وهي تعترف بحساسيتها تجاه الجميلات فقد ذكرت في مذكراتها (حصيلة الأيام) تقول مخاطبة ابنتها المتوفاة باولا: (أنت كنت تضحكين مني يا باولا لأن النساء الجميلات في رواياتي يمتن قبل الصفحة الستين, وكنت تقولين إن ذلك مجرد حسد من جانبي ولابد أنك كنت على شيء من الصواب, إذ كان يروقني لو أنني واحدة من بارعات الجمال, أولئك اللواتي يحصلن على كل ما يرغبن به دون جهد).
إزاء الجمال, وأمام شبهة القبح وشهوة الكمال تتوحد النساء: ربة البيت والمثقفة والأديبة وحتى الفيلسوفة.
لطالما استفزتني نهايات النساء الجميلات التراجيدية التي تسوقها لهن إيزابيل الليندي في رواياتها وبعد قراءة عدة أعمال لها أصبحت على يقين بأنها كارهة حقيقية للجميلات وما أن تلوح لي بطلة جميلة في إحدى رواياتها سأكون على يقين بأنها ستموت خلال صفحات قليلة وبالفعل هذا ما يحصل وبالمقابل ستقدم لنا بطلة أخرى بإمكانيات جسدية متواضعة لكنها خارقة حيث ستكون ماهرة بالطبخ إلى حد السحر وتخاطب الأرواح وتستحضر الغيب.. عموماً ليس غريباً أن المرأة حتى لو كانت أديبة من وزن ثقيل كالليندي يصعب عليها تفادي حقيقة هيئتها الجسدية المتواضعة.. في مجال التعاطي مع الجمال ثمة ميزة تسجل لصالح الأدب الذكوري - إذا جاز التعبير - تقريباً ما من أديب يعجز عن تخيل أبطال وسيمين وبطلات خارقات الجمال بسبب (تواضع شكله الجسدي) ربما ما زال أمام الأدب النسائي, قطع شوط طويل صوب بلوغ روح التسامح وغفران الجمال لحاملاته وأن تتجرأ الأديبة على ابتكار بطلة جميلة بعيداً عن عقدها النفسية..!!
محلياً ما زال أدبنا بشقيه الذكوري والنسوي يبني سردياته على إشاعة ساذجة تقليدية مفادها أن الجميلات كائنات غبية وبالمقابل القبيحات هن كائنات بالغة الذكاء, يصدمني حقيقة أن روائية مثل الليندي غير قادرة على ابتلاع واقع أن هيلينا ملكة الاغريق أشعلت يوماً الحرب لمدة عشر سنين وبسبب جمالها دمرت حضارة طروادة وهذا ما لن تحرزه فتاة طولها 150 سم كما تعترف الليندي حول طول قامتها. مهما بلغت موهبة الأديب أو الأديبة يحق لنا مطالبته بتجاوز عقده الشخصية.
ربما البعض ينتقدني ويقول بينه وبين نفسه أنني أريد جميع الأدباء رهيبي الموهبة والنظرة.. أريدهم جميعهم (ماركيز)!!