تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مصطفى الخاني: مزاجية الرقيب ليس لها معايير واضحة

ملحق ثقافي
8/9/2009
حوار: أنور بدر

مصطفى الخاني خريج المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2000، وقد عاد إليه مدرساً في العام 2006 إثر عدد من الدورات وورشات العمل في فرنسا، وفي الجامعة الأمريكية في بيروت.

يُفاجئك هدوؤه وثقافته الفنية وتواضعه أيضاً، ويؤكد أنّ نجاح أي ممثل هو حصيلة عدد من العوامل لكنها مجتمعة لا تغني عن الموهبة والثقافة والاجتهاد.‏

يعترف الخاني بأنه دخل المعهد العالي للفنون المسرحية بما يُشبه الصدفة، إذ لم يكن لديه أي تجارب أو حتى رغبات في التمثيل، لكنه استطاع لفت أنظار المخرجين والمدرسين مبكراً، فاستعان به المخرج محمد ملص في فيلمه السينمائي «فوق الرمل تحت الشمس»، كما أخذه حاتم علي هو وتيم حسن في مسلسل «الزير سالم»، وكانوا طلاباً لديه في السنة الرابعة.‏

لعب في هذا المسلسل دور «جحدر»، وربما ساهمت هذه الخطوة في وضعه على سلم المطلوبين دائماً للدراما التاريخية، مع أنه لم يقبل العمل في أي مسلسل لم يُثر اهتمامه، أو يستثير في داخله التحدي تجاه العمل عموماً وتجاه شخصيته بشكل خاص. يعود الخاني إلى المسرح هذا العام مخرجاً في عرض «سيدة الفجر» للكاتب الإسباني «اليخاندرو كاسونا» وقد أدرجت في خطة مديرية المسارح والموسيقا للموسم القادم. لكنه يطل علينا عبر الشاشة الصغيرة لهذه الدورة الرمضانية يومياً في باب الحارة بدور «النمس» كما يتابع تصوير دوره في مسلسل الأسباط، وقد التقيناه في الحوار التالي:‏

• لفت الانتباه دورك الجديد في الجزء الرابع من مسلسل «باب الحارة»:‏

•• ألعب دور «النمس» وهي شخصية قد يكتشف المشاهد أصداء لها في الأجزاء السابقة، لكنها مبنية بشكل جديد كلياً، وأنا اشتغلت عليها ضمن النص، وبموافقة الكاتب والمخرج، كي لا تكون شخصية أحادية الجانب. إذ حاولت تقديمها بحيث تحمل كل التناقضات التي توجد ضمن أي شخص فينا، فهو شخص يحمل من الطيبة والذكاء والبساطة، بقدر ما يحمل من الخير والشر والطرافة، إنها شخصية غنية بالتناقضات.‏

• رغم الشعبية الكبيرة لمسلسل «باب الحارة» إلا أنه ما زال يتعرض لمزيد من الحملات النقدية؟‏

•• نحن شعوب لا نعرف أن نستثمر نجاحاتنا، فـ»باب الحارة» رغم كل ما قيل عنه كان عملاً استثنائياً على مستوى الوطن العربي، وحتى بالنسبة للجاليات العربية خارجه، فلماذا لا نقدم جزءاً رابعاً وخامساً وسادساً ما دامت السوية الفنية للعمل مستمرة وتتطوّر؟! ولماذا تُقدِمْ قناة مثل mbc على توقيع إنتاج الجزأين الرابع والخامس إن لم يكن الإقبال على مشاهدته يضمن السوق الإعلانية سلفاً!!‏

دعني أخبرك أننا أثناء تواجدنا في الجزائر أو الخليج اكتشفنا أنّ «باب الحارة» قد صنع حالة في الوطن العربي لم يحققها سابقاً إلا مسلسل «رأفت الهجان» المصري الذي اتكأ على موضوع وطني أو سياسي لتحقيق نجاحه. وفي أمريكا والعالم هناك أعمال تلفزيونية مستمرة لعشرات السنوات وأكثر، كما أننا نتابع الأعمال التركية في مئات من الحلقات ونرفض فكرة أن يكون لدينا جزء رابع أو خامس من أهم عمل تلفزيوني سوري؟!‏

