|
اللغة عندما تعيد بناء نفسها رسم بالكلمات يستثمر جماليات اللغة لفتح عوالم شعرية ذهنية مدهشة و مثيرة تفضي إلى ذلك التوق في كشف مكامن جديدة للأشياء و الكون و الإنسان , و يلمس جلد المفردات الساهية , يقّلبها يمينا و شمالا في سبيل أن تكون قادرة على الإدهاش كيفما تموضعت و تراكبت , مفردات (العزلة ) و ( الوحشة ) و ( القاع ) و ( الجنون الذي بلا حد ) كلها تأسيس لمتاع اللغة اليقظة , الشهوة المخنوقة التي تتكاسر من اجل أن لا تخمد و تتشقق : كم من البشرِ نحنُ ؟ قربَ أي يدٍ ستحطُّ هذه الكلمات ؟ أيُّ الثقوبِ في ثوبِ الحياة لا تتّسعُ كدوائرِ الطلقات عند الحدود ؟ ضد العزلة , ضد الحضور الفاسد للأشياء المحتملة التي لا تنضب , مع الغصة المشكوك الشاردة , تلك هي تنقلات جولان حاجي في ( ثمة من يراك وحشاً ) التي توزعت لتمتد على صيغ حركات صوتية متدرجة و متتابعة لتشكل عتبة النص وواجهتها الأمامية , أصوات تحمل في جذرها اختزال علامات لغوية تظهر مع تأكيد هذه الأصوات نفسها , فاللغة ( المرحة ) النقية المتكشفة لا تحتفظ بأسراها ولا بأسرارها الكلمات و الدلالات الغامضة المتحولة . و حركة الجمل الضالة المتعمقة في تنضيب السياقات الشعرية و تجليسها كما يجب , كل ذلك مشروع على تأويلات و إشارات لغوية مثيرة لا بنية واضحة لها ولا كتمان : في الجلدِ الذي تقاسمناهُ وحدك تتحسّسني من الداخل كزهرةٍ بيضاء في آنيةِ التلّ. لأخفيكَ غضضتُ عيني و لم أحدّقْ بعينِ أحد. أطبقتُ فمي لتتكلّمَ يداي و كلُّ إصبعٍ ممحاةٌ تقلّدُ ريحَ آذار التي وُلدتَ عند هبوبها. ( ثمة من يراك وحشاً ) قائمة على حيّرة ُملغزة للصور و حركاتها الخفية و تناسلها الذي لا يترهل , كلماتها وهي تفتك بنفسها و تصير وحشية عظيمة من اجل الحصول على اللذة و الفكاهة , لتمض الغيبيات ( الفلسفية ) و ُتجتلب (الكونيات ) وما في متنها من مصائد و مصادفات , و إشارات تقترح إلى مثول التاريخ بتشوهاته و جمالياته التي أنتجت عوالم محسوسة مصنوعة من دم الكلمات و هلام اللغة الغفلة .
|