على وقع ذلك العجز الفلسطيني الذي وجد في المناخ العربي القائم الذي تغزوه رياح الاستعمار والتآمر والخيانة والتشتت البيئة الأنسب للنمو والتضخم ، تبرع إسرائيل باستغلال كل الفرص التي قدمها لها الانقسام الفلسطيني من جهة والغفلة العربية من جهة أخرى على طبق من جراح وآلام الفلسطينيين لمواصلة جبروتها وحماقاتها لكسر الإرادة الفلسطينية التي تحاول منذ أكثر من ستة عقود اغتيال كل أسباب ومقومات حياتها عبر استهداف وضرب مرتكزاتها وأركانها الأساسية المبنية على أربع قواعد ثلاث منها متينة وصلبة هي الإنسان والأرض والتاريخ و واحدة ضعيفة هي الحاضنة العربية التي تصدعت بفعل بعض الانظمة العربية التي اختارت سبيل الذل والخنوع والتواطؤ مع العدو .
وفي إطار سياسة ضرب قواعد ومرتكزات الإرادة الفلسطينية دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالأمس الى توسيع أعمال البناء الاستيطاني في الضفة الغربية ، مؤكدا خلال اجتماعه بوزراء حزبه ( الليكود ) أن إسرائيل ينبغي أن تعزز النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية انطلاقا من أن سياساتها تقوم على تقوية المستوطنات التي تؤدي في النهاية الى انهيار مرتكز الأرض الذي يعتبر من أهم القواعد التي يقوم عليها الفعل والإرادة الفلسطينية.
سياسة إسرائيل الساعية الى هدم وتدمير مرتكزات القضية الفلسطينية تصاعدت خلال العقد الأخير بعد أن تلقت تلك السياسية عدة صفعات قوية على المستويين الداخلي الفلسطيني والخارجي العربي ، عندما انسحبت من الجنوب اللبناني في العام 2000 وانهزمت أمام صمود المقاومة اللبنانية والفلسطينية في عامي 2006 و2008 ، الأمر الذي دفعها الى مضاعفة كل ممارساتها وأعمالها الإرهابية والإجرامية ، وفي هذا الصدد ذكرت دائرة العلاقات الدولية في (منظمة التحرير الفلسطينية ) في تقرير لها صدر مؤخرا أن سلطات الاحتلال أقرت بناء 4342 وحدة استيطانية جديدة وهدمت 37 منزلاً ومنشأة واعتقلت 240 فلسطينياً خلال الشهر الماضي ، إضافة الى تعرض قطاع غزة منذ مطلع العام وحتى الان الى سلسة غارات جوية منظمة وممنهجة في التوقيت والأهداف أدت الى سقوط عشرات القتلى والجرحى كثير منهم من الأطفال والنساء .
وفي الشهر الماضي صدقت لجنة التنظيم والبناء في بلدية الاحتلال بالقدس المحتلة على خرائط لإقامة فندق يهودي في الحي الاستيطاني المسمى (جفعات همطوس) جنوب مدينة القدس المحتلة .
وقالت صحيفة ( هآرتس) العبرية إنه سيتم بناء الفندق الذي سيحتوي على 1100 غرفة على تل يقع قرب بيت صفافا وطريق الخليل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بالقدس عام 1967، وذلك بالتزامن مع قرار إسرائيلي آخر بإقامة 2610 وحدات استيطانية كمرحلة أولى في المنطقة ذاتها من مدينة القدس.
تلك الإجراءات الصهيونية تزامنت كذلك مع اقتحام قوات الاحتلال حي البستان ببلدة سلوان جنوب الأقصى المبارك بالقدس برفقة طواقم تابعة لبلدية الاحتلال وداهمت العديد من المنازل وسلمت قرارات محاكم تقضي بتنفيذ أوامر هدم لهذه المنازل التي ستؤدي في حال نفذت إلى تشريد 1200 مقدسي عن مدينتهم تنفيذاً لسياسة التهويد في المدينة المقدسة ، وتشمل أوامر الهدم التي سلمتها سلطات الاحتلال في بلدة سلوان 88 منزلاً بهدف إقامة مشاريع تهويدية تخدم أسطورة وخرافة الهيكل الثالث المزعوم.
الجانب الفلسطيني وبدلا من الدفع بجهود المصالحة الفلسطينية نحو الأمام وتوحيد الصف الفلسطيني ورفع مستوى مناعته الداخلية لمواجهة ذلك الغزو الإسرائيلي اليومي لمرتكزات القضية الفلسطينية ، اكتفى بالرد والتنديد الكلامي على تلك الممارسات الصهيونية المحمومة والمسعورة ، حيث طالبت الرئاسة الفلسطينية رئيس وزراء العدو بوقف الأعمال الأحادية الجانب فوراً، معتبرة قرار نتنياهو بشرعنة ثلاث بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية بأنه سلبي .
وفي نفس السياق نعيد التذكير بالتقرير الذي صدر عن ( معاً ضد الاستيطان ) الشهر الماضي والذي كشف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي صادرت أكثر من3585 دونماً تعود ملكيتها لفلسطينيين في القدس المحتلة والضفة الغربية خلال الثلث الأول من العام الجاري .
وأكد التقرير أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً لأبسط قواعد ونصوص القوانين الدولية المختلفة حيث نص البند الثاني من المادة السابعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 أنه لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفياً.
وأوضح التقرير أن سلطات الاحتلال صادرت خلال كانون الثاني الماضي نحو 13 دونماً تعود ملكيتها لأهالي منطقة وادي الجوز في القدس المحتلة كما صادرت في الثالث من نفس الشهر 169 دونماً من أراضي أهالي قرية سكاكا قضاء سلفيت في حين صادر الاحتلال بعدها بيوم واحد 50 دونماً من أراضي قرية وادي النيص قضاء بيت لحم.
وأشار التقرير إلى أن الاحتلال وضع يده على 1161 دونماً من أراضي المدينة المقدسة بغرض توسيع جدار الفصل العنصري الذي يمر في المنطقة كما صادر 120 دونماً من أراضي منطقة وادي رحال في بيت لحم وصادر في بلدتي شعفاط وبيت حنينا في القدس في 17 كانون الثاني الماضي 117 دونماً وفي 19 من الشهر نفسه صادر 76 دونماً من أراضي قرية الخاص قرب بيت لحم.
كما بين التقرير أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي صادرت في شباط الماضي 431 دونماً من أراضي قرية نحالين قضاء بيت لحم و68 دونماً في قرية الجعبة وفي بلدة يطا قضاء الخليل بالضفة الغربية صادرت سلطات الاحتلال 30 دونماً من أراضي القرية و 21 دونماً من أراضي قرية قراوة بني حسان ، كما صادرت سلطات الاحتلال في آذار الماضي 1235 دونماً من أراضي قرية الولجة القريبة من القدس لإقامة ما يسمى بحدائق وطنية في إطار مخطط استيطاني يستهدف الأراضي الغربية المحيطة بمستوطنة غيلو فيما صادرت في نيسان الماضي أكثر من 10 دونمات في بلدة يطا في الخليل وفي بيت لحم استولت على 60 دونماً في بلدة تقوع.
ويتزامن تنفيذ المخططات الاستيطانية وبناء مستوطنات جديدة في القدس مع مخطط آخر خطي يقضي بترحيل 27 ألف مواطن فلسطيني من العائلات الفلسطينية المقدسية التي تقطن في المناطق التي تقع في غلاف القدس.