برأيي أنا، طالما أنّ المتلقي يرغب في متابعة هذا العمل، وطالما أنّ العمل يُحافظ على هذه الشريحة الكبيرة من المشاهدين على مساحة الوطن العربي وخارجه، فإنّ إنتاج جزء رابع وخامس هو مُبرّر فنياً وإنتاجياً، ومن لا يُريد متابعة العمل يمكنه ذلك ببساطة ودون أن يعتبرها قضية مصيرية.‏

العمل ضمن شرطه الخاص يعتمد على حكاية بسيطة موظفة في بيئة شعبية، والمخرج لا يستعرض عضلاته الإخراجية، ومع ذلك نجد أنه العمل الأكثر شعبية شئنا أم أبينا، من حيث المشاهدة، حتى أنّ شخصياته أصبحت رموزاً أو مرجعيات في الوطن العربي.‏

• كيف تفسر إذن الخلافات التي نشبت بين أسرة العمل، حيث غادر كاتب النص والعديد من نجومه في الأجزاء الأولى؟‏

•• أعتقد أنّ نجاح العمل هو نجاح لكل من عمل أو ساهم فيه، وعلى رأسهم مخرجه بسام الملا، لأنه مشروعه الفني منذ أخرج « ليالي الصالحية» و»أيام شامية»، و... من جهة ثانية، لا شك أنّ غياب أحد العناصر يؤثر على المسلسل، لكن هذا يمكن تداركه دائماً، بدليل أنّ غياب الممثل «بسام كوسا» في شخصية «الإيدعشري» بعد نهاية الجزء الأول وغياب الممثل «عباس النوري» في شخصية «أبو عصام» بعد الجزء الثاني لم يؤثر في محصلة العمل.‏

ومن ثمّ دعني أكشف حقيقة لا يعرفها الكثير من مشاهدي هذا العمل ومن جمهور الدراما، وهي أنّ كاتب السيناريو «مروان قاووق» أول ما قدم النص للمخرج بسام الملا، قدّم له الجزء الثاني فقط، ولكن المخرج بعد قراءته رأى أنّ أغلب الشخصيات تحمل تاريخاً كبيراً يُحكى عنه، فقرّر أن يكون له جزء أول يصوّر هذا التاريخ بدلاً من سرده على المشاهد، وكُتب الجزء الأول بالتعاون بين «مروان قاووق» و»كمال مرّة»، فيما الجزء الثالث كتبه «مروان قاووق» منفرداً ولم يلق النجاح الذي عرفه الجزآن الأول والثاني من العمل، وظهرت بعض الخلافات المهنية بين المخرج وكاتب النص، تمّ حلّها رضائياً وبالاتفاق بين الاثنين لصالح المخرج، الذي أصبح منتجاً منفذاً للعمل في جزئه الرابع، والذي أوكل كتابته إلى «كمال مرّة» الذي شارك في كتابة الجزء الأول كما أشرنا.‏

• كيف تفسر المتابعة الكبيرة لمسلسل «باب الحارة»؟ وما هي ضمانات نجاح الجزء الرابع؟‏

•• صدقني لا أحد يستطيع أن يُفسر نجاح عمل دون آخر وبشكل خاص عند توفر السوية الفنية للعملين، حتى المخرج يقول: أنا فعلاً لا أعرف بالتحديد أسباب هذا النجاح الاستثنائي للعمل، وبشكل خاص في جزئه الثاني.‏

أمّا حول الجزء الرابع الذي انتهى تصويره، فأنا أستطيع التأكيد أنه لا يقل أهميّة عن الجزأين الأول والثاني، وأتوقع أن يلقى صدىً شعبياً لا يقل عنهما، ربما بسبب الحالة الثورية التي يتضمنها، فهناك خط ثوري للمقاومة، وهناك عناصر تشويق تشد مشاعر الجمهور، كما وفّر المخرج لهذا الجزء عناصر درامية مهمة كالسيدة «منى واصف»، والفنان «فائز قزق»، وأنا طبعاً، نأمل أن تشكل هذه الأسماء إضافة مهمة للعمل.‏

