طلبت رئاسة الحكومة حينها تزويدها بتقييم أداء معاوني الوزراء والمديرين العامين.
وبدلاً من تفاعل المعنيين مع هذا الطلب وترجمته على الواقع جرى تجاهله أو تناسيه كحال العديد من الإجراءات والتوجهات الرامية للارتقاء بالأداء الإداري رغم أهميته وخاصة بظل الأوضاع الراهنة التي تتطلب التقيد بأعلى درجات التنسيق والتشبيك بين العاملين وإداراتهم والابتعاد قدر الإمكان عما هو سائد حالياً من التفرد في اتخاذ القرارات وغياب العمل الجماعي وعدم تحديد الأدوار والصلاحيات لكل موظف في المؤسسة أو الوزارة المعنية الأمر الذي كان له تبعات سلبية نتلمس نتائجها قرارات وإجراءات متسرعة وغير مدروسة وفي بعض الأحيان تخدم مصالح شخصية لا المصلحة العامة.
وكثيراً ما كنا بحكم عملنا الميداني وتواصلنا مع الوزراء والمديرين العامين وحتى معاونيهم نلحظ هذه النتائج في الخلافات والاتهامات المتبادلة وتحميل المسؤوليات لبعضهم، فالوزراء يشكون تكاسل وقلة خبرة معاونيهم وحرصهم على كراسيهم أكثر من العمل وهؤلاء بدورهم يحملون القائمين عليهم مسؤولية عدم التشاور والتعاون وتهميشهم للتفرد في اتخاذ القرارات.
من هذا الواقع ندرك أن ما وجه به رئيس الحكومة مجدداً أعضاء الحكومة في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لجهة تنظيم آليات العمل والتعاون مع معاونيهم والعمل بروح الفريق الواحد والتشاركية في صنع القرار المؤسساتي لم يأت من فراغ وإنما بناء على حقائق ومعلومات تؤكد استمرار التباعد بين المعنيين في تنسيق الأفكار والحلول الخاصة بكل وزارة أو إدارة عامة ما ساهم في تفاقم صعوباتها .
قد يرى البعض أن الأزمة تفرض أولويات وتؤخر أخرى تبعاً لمتطلبات الحاجة العامة وهو أمر صحيح ولكنها لا تلغي أبداً أهمية العمل على نظام إداري ومالي قائم على الشفافية والتشاركية في صنع القرارات ويعطي الأدوار والصلاحيات لأصحابها ويظهر العمل المبدع والخلاق الذي يدعم القطاع الذي يعملون فيه ويسهم في تطويره.