في مقال نشرته العديد من الصحف الدينية الإسرائيلية وأعادت نشره صحيفة هآرتس أكد روزن أن في التوراة أحكاماً ومواد تبرر اتخاذ مثل هذا الموقف مثل أبيدوا شعب الجبارين عن بكرة أبيهم اقتلوهم وجردوهم من كل ممتلكاتهم لا تأخذكم بهم شفقة أو رحمة، اقتلوهم دون هوادة، الواحد تلو الآخر، لاتبقوا طفلاً ولا بنتاً ولاشجرة اقتلوا البهائم من جمال وحمير، روزن المخول بإصدار فتاوى دينية لليهود كتب أيضاً يقول: إن الفلسطينيين مثلهم كمثل شعب الجبارين الذين هاجموا قبائل اليهود التي كانت متجهة إلى القدس بعد فرارهم من مصر وأضاف إن الرب أرسل حكماً في التوراة يجيز لليهود قتل الجبارين وإن هذا الحكم جرى إقراره كجزء من أحكام القضاء اليهودي.
ولم يتورع روزن عن إدراج الفلسطينيين في خانة الجبارين في عصرنا الراهن وكتب أولئك الذين يقتلون الطلاب أثناء تلاوتهم للتوراة ويطلقون الصواريخ على مدينة سديروت وينشرون الرعب بين السكان، أولئك الذين يرقصون على الدم المسفوح هم الجبارون ويجب علينا أن نتعامل معهم بحقد لكن التحدي الحقيقي كما أكدت صحيفة هآرتس هو أن الأغلبية الساحقة من الحاخامات المسموح لهم بإصدار فتاوى دينية يشاطرونه الرأي وعلى رأسهم الحاخام مردخاي الياهو ذو النفوذ الواسع داخل الحركة الدينية الإسرائيلية والحاخام دوف ليور رئيس مجلس الحاخامات اليهود في الضفة الغربية والحاخام صموئيل الياهو كبير الحاخامات في مدينة صفد، كما أن عدداً لا بأس به من السياسيين الإسرائيليين يعتمدون على موافقتهم في هذا الأمر من أمثال أوري لوبانسكي رئيس بلدية القدس.
بعد الفتوى التي أصدرها روزن أقدم مجموعة من الحاخامات النافذين على إصدار فتوى دينية تبيح للجيش الإسرائيلي بقصف المناطق المدنية الفلسطينية وقرروا أن القوانين الدينية اليهودية تسمح بقصف المناطق الفلسطينية الآهلة بالسكان عندما تكون مصدر الهجمات ضد المناطق السكنية اليهودية، ولتعزيز الأجواء التي تمكن المنظمات اليهودية المتطرفة من مواصلة الهجمات على المواطنين الفلسطينيين أصدر الحاخام إسرائيل أرييل فتوى دينية حديثة تحظر مثول اليهود المتدينين المتورطين في هجمات ضد الفلسطينيين أمام المحاكم المدنية الإسرائيلية.
وهناك أيضاً سلطات دينية تمجد القتل وتكيل المديح للقتلة أمثال الحاخام اسحق غيزنبوزع وهو الحاخام الأكبر في إسرائيل الذي نشر كتاباً عنوانه باروخ هذا البطل في ذكرى باروخ غولدشتاين الذين ارتكب مجزرة الحرم الابراهيمي عام 1994 عندما فتح النار على المصلين وقتل تسعة وعشرين منهم ويعتبر غيزنبورغ أن العمل الذي قام به باروخ مشرف وعظيم.
ولعل ما مكن هذه الفتاوى الدينية المتطرفة من أن يكون لها تأثير واسع وعميق هو أنه في غضون العقد الأخير حاول أنصار التيار الديني الصهيوني والذين يشكلون 10بالمئة من عدد السكان فرض سيطرتهم على الجيش والوحدات الأمنية وقد كان لهم ما أرادوا ، كما أنهم اختاروا طواعية الخدمة في الوحدات الخاصة المقاتلة، أما عن ردود الأفعال حيال هذه الفتاوى فقد قال واصل طه العضو العربي في الكنيست عن حزب التجمع الذي يتزعمه عزمي بشارة، إن هذه الفتاوى الدينية تأتي مرافقة للجرائم المرتكبة ويشير إلى الفتاوى الدينية التي أصدرها عدة حاخامات في منتصف التسعينيات من القرن الماضي والتي تزامنت مع اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين وتساءل: إذا كان هذا ماحدث عندما صدرت فتاوى دينية تحرض على مهاجمة الزعامات اليهودية مثل رابين فكيف سيكون عليه الحال عندما ستحض على مهاجمة الزعامات الفلسطينية والشعب الفلسطيني؟ إننا نحن القيادات العربية بدأنا نستشعر الخطر بعد موجة الفتاوى الدينية تلك بدأنا بتوخي الحذر أثناء تنقلاتنا لأننا على ثقة تامة أن هناك من يسعى إلى استخدام مثل هذه الفتاوى.
أما الأديب والباحث الفلسطيني عبد الكريم مفيد من مدينة أم الفحم فقد رأى أن الحاخامات قد حازوا نفوذاً واسعاً وذلك بسبب التماهي بين الخطاب الرسمي وخطاب الحاخامات وأشار إلى أن المؤسسات الرسمية الإسرائيلية لم تحاول الوقوف في وجه هذا الخطاب الفاشي الذي تعبر عنه هذه الفتاوى حتى وإن كان بمقدورها القيام بذلك وأوضح أيضاً أن الأغلبية من هؤلاء الحاخامات ذات الطبيعة العدوانية هم موظفون رسميون في المؤسسات الحكومية ويتقاضون أجورهم منها والدولة من جانبها لا تحملهم أدنى مسؤولية عن إصدار هذه الفتاوى وهي لاتسعى البتة إلى منعهم.
وعندما تكون المؤسسات السياسية الرسمية في حالة أزمة يكون التوافق الصهيوني في أقصى حالاته معززاً بهذه الفتاوى ويضرب مثلاً على ذلك الفتاوي التي أصدرها مائير كاهانا في مطلع الثمانينات من القرن الماضي بغية تبرير دعوته لطرد جميع الفلسطينيين يكفي أن ننظر إلى الطريقة التي تعاملت معها الحكومة إزاء توصيات لجنة أور التي أجرت تحقيقاً في مقتل ثلاثة عشر فلسطينياً ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية في تشرين الأول عام 2000 فقد أقفلت الملف رغم أن اللجنة أكدت أن رجال الأمن تعاملوا بوحشية تجاه هؤلاء المواطنين الفلسطينيين وأعرب مفيد عن رأيه بالقول: إن ما يجعل الخطاب الديني المتطرف الذي يطلقه الحاخامات بالغ الأثر والتأثير هو غياب أحزاب اليسار وانعدام التعبئة المباشرة لمواجهته.
الإنترنت عن موقع ALTER INFO