تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوتار.. رمضـــــــان كـــريـــم وقولوا للناس حسناً

آراء
الخميس 27-8-2009م
ياسين رفاعية

كلنا يعرف ان الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب هو المؤسس الاول للدولة الاسلامية، التي خلفها عن ابي بكر الصديق،

وظل عشر سنوات يؤسس لدولة الاسلام قبل ان يقتل غدراً . عرف عمر بن الخطاب بعدله وبساطته فلم يأخذ من « الملك..سوى تلك البساطة والتواضع في التعامل مع الناس».‏

قلائل الذين يعرفون عمر بن الخطاب شاعراً ، فقد قال شعراً كثيراً ، جمع مؤخراً في كتاب تحت عنوان «ديوان عمر بن الخطاب - السيرة الادبية والشعرية» حققه عمر بن حسين الموجان. وهذا الشعر يدلل على شخصية الصحابي العظيم ، وإن شعره كان انعكاساً عن حياته، وبمناسبة الشهر الفضيل رمضان المبارك، سأقدم اربع حلقات من «اوتار» أتناول فيها حياته ومستلهماً من ذلك الكتاب وغيره ما يسمح لي وهذه المناسبة المباركة.‏

وعمر بن الخطاب هو ابن نفيل بن عبد العربي بن رباح بن قرط بن زراح بن عدي بن كعب بن لؤي أمير المؤمنين أبو حفص القرشي العدوي، الفاروق.‏

استشهد في اواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وكان الرسول (ص) عندما اسلم عمر قال: «ان الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه» وكان أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة قد طعن عمر (ر) بخنجر له رأسان وهو قائم في صلاة الفجر، وقيل انه دفن يوم الاحد مستهل محرم. واختلف في عمره، عن اي عمر مات قال الوافدي: توفي وله ستون سنة.‏

وله فضل كبير (رض) على الامة الاسلامية، فقد ناصر الاسلام في عهد الرسول (ص) وتوفي الرسول (ص) وهو عنه راضِ وكان مستشار الرسول ووزيره طوال حياته. وكذلك فعل مع ابي بكر الصديق ولما ولي الخلافة كان عادلاً ورعاً تقياً، واتسعت الفتوحات في عهده. وقام بأعمال كثيرة وإصلاحات كبيرة ثبت بها جذور الإسلام الى الابد.‏

وكان الى جانب امتلاكه قدرة القيادة والتحكم بالامور كان شاعراً اجتمعت فيه كل مقومات الاديب. وقد تشبعت روحه ونفسه بالادب فأصبح جزءاً من شخصيته وكان شخصية بعيدة عن التكلف والتعقيد التي تعيش الحياة بأجمل معانيها وقيمها. وكان رضي الله عنه ليس كاتب شعر فقط بل ايضا مفلسفه فيقول: «الشعر جذل- اي العظيم- في كلام العرب يسكن به الغيظ وتطفأ به الثائرة ، ويتبلغ به القوم في ناديهم ، ويعطى به السائل» ويتحدث عن صناعة الشعر فيقول :« افضل صناعات الرجل الابيات من الشعر يقدمها في حاجاته، يستعطف بها قلب الكريم ويستميل بها قلب اللئيم» فالشاعر لا يكاد يجد سبب الابيات حتى ينزعها من نفسه وينبعث بها طبعه.‏

ولما رأى رضي الله عنه ما للشعر في النفوس ورقي بالادب، وتثبيت لمكارم الاخلاق في النفوس وتهذيب للطباع حرص على تعليمه، فقد كتب الى أهل الشام:‏

«علموا أولادكم الكتابة والسباحة والرمي والفروسية ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً . ورووهم ما سار في المثل وحسن من الشعر».‏

وكتب الى ابي موسى الأشعري:« مر من قبلك بتعلم الشعر، فإنه يدل على معالي الاخلاق ، وصواب الرأي ومعرفة الانساب».‏

وقال عمر: تعلموا الشعر فان فيه محاسن تبتغى ومساوئ تتقن وحكمة للحكماء ويدل على مكارم الاخلاق وقال يحث على تعلم الشعر ويصفه بانه: يفتق الفطنة ويشحذ القريحة.‏

ومما اوصى به ابنه عبد الرحمن قال« يابني انسب نفسك تصل رحمك واحفظ محاسن الشعر يحسن ادبك فان من لم يعرف نسبه لم يصل رحمه ومن لم يحفظ محاسن الشعر لم يؤد حقا، ولم يقترف ادبا، وكان يحرص على ان يروي من الشعر عيونه وذلك لما تحتويه من معان تربي النفوس وتهذب الطبع وتبعث على العفة ، ولكنه حرص ان يروي من هذه العيون اعذبها وأصفاها. فقد قال ارووا من الشعر اعفه ومن الحديث احسنه ومن النسب ما تواصلون عليه وتعرفون به ، فرب رحم مجهولة وقد عرفت فوصلت ، ومحاسن الشعر تدل على مكارم الاخلاق وتنهي عن مساوئها وكان يسمع البيت ويكرره اذا اعجبه مرات.‏

وعن اسامة بن زيد عن ابيه قال: خرجنا مع عمر للحج فسمع رجلا يغني ، فقيل يا امير المؤمنين إن هذا يغني وهو محرم فقال عمر: دعوه فان الغناء زاد الركب فها هو يأمر بانشاد قصيدة من روائع الشعر للشاعر لبيد والتي يقول فيها:‏

إن تقوى ربنا خير نفل‏

وبإذن الله ريثي والعجل‏

احمد الله فلا ند له‏

بيديه الخير ما شاء فعل‏

من هداه سبل الخير اهتدى‏

ناعم البال ومتى شاء أضل‏

وكان عمر يوجه بالتمسك بديوان العرب فهو أصل اللغة العربية، قبل الاسلام فلما جاء الاسلام كان القرآن والسنة وهما الاصلان وبقي الشعر من اصول اللغة العربية فقد سأل الناس وهو على المنبر عن معنى التخوف من قوله تعالى:‏

«ولو يأخذهم على تخوف»- سورة النحل- فاجابه الرجل الهذلي بأن التخوف في لغتهم التنغص: وانشده شاهدا عليه :‏

تخوف الرجل منها تامكا قردا‏

كما تخوف عود النبعة السفن.‏

فقال عمر« ياأيها الناس تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم فان فيه تفسير كتابكم » وهذا التوجيه منه للتمسك بالشعر تشاهد تفسيري لان القرآن نزله بلغة العرب ويفسره كلام العرب.‏

ويؤكد بذلك عبد الله بن عباس الذي كان ملازما للفاروق وكان له مكرما فيقول : الشعر ديوان العرب وهو اول علم العرب عليكم بشعر الجاهلية وشعر الحجاز.‏

وهو في المقابل وجه الشعراء لترسيخ معاني الاسلام وتثبيت قيمه وجعل الشعر وسيلة للدعوة الى الاسلام وهو بذلك يستحضر قول الله عز وجل:‏

« ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال اني من المسلمين» سورة فصلت الآية33‏

فاذا كانت هذه الدعوة الى الله التي هي احسن الاقوال جاءت بأبيات الشعر ترسخ في العقول وتسهل للحفظ وتستعذبها المسامع فان الحسن يزداد حسنا، وهو الذي يسمع قول الله عز وجل« وقولوا للناس حسنا»‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 27/08/2009 01:45

أعتقد أن الفاروق عمر بن الخطاب هو سيد رجال الإيمان لاالإسلام, فلقبه الأول في الحكم هو أمير المؤمنين لاخليفة المسلمين,وليت الكاتب يأخذ هذا في الحسبان عند صياغة مقالاته الثلاثة التالية.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية