فهي على أهمية المواضيع التي ناقشتها وعظمة الجهود التي بذلت فيها ليست جديدة, فضرورة تطوير الأنظمة التربوية والتوفيق بين الانفجار المعرفي الذي يشهده العالم والانفجار التكنولوجي ليستجيب لمتطلبات سوق العمل ولتحقيق التنمية المستدامة في المناهج والتقديم والتدريب, كلها موضوعات لمؤتمرات ولقاءات سابقة ما يدفع للتساؤل هل نحن في حاجة إلى حلول جديدة أم تنفيذ اقتراحات ومشاريع قديمة, خاصة أن الإطار العام القانوني للتعليم في بلدنا هو فرصة من حيث إلزامية التعليم ومجانيته للجميع لكن الفجوة تكمن في تحقيق المعادلة الصعبة التي يمكن أن نسميها الجودة النوعية للتربية من أجل بناء مهارات الحياة المدنية بحيث ترتبط الكمية بالنوعية, أي كيف سيكون الدور الاجتماعي والتربوي والإنساني والأخلاقي لمخرجات المنظومة التعليمية وقدراتهم في المشاركة الايجابية في الشأن العام والحياة العامة, والتي ركزت عليها مناقشات الورشة بمجملها بقدر تركيزها على الاتجاهات الحديثة في إعداد المناهج التعليمية ومعايير بنائها للمرحلة الثانوية.
أعمال
استمرت اعمال الورشة خمسة ايام أكد في بدايتها الدكتور علي سعد وزير التربية أن التطوير التربوي مشروع وطني تحشد له الطاقات, كما أشار إلى أن ما تعيشه منطقتنا العربية في العراق وفلسطين وأحداث لبنان والضغوط على سورية وكل هذه المستويات النفسية والمعرفية ليست في مصلحة المناهج العربية,كما أوضح أن هذه الورشة جزء من مشروع لتحويل المساهمات العربية الجادة لتطوير المناهج لتلبية متطلبات اجتماعية واقتصادية وسياسية وربما دولية.
بعد ذلك بدأ المشاركون الخبراء بتقديم أوراق عملهم فقد قدمت من سورية الدكتورة أسماء الياس (الاتجاهات الحديثة في إعداد المناهج وتوظيفها لتحقيق أهداف التنمية) كذلك تحدث من مصر الدكتور محمود قنبر حول نفس الموضوع بالاضافة إلى منطلقات اختيار القيم وأساليب تنمية الكفايات في مناهج المرحلة الثانوية.
منطلقات
ومن الأردن قدم الدكتور أحمد الطراونة ورقة عمل حول أسس بناء المناهج التعليمية لطلاب المرحلة الثانوية وما حدده كمنطلقات في ذلك البناء: إن التجربة والتطبيق والممارسة إلى جانب العقل والتفكير مصادر رئيسية للمعرفة الإنسانية بالاضافة إلى أن التعليم بما هو تطوير هادف للفرد يشمل الجوانب المعرفية من حقائق ومعلومات ومفاهيم, والجوانب الانفعالية من عادات وميول واتجاهات وقيم, والجوانب النفس حركية من مهارات وممارسات تطبيقية وقال: يعد العمل النافع اجتماعيا قيمة رئيسية من قيم المجتمع وهذا يستدعي تنمية الاتجاهات لدى الطلبة نحو العمل ومكانته في المجتمع ويجب أن يكون المنهاج الدراسي وثيق الصلة بالحياة وهذا يستدعي الاهتمام بالجوانب الوظيفية والتطبيقية للمنهاج وارتباطه بالبيئة المحلية والمجتمع وانفتاحه على خبرات المجتمع الإنساني ومنطلقات اخرى كثيرة لا مجال لذكرها هنا.
معايير
كما قدم من لبنان الدكتور طوني طعمة ورقة عمل حول معايير بناء مناهج العلوم الأساسية في المرحلة الثانوية فبين أن تلك العلوم تفسح المجال امام المتعلم كي يتمكن من تقرير خياره للمستقبل, كما أنها توثق الروابط بين المدرسة والحياة اليومية وبين المدرسة وسوق العمل وبين المدرسة والتعليم العالي, كما تساهم في إغناء خبرة الطلاب بالتفسيرات حول العالم الطبيعي المحيط بهم والقدرة على استخدام التفكير العلمي والطريقة العلمية في اتخاذ القرارات الشخصية و المشاركة الفعالة في ندوات عامة حول أمور علمية وتكنولوجية وبيئية والاستفادة من ثقافتهم العلمية في تحسين الانتاج الاقتصادي للمهنة التي يمارسونها في المستقبل, ذلك من خلال تنمية منهجية التفكير العلمي والقدرة على حل المشكلات وتنمية تقنيات الملاحظة والتحليل والتعليل والتفكير الناقد وممارسة حسن استعمال التكنولوجيا وتنمية القدرة على استثمار المصادر المختلفة للمعرفة.
مداخلات
تركزت معظم المداخلات على ضرورة الانتقال من المجرد إلى المحسوس في مدارسنا ومع طلبتنا, كما تناولت الظروف المعيشية للأسر والمعلمين وتأثيرها على العملية التعليمية, كما أخذ موضوع القيم حيزاً كبيراً خاصة عند مناقشة ورقة الدكتور محمود قنبر وتم التساؤل كيف نربط بين الكفاية والمعرفة والقيم, فلابد أن ننمي ونرشد القيم عند الطفل ويجب ألا تظهر القيم عند حل المشكلات فقط بل أيضا عند اتخاذ القرار عندما نعلّم الطفل قيمة اتخاذ القرار ولماذا يتخذه وفائدته عليه وعلى المحيط.
فمعرفة الشيء تساعده على تحليله ومن ثم تقييمه وتدفعه لاتخاذ القرار الصحيح حوله, أيضا تناولت المداخلات ضرورة تدريب المعلمين وإعادة تأهيلهم أثناء عملية التدريس.
أخيرا: يمكن القول إن الورشة ومناقشاتها كادت تشمل جميع مناحي العملية التعليمية والتربوية ليس فقط في المرحلة الثانوية بل في جميع المراحل الدراسية, لكن, لعل استكمالها بورشة عن تطوير اساليب التقويم ومساندتها أيضا بنشر حملة تثقيفية بين المعنيين والمستفيدين من معلمين ومديري مدارس وطلبة وأسر يساهم ربما بتسريع وتحقيق الفائدة منها وهذا يستدعي دعم الحكومات للوضع الاقتصادي للأسر والمعلمين وزيادة ميزانيات التعليم.