|
ثقافة اللجام معاً على الطريق ويقال: أيضا تكلم فألجمته ولجمه الماء بلغ فاه. وعندي أن الصفة الاساسية في عالم العرب السياسية والفكرية والثقافية هي الالجام حتى ليمكننا القول إننا نعيش في ثقافة اللجام. ففي كل فم من افواه الذين من شأنهم أن يتكلموا وفي رأس كل قلم من الاقلام التي تكتب لجام يشده صاحب السلطان متى شاء وأنى شاء ، واصحاب السلطان عندنا كثيرون ومتنوعون حتى أن المرور من امامهم صار ضرباً من الحظ السعيد. ولايحسبن احد من القراء الاعزاء ان اللجام هو ذلك الذي يظهر في العلن وأمام شاشات التلفزيونات وكاللجام الذي حاول إلجام السيد القمني مثلا، فحالات الإلجام في ثقافتنا كثيرة جداً . فهناك الإلجام الذي يأتي بعد نفور اللسان والقلم وهذا الإلجام أقل أشكال الإلجام ظهورا . ويعرف عبر وسائل الاعلام فيبدو فاقعاً جداً. وهناك الالجام الذي يجري في الخفاء دون ان يدري به أحد سوى اللاجم والملجوم وهذا هو أكثر انواع اللجام والإلجام شيوعاً. وهناك نوع هو أخطر أنواع الإلجام ألا وهو الإلجام الذاتي، حيث الرسن في يد الملجوم ذاته، فيلجم نفسه دون انتظار أحد السلط للجمه وهؤلاء نفر من الخنعة والخنع والنطع. والحالة الأولى معروفة للجميع لا حاجة للإسهاب في شرحها وغالباً ما يمارسها أصحاب السلطة الدينية إذا ما وجدوا أن هناك نوعاً من القول او الكتابة تعارض ترسيماتهم الدينية أو تنقدها. فيستغلون ماعندهم من قوة لإشهار سيفهم والتشهير. وغالباً ما لا تناصر السلطة السياسية المقهور. وقد يرضى الكاتب الإلجام في القادم من الأيام أو لا فيذهب الى حيث لا ثقافة لجام. أما الحالة الثانية: وهي - كما قلنا- الأكثر شيوعاً فالإلجام يجري في إطار عقد شفاهي أو رفض وقبول الرفض من طرفي الاختلاف المؤسسة والكاتب. منها أنت ترتبط بالقائمين على هذه المجلة أو تلك أو هذه الجريدة أو سواها بعلاقة خاصة ودودة. يتصل بك رئيس التحرير أو ما شابه ذلك معتذراً عن نشر مقالك اليومي أو الأسبوعي أو مقالتك في المجلة ويطلب منك أن تتفهم الحالة الحرجة وصعوبة نشر هذا المقال في هذه الظروف بالذات. فلا يكون منك إلا أن تتفهم الوضع الحرج الذي يمكن أن يكون عليه صديقك المسؤول فتوافق على عملية اللجم العابرة هذه وفاء لما قام به قبلاً من تمرير ما لا يمرر. أو أنك تواجه رقيباً متخصصاً بالإلجام وخاصة إلجام كتابك فتأخذ كتابك وتتحايل ربما تسمح الظروف بتغيير الرقيب بمروره سالماً او تبحث عن دار نشر في مكان آخر ليس فيه نوع اللجام الموجود في بلدك بل فيه أنواع أخرى. وفي الحالتين فإن هناك عراكاً وصراعاً لاينتهي ان بين صناع اللجم وبين رافضيها والمعركة لاتنتهي إلا بالانتصار الكامل لقلم على اللجام. ويجب أن ننتصر عليه. أما أولئك الذين هم لجموا أنفسهم وسعداء باللجم فهم الذين يزينون لصناع اللجم وأصحابها وهم الالجام. ونقول لكل سلط ثقافة اللجام منهزمون أنتم لا محالة.
|