فمن أفغانستان إلى باكستان مروراً باليمن وأخيراً في ليبيا يسقط المئات من الأطفال والنساء الأبرياء ضحايا لغارات هذه الطائرات الأميركية التي تدعي ملاحقتها لعناصر القاعدة وتزعم مكافحة الإرهاب في العالم.
فبعد الإطاحة بالنظام الليبي وجدت الولايات المتحدة الأميركية الفرصة سانحة لنقل هذه التجربة القذرة إلى المدن الليبية بحجة محاربة الارهابيين فاستباحت الأجواء الليبية بطائرات دون طيار لإثارة المزيد من الفوضى الخلاقة والصراعات القبلية بين أبناء الشعب الواحد هناك، والذريعة جاهزة على الدوام وهي ملاحقة المسلحين المتطرفين الذين يشكلون خطراً على المصالح الأميركية..
وهذه الأخبار ليست من باب التكهن بل هي حقيقة أكدها رئيس أركان قوات الدفاع الجوي الليبي حين أشار إلى قيام طائرات بلاطيار بمهمات استطلاع أهداف أرضية وجمع معلومات كما كشفت مصادر أميركية أن البنتاغون قرر نشر هذه الطائرات في عدد من المواقع الليبية لجمع معلومات عن جهات تزعم واشنطن أنها على صلة بهجوم بنغازي الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي آنذاك وأوضحت المصادر أن أن تستمر هذه الطائرات بالتحليق فوق بنغازي ومدن أخرى لجمع المعلومات المطلوبة.
وإذا حاولنا العودة إلى الخلف قليلاً لوجدنا أن شعوب أفغانستان وباكستان واليمن ودول أخيرة قد اكتوت بنيران هذه الطائرات وأن عبارة « سقط عدد من المدنيين الأبرياء بطريق الخطأ» أصبحت ملازمة لأي قصف أميركي لمناطق قندهار ووزيرستان أو جبال اليمن حيث تزعم القوات الأميركية أنها تلاحق المسلحين هناك وإذ بها تقتل يومياً عشرات الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء وتكتفي بالإشارة إلى وقوع الخطأ دون حتى تكليف نفسها عناء الاعتذار من حكومات تلك الدول.
ورغم أن باكستان مثلاً لاتوافق على انتهاك أجوائها فإن الولايات المتحدة لاتعير أي اعتبار للسيادة الباكستانية وتواصل هذه الغارات، لابل إن الأمم المتحدة قامت مؤخراً بالتحقيق بالغارات التي شنت على باكستان في شهر كانون الثاني الماضي والتقت مع مسؤولي الحكومة المحلية في وزير ستان ومع شيوخ قبائلها وحصلت على معلومات تؤكد مقتل ( 400) مدني بهذه الطريقة التي تنتهك سيادة باكستان، ومع ذلك ادعت واشنطن أن حكومة باكستان على دراية بالأمر ولم تقدم على أي خطوة تعتذر فيها عن هذه الجرائم أو تعوض أسر الضحايا.
ويسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي وسع في ولايته الأولى والثانية من نطاق الضربات التي تشنها بلاده بطائرات دون طيار إلى التأثير على المبادىء العامة العالمية الحاكمة لاستخدام هذه الطائرات في ظل رفض عالمي لها.
وكانت أميركا الأولى في استخدام هذه الطائرات المزودة بصواريخ لقتل المسلحين المتهمين بقضايا إرهاب خلال السنوات العشر الأخيرة
وكانت الولايات المتحدة تكثف جهودها المتواصلة لزيادة الضربات الجوية عن طريق الطائرات من دون طيار بعد عام 2009 ففي عام 2001 لم يكن للبنتاغون إلا خمسون طائرة من دون طيار، ولكن بعد عشر سنوات، ارتفع هذا الرقم إلى ثمانية آلاف وفي عام 2011 شنت الولايات المتحدة 294 غارة جوية شنتها طائرات أميركية من دون طيار في أفغانستان ولكن في الأحد عشر شهراً الأولى من عام 2012، بلغ عدد الغارات الجوية للطائرات من دون طيار من الجيش الأميركي 447 غارة.
والطائرة دون طيار لايمتطيها طيار لقيادتها بل يمكن توجهيها عن بعد أو برمجتها مسبقاً لطريق تسلكه وتحمل أجهزة كاميرات وقذائف وعدد كبير منها يستخدم في الأغراض العسكرية كالمراقبة والتجسس والهجوم، وأشهر أنواعها ( اكس 43) و( اكس 45) وطائرتا ( بريداتور- ريبر).
ويبقى الأهم من هذا وذاك أن الولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم التي تستخدم هذه الطائرات لانتهاك سيادة الدول والاعتداء على شعوبها بذريعة محاربة الإرهاب فتقتل آلاف المدنيين الأبرياء سنوياً في انتهاك فاضح للقانون الدولي وفي ظل صمت مطبق من القوى الغربية والأمم المتحدة..