وبرغم المحاولات والجهود العديدة التي قامت بها المصارف الخاصة وشركات التأمين لجهة استقطاب وجذب العمالة الجديدة الوافدة الى السوق الا انها لم تستطع الى الان تجاوز الضغوطات التي يفرضها الواقع والمتمثلة بعدم تلبية مخرجات التعليم الحالية الطلب المتزايد من قبل القطاع على الخريجين المتخصصين في العلوم المصرفية والتأمينية نتيجة الزيادة الملحوظة في عدد البنوك والشركات وفروعها وتفضيل عدد واسع من حديثي التخرج من المعاهد المصرفية والتأمينية العمل في القطاع الحكومي رغبة في الاستفادة من المميزات التي يمنحها للعاملين لناحية ساعات الدوام والعطلات وغياب عنصر الكفاءة ايضا يضاف الى ذلك نقص الكوادر الوطنية المتخصصة في سوق العمل وشدة التنافسية لاستقطاب هذه الكوادر ما يزيد نسبة خسارة بعضها.
ويذهب اركان القطاع المصرفي والتأميني الى ابعد من ذلك بالحديث عن زيادة نمو وتوسع القطاعين في السنوات المقبلة ما يجعل ايجاد المواهب واستقطاب الكوادر المؤهلة مهمة اكثر صعوبة وذلك في ضوء التنافسية الجديدة في سوق العمل ، الأمر الذي يلزم المصارف والشركات بتبني ووضع المعايير لأفضل الممارسات العالمية ونقلها الى الكوادر العاملة فيها.
ويلخص مدير بنك بيبلوس سورية وليد عبد النور التحديات التي تواجه عملية توطين الكوادر في ( عدم القدرة في مواكبة عمليات التدريب والتأهيل والنمو الكبير الذي شهده القطاع المصرفي بالاضافة الى حاجة المصارف المحلية الى استقطاب الخبرات الاجنبية في بعض الاحيان لمنافسة المصارف الاخرى وحدة المنافسة بين المصارف المحلية على جذب الكوادر وكذلك المنافسة القوية بين القطاع العام والخاص بشكل عام على استقطاب المواهب).
ويعزو عبد النور اتساع الفجوة بين الطلب والعرض في القطاع المصرفي الى كثرة التحديات التي تواجه هذه العملية مشيرا إلى أن التوسع المستمر الذي تشهده البنوك في انشطتها وفروعها وما يترتب على ذلك من زيادة كبيرة في اجمالي أعداد الموظفين لديها تفوق عمليا نسبة الزيادة في عدد المتخصصين.
وأكد بأن عملية توطين الكوادر الوطنية تواجه نقصا كبيرا في اعداد العاملين المؤهلين للعمل في هذه المناصب ناهيك عن افتقار بعض البنوك الى سياسات واضحة لتطوير الكوادر وضمان بقائها لفترات اطول.
أكثر صعوبة!
واذا سلمنا ان تأمين الكوادر البشرية المصرفية المتخصصة يضيف تعقيدا على التحديات التي تواجه القطاع المصرفي التقليدي في السوق المحلية فإن الامر يبدو اكثر صعوبة مع نظام البنوك الاسلامية التي حققت انتشارا وحضورا واسعين في السوق المصرفية مستعينة بالكفاءات الموجودة في البنوك الأم.
وأكد عبد القادر الدويك مدير بنك سورية الدولي الاسلامي أن من التحديات الكبرى التي واجهت البنوك الاسلامية ولا زالت بشكل خاص مشكلة تأمين الكوادر البشرية المحلية المؤهلة ذات الكفاءة المناسبة، موضحا ان هناك عدم تطابق بين النمو الحاصل في اعمالنا وسرعتنا في توفير فرص العمل الى الكوادر من ذوي الخبرات في سوق العمل ويضيف الدويك: (على الرغم من ان البنك استعان بكفاءات البنوك المتخصصة في الظروف الاسلامية للعمل في الدوائر الرئيسية كعمليات التمويل والاستثمار والعمليات الدورية غير ان البنك يركز حاليا على استقطاب الكوادر البشرية السورية الموجودة في الخارج حيث تم توظيف العناصر القيادية من السوريين العاملين في البنوك الاسلامية الخارجية علما ان بنك سورية الدولي الاسلامي لديه نحو 210 عمال عشرة منهم فقط من الخبرات الاجنبية الخارجية.)
ثقافة مختلفة
ولا يختلف الامر كثيرا مع شركات التأمين العاملة في السوق السورية التي لاتزال تواجه صعوبات في ايجاد الكوادر الوطنية المؤهلة ما ينعكس على اداء الشركات داخل سوق يتمتع بخصوصية وثقافة مختلفة، الامر الذي افرز مزيجا من الممارسات لم تكن في كثير من الاحيان لصالح السوق المحلية!
ويشير الدكتور عماد الدين خليفة نائب مدير المشرق العربي للتأمين إلى ان سوق التأمين السوري تعمل الى اليوم بخبرات تأمينية غير سورية ما عكس ثقافة الاسواق التي أتت منها وابتعدت عن خصوصية الزبون السوري ووعيه التأميني وبالتالي ظهرت تداعياتها على اداء الشركات في تسويق منتجاتها التأمينية.
فالحصول على الكوادر المؤهلة في القطاع التأميني هو تحد حقيقي في سوق العمل خصوصا بعد التوسع الذي يشهده هذا القطاع في ضوء النهضة الاقتصادية، لذلك لابد من ايجاد طاقم متخصص في ادارة الموارد البشرية للمتابعة المستمرة وهذا ما نقوم به ، علما انه مهما فرض هذا الواقع من نتائج سلبية فان السوق السورية ستفرز بعد سنوات كادرا وطنيا مؤهلا قادرا على تولي المناصب القيادية من خلال تفاعلها مع السوق واشغال معظم الوظائف).