صوت ماعهدناه يوماً إلا صادقاً خاصة في هذه الأزمة القاسية التي تعصف بهذا الوطن العزيز الغالي على قلوب الشرفاء.
صوت سوري مؤمن بأن سورية هي وطن من لاوطن له وهي الخطوة الأولى للانطلاق نحو الحياة، هذه الأرض التي عبرت من دروبها ومن خلالها مساحات المعرفة، ومن أديرتها ومساجدها وكنائسها وجوامعها وجامعاتها أعلنت مضامين دروس التربية والأخلاق والإيمان.
وأن انجيل سيدنا عيسى وقرآن سيدنا محمد عليهما السلام دساتير مستقيمة لاستقامة قول الحق وميزان العدل والحكمة الحسنة.
وانطلاقاً من كل ذلك كان لهذا الضمير الحي النقي لشيخنا الجليل والسيد الفاضل العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بالغ الآثر في استنهاض حركة تنوير الأمة فكان دائماً مخاطباً للعقل، مقدماً الحجج والبراهين، داعياً أبناء الأمة للتبصر بعين اليقين، بنور العلم، بجوهر الاسلام، ببلاغته وبيانه وأهدافه وتعاليمه الحقة والمحقة.
كان شهيد المحراب هذا العالم الفاضل قريباً من كل أبناء الوطن وكان بمثابة الأب والأخ والصديق وهو الأستاذ الجامعي، المتنور الفقيه العارف ببواطن هذه البلاد وهو الذي عاصر ما يقارب القرن، وبالتالي هو الشاهد الصاحي على تاريخ هذه الأمة، وما مرّ عليها من ويلات ومؤامرات وتقلبات، وهو الذي أيضاً شهد وعاش كنف عهد الاستقرار ودولة المؤسسات.
علامة فارقة
شهيدنا ياشخينا الجليل كنت ومازلت وستبقى علامة فارقة ومميزة في تاريخنا العربي والإسلامي، وفي حياتنا نحن السوريين الذين راقبناك عن كثب وسمعناك بتمعن وتعرفنا على فكرك وحفظنا دروسك وخطبك ووصاياك لأبناء أمتك.
وستبقى خطبتك الأخيرة تاريخ 15/3/2013 في الجامع الأموي وثيقة عهد بمثابة وصية نطقها لسانك وعقلك وسمعها كل أبنائك السوريين الحقيقيين المعتصمين بحبل الله ولاسيما من عنيتهم بشكل خاص أبناء المؤسسة العسكرية حماة الديار سياج الوطن.. دعيت لهم بالنصر المؤزر وطالبتهم بالتمسك بحبل الله أكثر فأكثر لأنهم الأمناء على شرف وعرض هذه الأمة، ودعوت الشعب للالتفاف والوقوف وراء جيشنا الباسل الذي ضحّى بالغالي والنفيس فقسمهم هو الوطن والشرف والإخلاص وكل من تمسك بهذا الثلاثي العادل بصدق وإيمان وعزيمة لابد وأنه عزيز منتصر قوي على الأعداء في الداخل والخارج.
واليوم ونحن نودع روحك الطيبة وجسدك الطاهر أيها السيد الجليل العظيم الكبير نؤكد نحن أبناؤك ذكوراً وإناثاً ومن مختلف أطياف هذه الأمة أن دماءك الزكية ومن كان بمحرابك من تلامذة العلم ستبقى الشاهد على عظمة أمة بلاد الشام سورية العربية الحقيقية.
كما سبحّة يديك ونضارة عينيك الشاهدين فوق كتاب العلم الذي كنت تنهل منه وتشرح مفرداته لمن كان في بيت الله.
رحم الله عباده الصالحين وأتقياءه العالمين وسورية منتصرة بعلمائها وجيشها وشعبها وقائدها وما الشهداء إلا قناديل نور نحو حياة العزة والكرامة وبشّر الصابرين.