تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اللغة عندما تعيد بناء نفسها

رسم بالكلمات
الاثنين2-2-2009م
ابراهيم حسو

يتمسك جولان حاجي في ( ثمة من يراك وحشاً ) بالمعرفة و الفلسفة و التاريخ كدعائم لبناء نصه الشعري المقام على بساط من قراءات معمقة لملخص التجارب والانجازات الشعرية التي ظهرت في الآداب العالمية ,

يستثمر جماليات اللغة لفتح عوالم شعرية ذهنية مدهشة و مثيرة تفضي إلى ذلك التوق في كشف مكامن جديدة للأشياء و الكون و الإنسان , و يلمس جلد المفردات الساهية , يقّلبها يمينا و شمالا في سبيل أن تكون قادرة على الإدهاش كيفما تموضعت و تراكبت , مفردات (العزلة ) و ( الوحشة ) و ( القاع ) و ( الجنون الذي بلا حد ) كلها تأسيس لمتاع اللغة اليقظة , الشهوة المخنوقة التي تتكاسر من اجل أن لا تخمد و تتشقق :‏

كم من البشرِ نحنُ ؟‏‏

قربَ أي يدٍ‏‏

ستحطُّ هذه الكلمات ؟‏‏

أيُّ الثقوبِ في ثوبِ الحياة‏‏

لا تتّسعُ كدوائرِ الطلقات عند الحدود ؟‏‏

ضد العزلة , ضد الحضور الفاسد للأشياء المحتملة التي لا تنضب , مع الغصة المشكوك الشاردة , تلك هي تنقلات جولان حاجي في ( ثمة من يراك وحشاً ) التي توزعت لتمتد على صيغ حركات صوتية متدرجة و متتابعة لتشكل عتبة النص وواجهتها الأمامية , أصوات تحمل في جذرها اختزال علامات لغوية تظهر مع تأكيد هذه الأصوات نفسها , فاللغة ( المرحة ) النقية المتكشفة لا تحتفظ بأسراها ولا بأسرارها الكلمات و الدلالات الغامضة المتحولة . و حركة الجمل الضالة المتعمقة في تنضيب السياقات الشعرية و تجليسها كما يجب , كل ذلك مشروع على تأويلات و إشارات لغوية مثيرة لا بنية واضحة لها ولا كتمان :‏‏

في الجلدِ الذي تقاسمناهُ‏‏

وحدك تتحسّسني‏‏

من الداخل‏‏

كزهرةٍ بيضاء في آنيةِ التلّ.‏‏

لأخفيكَ‏‏

غضضتُ عيني‏‏

و لم أحدّقْ بعينِ أحد.‏‏

أطبقتُ فمي‏‏

لتتكلّمَ يداي‏‏

و كلُّ إصبعٍ ممحاةٌ‏‏

تقلّدُ ريحَ آذار‏‏

التي وُلدتَ عند هبوبها.‏‏

( ثمة من يراك وحشاً ) قائمة على حيّرة ُملغزة للصور و حركاتها الخفية و تناسلها الذي لا يترهل , كلماتها وهي تفتك بنفسها و تصير وحشية عظيمة من اجل الحصول على اللذة و الفكاهة , لتمض الغيبيات‏‏

( الفلسفية ) و ُتجتلب (الكونيات ) وما في متنها من مصائد و مصادفات , و إشارات تقترح إلى مثول التاريخ بتشوهاته و جمالياته التي أنتجت عوالم محسوسة مصنوعة من دم الكلمات و هلام اللغة الغفلة .‏‏

تعليقات الزوار

محمد امين علي |  mamin2300@hotmail.com | 02/02/2009 09:43

مقال جميل و ان لم نعرف صاحبه , و كم كنت اتمنى ان يكون المقال مرفقا بالصور

مروان علي  |  marwan55@yahoo.com | 02/02/2009 10:14

جولان حاجي واحد من الشعراء السوريين الجدد الذين اظهروا حبهم للشعر من خلال قصيدة النثر و لا اعرف من اين اتى صاحب المقال بالفلسفة و ما شابه التاريخ وووو مقال جميل و لكن من صاحبه ؟؟؟؟؟

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية