تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


منارات الكرامة

مجتمع
الأثنين 15-12-2014
لينا ديوب

ربما لم يكن يخطر في البال أن نتذكر قصص الموت ونحن نؤمن بالحياة رغم العدوان المركب على بلدنا، لكن عندما تكون طريقة الموت اختيارا للرحيل بكرامة وأنفة، فإننا نتذكر ونكتب ليعرف الجميع المعنى أو المعاني للكرامة .

في مثل هذه الأيام وقبل عام فجّر رجلٌ المهندس الشاب نزار أربع قنابل يدوية بنفسه وبعائلته لحظة اقتحام الإرهابيين منزله؟ أنها شجاعة الكرامة، تجنبا للمذلة، أو تفاديا لرؤية الزوجة والابنين يتعرضون لأي موقف لاتحتمله عزة النفس، لقد امتلك نوعا خاصا من الشجاعة في اختيار الموت لأسرته.‏

قرّر المهندس نزار حسن أن يذهب بنفسه إلى الموت مع زوجته المهندسة ميسون محلا، وبكره كريم (17 سنة) وطفله بشر (4 سنوات)، لكن بعد أن قتل ثمانية من ارهابيي تنظيم «جيش الإسلام» في الهجوم الشهير على مدينة عدرا العمالية، وكان نزار قد حصل على أربع قنابل يدوية قرب جثمان أحد شهداء الجيش، وكان قد أخبر أقرباءه في آخر اتصالاته معهم، بأنه لن يستسلم ولن يكون رهينة لاهو ولا زوجته ولا ولديه، إلى أن وصل الارهابيون الى شقته مع ساعات الفجر، وكان قد اتخذ قراره فجمع أفراد العائلة الصغيرة في حمام المنزل، مع اقتراب المسلحين منه، 25 ارهابيا خلعوا باب المنزل، وما إن أصبحوا داخل منزله حتى رمى نزار ثلاث قنابل، قتلت 8 منهم وأصابت الآخرين، أما الرابعة فقد فجّرها بنفسه وبعائلته. رأى أسرته الصغيرة تموت أمام عينيه، هكذا أخبر أقرباءه في آخر مكالمةٍ ردّ عليها قبل أن يسلم الروح.‏

قصة نزار واحدة من آلاف قصص الشهداء في هذه الحرب ، وجميعهم سطّر بطولات نادرة بعضها سمعنا بها وبعدها بقيت بعلم من عاشها ورحل، كأبطال مشفى الكندي، وأبطال معسكر وادي الضيف، ومطار الطبقة العسكري ،ومنهم منفذا العمليتين الاستشهاديتين في محيط المطار، الضابطان مهران سعيد وربيع عيسى. ولن ننسى الجنديين اللذين قاتلا الارهابيين في اللواء 93 في الرقة حتى وقعا في الاسر يقوم احد الارهابيين باطلاق النار على الاول، و يطلب من الثاني يحيى الشغري ان يقول دولة الاسلام داعش باقية، فيرد يحيى أمام قاتليه رغم كثرتهم ليقول عالياً : و الله لنمحيّا.‏

جميعهم كانوا الحق دائما وسيبقون، إن لحظة في الظلام لم تسلبهم النظر، بل بقوا البصر والبصيرة، ودونما عذاب لقوا حتفهم، أنتم جميعا حاربتم كل الظلم والظلام. لكن يبقى الأب والزوج وصاحب البيت نزار حسن استثنائيا بموته، وكانت رسالته الأخيرة على هاتفه الجوال «الله والجيش أملنا» اعلان الايمان بالحق، والرفض المطلق للذل.‏

في مرات كثيرة لانعرف هل نصمت أمام هذا البهاء، وهذا التجسيد للكرامة الانسانية. أم يزداد إيماننا بأن أصحاب العزة والكرامة والوطنيين موجودون وباقون منارات لنا جميعا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية