وهذا يعني ان التمثال في نسخه المتبقية لايزال يحتفظ برونقه وبحيويته وبقدرته على مقاومة تقلبات المناخ وحركات العواصف والرياح والمطر في الهواء الطلق، ومن الناحية الفنية والتقنية ركز النحات الراحل فتحي محمد، الذي انجزه منذ حوالي سبعة عقود، لاظهار الجوانب الداخلية، المقروءة في خطوط التعبير القوية والواضحة في قسمات الوجه، والتشريح الاكاديمي النابض بالحيوية والحركة والحياة والاتقان.
فالشخصيات التي كان ينحتها ويرسمها، بدت في دفتر يومياته بمثابة مرآة تعكس الحالة الداخلية والنفسية وبصمات الأزمنة، فوجه المعري يحمل خطوط العمر والعمق والحكمة والزهد والأمل، والى آخر ماهنالك من صفات وتعابير ذاتية وروحية سامية، ولم يباشر بوضع اللمسات الأولى في عمله، الا بعد أن درس الجوانب المتعددة في حياة المعري، واطلع على بعض اثاره الفكرية والشعرية والفلسفية والادبية،ولقد استطاع بندرة موهبته وسحر لمساته وحيوية خطوطه،استشفاف الجوانب الذاتية والتعابيرالصادقة. كما اتجه نحو المثالية في معاينة شخصية المعري، برزانة وهدوء وعقلانية،وهذه الميزة تنطبق على مجمل نتاجه الفني في الرسم والنحت معاً.
و في خطوات انجاز أعماله الفنية، كان فتحي محمد يمتلك قدرة استثنائية، في اخراج العمل الفني من افقية الامتداد التسجيلي السهل، فنصب المعري رغم واقعيته، يشكل الدافع الاول لقراءة الركائز والاداء العصري المتكامل، الذي حقق الابعاد الفنية والذاتية، في إطار الواقعية الحديثة والمعاصرة.
facebook.com/adib.makhzoum