• دعنا ننتقل إلى مسلسل «الأسباط» الذي يستمر الآن تصويره، وهو عانى من إشكالية مختلفة مع الرقابة؟‏

•• لا شك أنّ الفترة التي يتطرق العمل إليها هي فترة إشكالية جداً في التاريخ العربي والإسلامي، حيث نشأت العديد من النزاعات والاتجاهات أو التيارات الفكرية والمذهبية المتصارعة مع بعضها، ولكل منها أتباع وموالون حتى الآن، وما يحدث في لبنان أو العراق من نزاعات طائفية ما هو إلا استمرار للنزاعات التي بدأت في تلك الفترة، فحساسية هذه المرحلة وحساسية الصراعات المستمرة آثارها حتى الآن، تجعل تناول هذا العمل لها بحاجة إلى دقة شديدة كيلا نساهم في توليد حساسيات جديدة.‏

وقد مُنع تصوير العمل في أكثر من دولة عربية، علماً أنّ العمل أو النص عرض على الكثير من المدققين التاريخيين كالدكتور «محمد محفل» الذي أعطى بعض الملاحظات وتمّ استدراكها، ثم عرض على أئمة الإفتاء في المنطقة، وحصل على فتوى تجيز تصويره من «القرضاوي» إلى «الزحيلي» و»السيستاني» و مفتي سوريا الشيخ «أحمد حسون»، أي أنّ العمل مُغطى من الناحية التاريخية، ومُجاز من الناحيتين الدينية والشرعية، فلماذا أثيرت حوله كل هذه الضجة؟ وكيف يُمنع تصوير عمل تاريخي وقد أجازه مفتي سورية؟ ولا يوجد أي إشكالية سياسية أو دينية أو تاريخية في النص؟!‏

برأيي أنّ العمل كان تحت رحمة مزاجية الرقيب والتي للأسف ليس لها معايير واضحة، بمعنى عندما يتغير هذا الرقيب كشخص ويأتي آخر محله، يمكن أن يُسمح بالعمل أو بتمريره، وهذا خطأ كبير، لأنه يجب أن يكون هناك فكر مؤسساتي يخضع عمل الرقيب له، وليس فكراً شخصياً للرقيب يُخضع عمل المؤسسة لأهوائه.‏

فالعمل لم يحاول إثارة النزاعات أو الخلافات بين الطوائف الإسلامية، وإنما أرجع تلك الخلافات إلى عناصر خارجية لإثارة الفتن بين المسلمين.‏

أنا لن أتكلم كثيراً عن حيادية العمل، ولكنني أستطيع الجزم أنه لم يسئ لأي من الفئات أو الطوائف، كما سعى إلى مقاربة الحقيقة، وربما نتكلم بتفصيل أكبر بعد عرض العمل، فهو عمل يحترم عقل المشاهد كما يحترم مشاعره الدينية أياً كان انتماؤه.‏

• هل تعتقد أنّ الضجة التي أثيرت حوله، ومنع تصويره في أكثر من دولة عربية يمكن أن يؤثر سلباً على متابعته أثناء العرض؟‏

•• بالعكس، أنا أعتقد أنّ هذه الحملة ستكون عاملاً إيجابياً لصالح العمل، فالضجة الإعلامية التي أثيرت حوله منذ عام تقريباً ولا زالت، ومنعه من التصوير في أكثر من دولة عربية، وهذه سابقة في الأعمال التاريخية، ستشكل بمجملها دعاية مجانية لصالح متابعة العمل.‏

وحتى لو امتنعت بعض الفضائيات عن تقديمه، لكن الآن هناك عدد من أهم الفضائيات العربية تتسابق على شراء حقوق العرض حصرياً، مع العلم أن تصوير العمل لم ينته بعد.‏

• ماذا عن دورك في هذا العمل؟‏

•• ألعب في هذا المسلسل دور «الخراص» وهي شخصية أساسية، عملت مع «ابن سبأ» جهاد سعد، وهو محرك الأحداث... والشخصية حساسة جداً، لذلك لن أتكلم عنها، أفضل تأجيل الحديث حولها لما بعد العرض، حتى أتمكن من نقل ما حاولت هذه الشخصية أن تقدمه أو تقوله للمشاهد أو المتلقي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية