ويعتبر كبار الباحثين في هذا المجال أن المشكلات البيئية تشكل تحدي القرن بموازاة ما يواجهه الإنسان من قضايا تهدد المجتمع البشري، مثل ظاهرةِ الاحتباس الحراري وتداعيات ثقب الأوزون والأمراض والأوبئة عابرة الحدود.
وخلال سنوات الحرب والعدوان على سورية لم يكن البشر فقط هم ضحاياها بل كانت البيئة أحد أبرز الضحايا، إذ طالت آثارها السلبية الماء والهواء والتربة، والغطاء الأخضر وقد أدى العدوان إلى تدمير وتوقف أكثر من مئة مشروع لإنشاء محطّات معالجة المياه، إضافة لتدمير العديد من المنشآت المائية والبنى التحتية الخاصة بشبكات الصرف الصحي، وشبكات مياه الشرب ما نتج عنه عدم قدرة على استيعاب الملوثات المطروحة، أكانت صلبة أم سائلة، وزيادة في تلوث المساحات المائية.
ولعل الكارثة الأسوأ التي أصابت البيئة في سورية انتشار مصافي النفط البدائية عبر تسخين خزانات تُحوّل النفط الخام، من دون أدنى مستلزمات السلامة، فضلًا عن انتشار نواتج الحرق من مواد سامة ما أدى حسب المعلومات المتوافرة إلى انتشار واسع للأمراض الجلدية والتنفسية، كما أن الدخان المرافق لعملية التصفية يحتوي على غاز ثنائي أكسيد الكربون ومادة الرصاص التي تؤثر في تطور الأجنّة وظهور عدد من الأمراض الخطيرة كسرطان الرئة يضاف إلى كل ما ذكر آنفاً الملوثات البيئية الجديدة الناجمة عن الحرب والمتمثلة بظهور منشآت صناعية غير مطابقة للمواصفات العلمية والقانونية أنشأتها المجموعات الإرهابية لتصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة والتي تحتوي على أخطر أنواع الأكاسيد كالنتروجين والرصاص وساهمت بتدمير محيط تلك المنشآت بيئياً وأدت لتلوث خطير في بعض الأماكن بمياه الشرب والغطاء النباتي.
الواقع البيئي اليوم في سورية ليس كما نشتهي بل إن مشكلاتها التي اعتدناها مسبقاً تضاعفت عشرات المرات نتيجة المنعكسات السلبية التي طالتها خلال السنوات الماضية وهي بحاجة لجهود مضاعفة لحمايتها من خلال توصيف طبيعة مشكلاتها والتوصل إلى استراتيجيات لحلها بشكل علمي ومنظم بالتعاون مع جميع الجهات للمساعدة في معالجة الضرر الناجم عن مخلفات الحرب الدرجة الأولى ومساعدة الجيل القادم بالحصول على بيئة نظيفة وصحية.