التاريخ كما ترويه المنتصرات
ملحق ثقافي 8/9/2009 فؤاد حسن من الصعب التكهن إذا ما كانت الكاتبة التشيلية الكبيرة إيزابيل الليندي قد أقدمت على كتابة روايتها “إنس يا حبيبة الروح” الصادرة مؤخراً عن دار ورد
بدافع التأريخ الأدبي لحقبة مهمة من تاريخ أمريكا الجنوبية وهي فترة احتلال الإسبان لتشيلي، أم بدافع رد الاعتبار لشخصية غيبها المؤرخون لفترة طويلة هي شخصية السيدة إنِس سوارث بطلة الرواية، وربما كان دافع إهمالهم أخلاقياً أو لمجرد كونها امرأة.
وضعت الكاتبة أحداث روايتها على لسان بطلة القصة لتروي بذلك حكاية تاريخية عسكرية على لسان شخصية امرأة، وهو ما يندر حدوثه عادةً في روايات من هذا النوع. ووضع الرواية على لسان بطلة أنثى بدلاً من صوت راوٍ محايد أو شخصية عسكري ذكر كما هو معتاد أعطى الرواية ديناميكية وخفة وقدرة على محاكمة الأحداث أخلاقياً بشكل أساسي، حيث أن البطلة وإن كانت من المشاركين الرئيسيين في الأحداث إلا أنها تروي هذه الأحداث وهي على فراش الموت لابنتها بالتبني مما جعل السرد في الرواية أقرب للسرد الشفوي منه للمعتاد في السرد الروائي المكتوب لهذا النوع من الأعمال الأدبية. والبطلة التي شاركت في المعارك هي في النهاية شخصية غير عسكرية، مما أعطاها القدرة على محاكمة بقية الشخصيات الفاعلة في الرواية على أفعالهم خلال الحرب. فهي كثيراً ما كانت تنتقد المجازر والأفعال المرتكبة من قبل القادة والجنود تجاه سكان البلد الأصليين وتجاه بعضهم البعض معبرة عن عدم رضاها تجاه المذابح والمكائد التي كانت تحاك، حتى إن انتقاداتها كانت تطال طريقة الملك في تسيير شؤون بلاد لم يرها ويعتبرها تابعة له لمجرد وجود عدد قليل من الجنود الإسبان على أرضها. فالبطلة وإن كانت من الطرف المنتصر، إلا أن أنوثتها أعطت قراءتها للأحداث انسانية أعلى.
إن الرواية بشكل عام عمل أدبي جميل وممتع، وفيه تناول جيد للتاريخ يسمح بمحاكمة مختلفة للأحداث.
|