تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جداريات

ملحق ثقافي
8/9/2009
وليد إخلاصي

كان يوماً للشعر الجميل..

وكان يوماً للاحتفاء بالطبيعة السورية التي كثيراً ما أهملت في غمرة حصار المدن، فكأنما ما غزا روحي من شعر قد تمازج مع أشجار الجبال وفراشاته وأصوات طيوره، كان يوماً حاصرني بخصوصيته فمنحته عيني وسمعي.‏

الرحلة في ذلك اليوم كانت بصحبة صديقي الشاعر سعد الدين كليب، وكانت وجهتنا هي الوصول إلى عش نسر يخص نزيه أبوعفش الذي احتضنته تلال مرمريتا. وأبو عفش هو العزيز علينا، الرقيق بصلابته والجامح بشعره.‏

حقاً، فقد كان يوماً للشعر‏

يوم لم أعهد مثله في سنواتي الطويلة إلا في ساعات محسوبات من العمر. وكنت مع صديقي الدكتور سعد الدين كليب قد دعينا إلى المركز الثقافي لمنطقة مرمريتا، إلا أننا فوجئنا بأنّا منحنا شرف افتتاح هذا المركز. قرأت قصتين قصيرتين من قديمي، وأما الشاعر كليب فقد جاء بقصيدتين إحداهما عمل عليها في الليلة الماضية، أي أنها حالة من الإبداع كانت طازجة، إلا أنها مختمرة.‏

علمت أن القصيدة كانت بداية لمشروع سيضمه ديوان واحد ويحمل العنوان التالي وهو (مواقف ومخاطبات). وإذا كانت بمواقفها تذكرنا بالنفري، إلا أنها نقلتنا إلى عالم شعري حلق فيه سعد الدين كليب ليرسم لنا بكلماتها ومعانيها أرقى ما يمكن لشاعر معاصر أن يعانقه من حداثة تسري في أوصالها دماء هي أقرب إلى شاعر صوفي كالنفري، وإن جاءت بلغة العصر الذي نعيشه والزمن الذي سيأتي غداً وتلامس أخطر مواضيع سكت عنها. حلقت بعيداً، وكنت مصغياً بجوارحي إلى الشعر فلم تكن نشوة فحسب بل إنها مخاطبة أيضاً للعقل الذي طالما استسلم أو أغفى فجاءت تلك القصيدة أو هذا المشروع الشعري الذي بشرت به القصيدة لتوقظه وتشعل فيه جذوة لا أخالها إلا حقنة من اليقظة والوعي الجمالي، وخلاصة ما سمعت من شعر كان بحق نوراً أضاء عتمة الروح.‏

خرجنا من الأمسية لنتوجه إلى منزل نزيه أبو عفش الذي فاجأنا بابنه مع زوجه وقد قدما على آلتين مقطوعة من تأليف الموسيقي الموهوب الابن كنان، ولم تقتصر السهرة على ذلك بل كانت مفاجأة نزيه، قرأ علينا الشاعر أبو عفش قصيدة عن الموسيقى أو ما يمكن أن نسميه بنعمة الموسيقا أو رؤية جديدة لها. فلم يسبق لي أن رأيت بأذني أو أحسست بجلدي ما يماثل هذا الشعر . وأصبحت اللغة المقروءة ترتفع إلى مستوى الموسيقا نفسها، كانت مفردات نزيه أبو عفش تتجمع في جمل تقودك إلى تجسيد يستمد من السحر سره.‏

ألم أقل لكم أنه كان يوماً حقيقياً لشعر حقيقي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية