تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أخطار التوجهــــات الجديدة للنــــاتو

شؤون سياسية
الخميس 27-8-2009م
د. ابراهيم زعير

لم يكتف حلف الناتو بإعادة هيكلته السابقة، القائمة على مايدعيه بالعقيدة العسكرية الدفاعية، والانتقال إلى العقيدة الهجومية،

على خلفية انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو في مطلع تسعينيات القرن الماضي (العشرين) بل بدأ بعض مسؤولي الحلف في بروكسل (المقر الدائم لحلف الناتو).‏

بالتفكير جدياً لتبني نظرية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار التحديات الراهنة التي تهدد الأمن الدولي، مثل الإرهاب والقرصنة، ومنع انقطاع امدادات النفط والغاز من مصادرها إلى المستوردين في أوروبا، ومن المقرر حسب مصادر الحلف أن يتم تبني هذه النظرية الاستراتيجية في العام القادم 2010، وما رشح من معلومات حول ماهية هذه النظرية الجديدة تفيد أن أقطاب الحلف يسعون إلى منح حلفهم صلاحيات استخدام القوة دون تخويل من مجلس الأمن الدولي في أي منطقة من العالم، تشكل خطراً على الأمن العالمي، والواقع كما هومعروف أن الحلف مارس هذه النظرية في العراق وحتى في أفغانستان وفي العديد من دول العالم الأخرى دون أن يصدر قرارواضح من مجلس الأمن بشأن تدخل الحلف في هذا البلد أوذاك، والواضح أن زعماء حلف الناتو الكبار وخاصة الولايات المتحدة، يحاولون بأي شكل أوصيغة، إنهاء دور مجلس الأمن الدولي وحتى الأمم المتحدة، التي لم ترضخ بفضل وجود دول كبرى كروسيا والصين في مجلس الأمن لما أراده حلف الناتو من تدخل عسكري مباشر في شؤون الدول الأخرى، على أن يكون صادراً عن مجلس الأمن، ولكن الموقف الروسي والصيني، وحتى الفرنسي يحول دون اتخاذ مثل هذه القرارات، وماحدث من تدخل في العراق دون قرار من مجلس الأمن جعل قادة حلف الناتو يفكرون بإيجاد إطار قانوني دولي لتدخله في البلدان الأخرى، دون مراعاة رأي الدول الكبرى الفاعلة في مجلس الأمن والأمم المتحدة.‏

إن هذا التوجه الجديد لحلف الناتو، يشكل خطراً جدياً على الأمن العالمي وعلى حرية واستقلال الدول الأخرى الرافضة للإملاءات الأميركية والاستعمارية، فحلف الناتو ومنذ تأسيسه عام 1949 لم تتغير طبيعته ومهامه، فمازال حلف عدوان، ينفذ ماتمليه عليه مصالح الدول الكبرى الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة في أي مكان من العالم، يهدد هذه المصالح، ولم يكن موضوع الأمن الدولي أو مصالح الدول الأخرى، وارداً اطلاقاً في تفكير قادة الحلف، ولم يكن يوماً عاملاً للسلام والاستقرار واستعادة الحقوق المغتصبة أو ترسيخ الديمقراطية كما يدعي، وفي أي مكان حل فيه حلف الناتو، حل الخراب والدمار والقتل والديكتاتورية، وقمع حركات المقاومة الوطنية، وليس ثمة مايحتاج إلى برهان. لقد أعلنت روسيا في ردها على توجهات الناتو الجديد الرفض ورأت أن المخاطر والتهديدات الراهنة تحمل طابعاً عالمياً ولايمكن لحلف الناتو أن يتفرد بالرد عليها، وإذا كان هذا الموقف لايوحي بالعداء للحلف وتصرفاته، وخاصة مايتعلق بأفغانستان التي تعتقد روسيا أن مايجري في هذا البلد المنكوب يهدد أمنها القومي.‏

إلا أنها رفضت بشدة منح حلف الناتو إمكانية استخدام القوة دون تخويل من مجلس الأمن الدولي، وقد وصفت هذه الدعوات بأنها غير مسؤولة وتثير التساؤلات، وروسيا تدرك تماماً أن مخاطر حلف الناتو على أمنها القومي، ليقل في الجوهر عن المخاطر التي يشكلها في العراق وأفغانستان وإفريقيا لقد ضم حلف الناتو العديد من دول أوروبا الشرقية إلى صفوفه، ما منحه الاقتراب كثيراً من الحدود الروسية ويسعى الحلف إلى ضم أوكرانيا وجورجيا، ويعمل لتسليح جورجيا التي مازالت تفكر بالانتقام من روسيا التي وجهت إليها ضربة قاسية، قبل عام أثناء اعتدائها على جمهورية أوسيتيا الجنوبية، وليس غائباً عن روسيا أن حلف الناتو وشريكته إسرائيل في الشرق الأوسط هو المسؤول عن الأحداث المأساوية في انغوشيا والشيشان وغيرها من الجمهوريات داخل الاتحاد الروسي، سعياً من الناتو إلى خلق المشكلات والاضطرابات في الداخل الروسي، أملاً في تفكيكه أمانجح سابقاً في تفكيك الاتحاد السوفييتي فروسيا مازالت هي العقبة الرئيسية أمام حلف الناتو لبسط هيمنته على العالم، رغم تخلفها العسكري والاقتصادي بعد الانهيار الكبير، ولكن قوتها النووية الاستراتيجية مازالت موازية للولايات المتحدة، وهذ القوة تحديداً هي التي مازالت تحافظ على شيء من التوازن الدولي، إن المنحى الجديد لحلف الناتو فيما إذا قيض له النجاح فإن العالم سيكون عرضة لمخاطر لم يسبق لها مثيل، تهدده بسلب حريته واستقلاله.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية