وشارك فيها أكثر من أربعين فناناً وفنانة ينتمون إلى محترفات عربية ومحلية (سورية، السعودية، مصر، الجزائر، الكويت، السودان، لبنان، الأردن ، فلسطين، قطر).
وفي هذا الملتقى ما يشبه الاحتفال بعودة وهيمنة طروحات الأصالة والحداثة والبقاء في خطوات مزاولة الرسم والتلوين في إطار ألوان وأضواء وأنوار الواقع القادمة في حالات إظهار الوهج اللوني من ذاكرة العين ومخزونها البصري الشرقي والعربي تحديداً ، وهذه العناصر اللونية الشرقية والإشارات التراثية وجدناها في أعمال أكثرية الفنانين العارضين، فالفنان بولس سركو يسعى في لوحاته الأربع لإيجاد القوة الإيحائية لعناصر الايقاع اللوني والشكلي عبر اللوحة التعبيرية والخيالية المتفاعلة مع الجمالية الشرقية والمعبرة عن ذاكرة الماضي الحضاري وتأتي الإيقاعات السريعة لتلتقط حركة الأشخاص من خلال معالجة اختزالية مثبتة بلحظة خاطفة تجعل الأشكال أكثر حيوية وأكثر طراوة وأكثر غنائية وحرية.
ويبحث الفنان عبود سلمان في لوحاته الخمس عن فضاء تشكيلي يوازن في إيقاعاته الزخرفية بين معطيات النسيج الشرقي القديم والصياغة التشكيلية الشعبية، فهو يعمل ومنذ سنوات طويلة لإيجاد أجوبة لعلاقة الفن الشعبي الفراتي بتداعيات الحياة التي عرفها في طفولته وفتوته ومدى علاقة هذه التداعيات التراثية بأسلوبه الفني الخاص، مع التركيز على إظهار تحولات التجربة على الصعيد التقني من اللوحةالورقية والقلمية إلى طريقة الرسم الزيتي على سطوح اللوحة القماشية.
وفي ثلاثية الفنانة ليلى طه تبرز الرغبة في إظهار الخصوصية الأسلوبية داخل المساحة المرسومة أو المتخيلة الشيء الذي يفتح مساحات لوحاتها على احتمالات تعبيرية مستمدة من التراث العربي المعماري والزخرفي ، بحيث تجعل الزخارف والقباب والجدران والأبواب والنوافذ القديمة تتداخل في أحيان كثيرة مع الكرسي والنافذة وأحواض الزهور والأحصنة وفي ذلك تظهر قدرة على التلاعب بالسطح من خلال استخدام العجينة اللونية وخطية التعبير التقني الذي تريد إيصاله إلى المشاهد. ويجسد الفنان عبد الحكيم الحسيني عطاء الطبيعة المحلية في حالات التألق والخضرة الربيعية وذلك بإضفاء اللمسات اللونية العفوية على المشهد المطروح أمام عين المشاهد، فهو لا يرسم لوحة واقعية برؤية تقليدية وإنما يستخدم الألوان العفوية والتلقائية كل ذلك بضربات متتابعة ومتجاورة ومشحونة بالأحاسيس وبالمشاعر الداخلية وضمن صياغة فنية لها علاقة بالحرية التلوينية وبالإشراق الضوئي المحلي.
ويقدم فتحي صالح أربع لوحات يقترب فيها من الأجواء الخيالية والرمزية القادمة من معايشة الواقع الحياتي الراهن المشحون بالتوتر والقلق والترقب، فالأجساد التي يقدمها دون وجوه أحياناً تطرح تسؤلات مقلقة وحادة ولاسيما حين يصل بالشكل الإنساني إلى أقصى حدود التحوير والتحريف القادم من عوالم القتل والوحشية والإبادة.
ويعطي الفنان عمر طه لوحاته الحروفية المزيد من الحيوية والحرية متبعاً إيقاعات الدوائر والأقواس والحركات الانسيابية المتجاورة والمتداخلة.
واللافت ابتعاده الكلي عن العفوية والعبثيةالموجودة في أعمال العديد من الفنانين الحروفيين المعاصرين وبذلك فهو يعمل ضمن إطار مبدئي موزون ومدروس وعقلاني يهتم بالدقة وبالتدرج اللوني المقروء في أحيان كثيرة في خلفيات لوحاته.
ويسعى سامر اسماعيل لإبراز جوانب جمالية وتعبيرية حديثة تبقى محكومة بالمنطق الأسلوبي الذي يحدد الأشكال والعناصر الإنسانية المختزلة والمبسطة مع إضفاء شاعرية بصرية آتية من تقنية وضع المادة اللونية.
ويركز النحات غازي كاسوح لإظهار حرارة اللمسة أو الضربة العفوية مؤكداً تقنية الخشب التي أعطت عمله جمالها المنفتح على الماضي والحاضر معاً.
ويستعيد الفنان محمد أسعد سموقان جذور ارتباطه العاطفي بجذوع الأشجار وأغصانها وأوراقها ضمن خصوصية البحث عن احتواء جديد للمادة اللونية عبر طريقة كشط طبقات اللون الطري بسكين الرسم الحادة أو بوسائل أخرى.
وفي أعمال الفنانين العرب مؤيد منيف وهند العبيدان وصديق واصل وعواد فالح وعبد الله العتيق وحسن مداوي من السعودية وفريد العلي من الكويت ومحمد العتيق وفيصل العبد الله وحصة كلاّ من قطر وعبد الغني بو معقورة من الجزائر ومحمد إدريس ومحمد عز العرب من السودان وأحمد المجذوب من الأردن وفوزي زقزوق وفتحي صالح من فلسطين ونصر الدين عراقي من لبنان ثمة اتجاهات تشكيلية متنوعة في تقنياتها وتوجهاتها الجمالية التي تبقى في إطار وطروحات الحداثة والأصالة أو التي تستعيد معطيات الماضي والتراث ضمن رؤية فنية جدية ومعاصرة، ولقد قدم للمعرض الفنان التشكيلي عبود سلمان بكلمة مطولة تناولت تجربة كل فنان على حدة وجاءت في سياق تحليل الجوانب التشكيلية والتعبيرية والتقنية.