صفة فطرية مترسخة في نفس كل إنسان إلا أنها تبرز بنسبة أكبر بين الفتيات حيث تقول الطالبة سوزانا سنة رابعة إعلام: أنا أغار كثيراً حيث كنت أفكر أنني لن أبدأ بالعمل الصحفي إلا بعد التخرج ولكن نتيجة لقائي بإحدى زميلاتي الناجحات بالعمل الإعلامي رغم أنها سنة ثالثة دفعتني غيرتي لتلك التجربة وممارسة العمل الصحفي وبالطبع نجحت بذلك قبل التخرج.
وهكذا تثبت أن الغيرة حسنة النية حيث إنها سعت نحو النجاح دون الإساءة.
حالة فطرية
فيما ترى زينة الحمد سنة ثالثة حقوق: إن الغيرة حالة نفسية وفطرية مكتسبة يشعر بها كل رجل وامرأة لأنها مرتبطة بعوامل كثيرة منها حب الذات والتسلط وانعدام الثقة فكثيراً مانرى خلافات تنشأ بين الزملاء أو المحامين أو المطربين نتيجة الغيرة والشهرة. ولكن الفروق تظهر بشكل واضح بين فئة الفتيات أكثر من الرجال من حيث تغيير لون الوجه والنظرات وأحياناً تصل إلى الارتباك أو التلكؤ بالكلام. أما بالنسبة للرجال فلديهم طرق كثيرة لإخفائها لأنه يهز من رجولة أي شخص منهم.
مكتسبة من تأثيرات البيئة والتربية
أما بالنسبة للطالبة عبير سنة ثانية علم نفس: فترى أن الغيرة مشكلة انفعالية يعاني منها كل البشر على اختلاف مستوياتهم الثقافية والفكرية حيث تختلف من شخص لآخر وفقاً لتأثيرات البيئة والتربية وتعتقد أن الغيرة لايمكن تجزئتها فعندما يغار الإنسان من أخيه أو زميله في مقعد الدراسة فهذا يدفعه إلى التنافس فيما بينهم وهذا أمر إيجابي, لأنه لايثير مثل تلك المشاعر أما إذا كانت غيرة من جوانب الحياة كافة فبالتأكيد ستقوده إلى سلوك سلبي وتحرضه لارتكاب أمور غريبة تؤدي إلى الأذى أحياناً.
أما بالنسبة إلى الطلاب فقد أجمع غالبيتهم أنهم لايغارون وأن الغيرة صفة ملتصقة تماماً بالطالبات أما عن الغيرة الدراسية فهي موجودة بينهم, ولكن بنسبة قليلة, والتفوق العلمي هو من أهم القضايا التي تثير الغيرة بينهم.
حيث يؤكد بشار وابراهيم طالبان من قسم الترجمة: أن الغيرة إن وجدت بين الرجال فإنها تزول بسرعة ولاتترك أي أثر أو دافع للأذى بعكس الفتيات اللواتي تؤثر الغيرة بينهن من خلال تحطيم علاقات الصداقة والزمالة وعند سؤالهما عن تأثير الغيرة ضحكا واعترفا بأن كل شخص يغار وبالنسبة لهما الغيرة تتولد عند رؤية شخص يتفوق مادياً وعلمياً, وعندما يكون له زملاء أكثر وهذا أمر طبيعي طالما لانقوم بأذية أحد.
ولمعرفة الغيرة وما أسبابها وكيفية مواجهتها والتغلب عليها التقينا الدكتور كامل عمران أستاذ في علم الاجتماع حيث قال:
الغيرة هي سلوك إنساني معين يستهدف شخصاً ما من الأشخاص أو جماعة أو شيئاً من الأشياء, حيث يجعل الإنسان الذي يحمل الغيرة متأثراً كثيراً. وتكون الغيرة على شكلين: إيجابي وسلبي.
فالشكل الإيجابي حيث تدفع الشخص نحو المزيد من العمل للوصول إلى تطور الإنسان أو نظرته نحو المستقبل.
أما الشكل السلبي فيبقى الإنسان غير مستقر.
والغيرة لها مكونات بيولوجية ومكونات مكتسبة, ويتابع قوله إن الغيرة لها سببان أساسيان هما المؤثر الخارجي فبدون مؤثر خارجي لاتحدث الغيرة من خلال شخص ما أو شيء ما.
والمؤثر الداخلي يحدث من خلال البنية الانفعالية هل هو من النمط المنفعل بسرعة أو بطيء.
وهذا تحدده أمور بيولوجية كما تلعب التنشئة الاجتماعية والتربية دوراً في هذا كما يقول إن هناك فروقاً بين كل من الغيرة والتنافس والحسد, فالغيرة تقود إلى سلوك سلبي غالباً في حين الحسد قد لايترجم إلى سلوك تجاه الآخر. أما التنافس فهو إيجابي في أٌغلب الحالات خاصة عندما يكون محفزاً للفرد لبذل جهد أكبر والتفوق على الآخر دون النيل منه.
وقد يكون سلبياً وتكون نتائجه غير جيدة, ولكنه ( أي التنافس ) لايصل إلى مستوى الغيرة من حيث الحساسية تجاه إنجازات الآخرين.
وأخيراً يقول الغيرة يمكن مواجهتها بأسلوبين:
الأسلوب الأول أن تأخذ الأسرة دورها من خلال التنشئة الاجتماعية والابتعاد عن التمييز بين أفرادها لأنه يخلق الغيرة.
والأسلوب الآخر: هو كلما قمنا بإعداد الإنسان وتدريبه أكثر في مجال التوازن الانفعالي من خلال دورات تدريبية خاصة تحد من عملية الغيرة.