فقد ادى فشل مخطط «الشرق الأوسط الجديد» الذي بشرتنا بولادته وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس الى اثارة قلق ومخاوف واشنطن وحلفائها الدكتاتوريين في المنطقة، ما دفعهم لإعادة التفكير الاستراتيجي للأولويات لدى هولاء المتآمرين على المنطقة عموماً وعلى سورية بوجه الخصوص لاسيما بعد الخسائر التي تكبدتها واشنطن في العراق وتنامي المعارضة داخل اميركا للحروب. وعملوا من اجل استهداف المنطقة الى عسكرة الازمة في سورية وطرح الخيارات العسكرية ضدها متجاهلين المعارضة القوية لشريحة واسعة من السوريين لهذه العسكرة، ورفض كل الحلول الخارجية بشؤون بلادهم.
وفي هذا السياق اكدت الصحيفة البريطانية ان تحالف الامر الواقع المكون من الولايات المتحدة والسعودية واسرائيل وتنظيم القاعدة يتجاهل بشكل كامل معارضة الشعب السوري لاي تدخل في بلادهم.
واضافت الصحيفة في مقال حمل عنوان التدخل العسكري في سورية سيكون كارثيا على شعبها ان القائد السابق لقوات التحالف في اوروبا الجنرال ويزلي كليرك كشف انه وبعد بضعة اسابيع من هجمات الحادي عشر من ايلول عام 2001 وصف وزير الدفاع الاميركي حينها دونالد رامسفيلد كيف ستتخلص واشنطن من سبع دول خلال خمس سنوات بدءا بالعراق ومن ثم سورية فلبنان وبعدها ليبيا ثم الصومال والسودان واخيرا ايران وذلك بالطبع بعد ان يتم غزو افغانستان.
وتابعت الصحيفة ان ما عطل المخططات الاميركية كان فشل الاحتلال الاميركي في العراق والذي لم يسر كما كان مخططا له وهزيمة اسرائيل في عدوانها على لبنان عام 2006 وسقوط حلفاء السعودية في المنطقة وهما الرئيسان التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك ما اطلق المزيد من اشارات الانذار وقاد حلف شمال الاطلسي الناتو إلى شن الغزو على ليبيا والان يحاول تحالف واشنطن الرياض اسرائيل والقاعدة استهداف سورية.
واضافت الغارديان ان حقيقة وقوف سورية وايران والعراق ولبنان في وجه الهيمنة الاميركية والاسرائيلية هو ما يثير حقا قلق ومخاوف واشنطن وحلفائها الدكتاتوريين في المنطقة وليس الدفاع عن حقوق الانسان والحريات الدينية.
وتابعت الصحيفة البريطانية انه وبعد ان كان حكام السعودية من آل سعود اصدقاء لسورية يبدو من الواضح ان عملية اعادة للتفكير الاستراتيجي في الاولويات لدى السعوديين والاميركيين والاسرائيليين في المنطقة قد بدأت بعد الخسائر الاميركية الفادحة في العراق وتنامي المعارضة داخل الولايات المتحدة للحروب. وقال الكاتب الاميركي سيمور هيرش في مقالة نشرت في صحيفة نيويوركر عام 2007 ان المسؤولين الاميركيين غيروا الاستراتيجية الاميركية ليس فقط في العراق ولكن بشأن سورية ولبنان ايضا فقد تعاونت مع حكام السعودية في عمليات سرية تهدف إلى اضعاف حزب الله في لبنان كما اعدت خططا سرية ضد سورية وايران وباتت تتهاون مع قادة ومسلحي القاعدة ولاسيما في ليبيا، غير ان ما ثبت فيما بعد هو ان الوضع مع هذين البلدين كان اخطر.
وقد وجهت ايران اصابع الاتهام رسميا إلى قاعدة تدريب ارهابي في شمال العراق الذي يمثل ممرا ضخما للتدخل في سورية.
ومع اعلان تنظيم القاعدة رسميا عن شن حرب داخل سورية بات الزواج القائم بحكم المصلحة بين الولايات المتحدة والسعودية واسرائيل ضد الدول المناهضة للاميركيين مثيرا للصدمة.
وقد حدث الامر نفسه في الماضي من حيث الدعم الاميركي للقاعدة في العراق فاغلبية الشعب العراقي تؤمن بان قوات الاحتلال التي كانت تقودها الولايات المتحدة في بلادهم اتبعت السياسة نفسها والتي تقوم على غض الطرف عن الارهاب الطائفي الذي اتبعته القاعدة في هجماتها في العراق لانه كان من شان ذلك اضعاف المقاومة الوطنية العراقية الحقيقية ضد الاحتلال الاميركي.
كما عمد الحكام القطريون والسعوديون وبعد اشتعال الانتفاضات قريبا منهم ومن الاسطول الاميركي الخامس في اليمن والبحرين إلى سحق الانتفاضة البحرينية بشكل عنيف وتقويض حركة التظاهر في اليمن وبتشجيع ودعم من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي اي ايه وتركيا قاموا بتوزيع اموال النفط بكرم كبير على بعض المجموعات المختارة وعمدوا إلى عسكرة الازمات كما في سورية.
وفي الوقت نفسه تقوم وزارة الدفاع الاميركية بالحديث عن الخيارات العسكرية ضد سورية كما تقوم ال سي اي ايه بتنظيم ما يدعي الجيش الحر وتدعم ما يطلق عليه المجلس الوطني.
ولكن ما لا يتم الحديث عنه في سورية ويتم تجاهله تماما هو المعارضة القوية لشريحة عريضة من السوريين لعسكرة الازمة فهذا يفتح الباب بشكل كبير لاحتمال التدخل العسكري الاجنبي ويشكل خطرا على النسيج الاجتماعي للمجتمع السوري كما يعود بالفائدة الكبيرة على اسرائيل التي تحتل هضبة الجولان السورية.
غير ان الآلة الاعلامية في العالم العربي ولاسيما قناة الجزيرة التي تمتلكها العائلة الحاكمة في قطر تتخذ دور المشجع والمحرض لفصائل ما يسمى المجلس الوطني والجيس الحر اللذين يسعيان للتدخل العسكري بدعم من تركيا عضو حلف الناتو. واشارت الصحيفة إلى ان كل ما يحدث بشأن سورية يشكل مذكرا قويا بطبول الحرب التي بدأت تقرع ضد العراق عام 2002 وترويج وسائل الاعلام للقصص المختلقة التي ساقها حينها الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير ضد العراق.
واختتمت الصحيفة بالقول ان سورية ليست العراق متسائلة ما الذي يمكن ان يحدث في حال نجحت الخطط السعودية الاميركية الاسرائيلية القطرية ضد سورية وتسلم احد المشايخ المحرضين على اراقة الدماء والمدعومين من قطر والسعودية الحكم في سورية وما الذي يمكن ان يحدث للاقليات في البلاد او لملايين النساء السوريات ممن يتمتعن بحقوق واسعة تفوق بشكل لا يمكن مقارنته باي شكل من الاشكال بحقوق المراة السعودية.