تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حـــــذاء أبـــــي القاســـــــم الطنبـــــــــوري

ساخرة
الخميس 27-8-2009م
نصر الدين البحرة

في تراثنا الأدبي والشعبي كما أوردته كثير من الكتب بعضها معروف مشهور مثل «ألف ليلة وليلة» وبعضها غير معروف مثل «ذيل ثمرات الأوراق»،

أخبار يكاد لا يصدقها العقل لما فيها من مبالغة في الرواية أو إغراب في الذهاب بعيداً في الخيال وعلى الرغم من أن الحكايات تقترن بأشخاص‏

أو حوادث إلا أن بعضها يقترن بأشياء كحذاء أبي القاسم الطنبوري الذي اشتهر في الشرق والغرب وصار مضرب المثل.‏

وكان الشاعر والكاتب الكبير عبد المعين الملوحي يراجع كتاب «ذيل ثمرات الأوراق» لابن حجة الحموي -في حاشية كتاب آخر مشهور- سبق أن أشرنا إليه أكثر من مرة -هو «المستطرق في كل فن مستظرف» للأبشيهي حيث عثر على الطرفة الأدبية المعروفة باسم «حكاية حذاء أبي القاسم الطنبوري» وهي طرفته في صورة حكاية ذاعت حتى وصلت مترجمة إلى الآداب الغربية وقد نشرها الأستاذ الملوحي في أحد أعداد مجلة «الثقافة» الأسبوعية الصادرة في دمشق. (1)‏

بين المقامة المضرية وحلاق بغداد‏

وعلى نحو ما فإن هذا الحذاء أو «المداس» بشؤمه ذكّرني بحكاية حلاق بغداد في «ألف ليلة وليلة» وهي حكاية طويلة طريفة وشيقة وبالمقامة المضرية لبديع الزمان الهمذاني، لقد تسبب حلاق بغداد بكسر قدم الفتى ولحق الأولاد بأبي الفتح الاسكندري وهم ينادون: يا أبا الفتح المضيرة حتى أفقدوه رشده.‏

أما حكاية أبي القاسم كما ينقلها الأستاذ الملوحي عن ابن حجة ؟ أنه كان في بغداد شخص صاحب نوادر وحكايات عرف باسم أبي القاسم الطنبوري.‏

أثقل من حذاء الطنبوري‏

وكان لهذا الرجل مداس عتيق أصلحه مرات كثيرة خلال سنين فكان كلما انقطع منه موضع جعل عليه رقعة إلى أن صار في غاية الثقل حتى صار يضرب به المثل فيقال:‏

أثقل من مداس أبي القاسم الطنبوري.‏

وذات يوم دخل أبو القاسم سوق الزجاج فقال له السمسار:يا أبا القاسم قد وصل تاجر من حلب ومعه حمل زجاج مذهب فابتعه منه وأنا أبيعه لك بمكسب المثل مثلين.‏

فابتاعه أبو القاسم بستين ديناراً.‏

ثم دخل أبو القاسم سوق العطارين فقال له سمسار آخر:‏

لقد ورد تاجر من «نصيبين» وهي بلدة في تركيا الآن على الحدود السورية الشمالية الشرقية ومعه «ماورد» في غاية الحسن والرخص فابتعه منه وأنا أبيعه لك بفائدة كبيرة.‏

الطنبوري في الحمام‏

فابتاعه أبو القاسم بستين ديناراً أخرى ثم جعله في الزجاج فذهب ووضعه على رف في صدر البيت.‏

ثم دخل أبو القاسم الحمام -حمام السوق- بغلس أي: ظلمة آخر الليل- وكان بعض أصدقائه قد قال له:‏

يا أبا القاسم أشتهي أن تغير مداسك فإنه في غاية الوحاشة وأنت ذومال.‏

فقال:‏

- السمع والطاعة ولما خرج من الحمام ولبس ثيابه وجد إلى جانب مداسه مداساً جديداً فلبسه ومضى إلى بيته.‏

القاضي فقد مداسه‏

وكان القاضي قد دخل الحمام يغتسل وحين خرج لم يجد مداسه فقال: الذي لبس مداسي ما ترك عوضه شيئاً.‏

غير أنهم وجدوا مداس أبي القاسم لأنه معروف ذائع الصيت ففهموا أنه هو استبدل به مداس القاضي فكسبوا بيته فوجدوا أن مداس القاضي عنده فأخذ منه وضرب أبو القاسم وحبس وغرم جملة مال وللحديث صلة.‏

هوامش‏

(1) مجلة «الثقافة» الأسبوعية -دمشق-العدد-24/6/1991 ص1.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية