تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حضارة.. نعم.. إنها الشهبا..

ثقافة
الأربعاء 31-8-2016
أيدا المولي

في برنامجه من سيربح المليون استضاف الإعلامي جورج قرداحي احدى المتسابقات من لبنان وفي أحد الأسئلة قال: على من يطلق لقب الشهباء ؟ وقبل أن يعطيها الخيارات قالت بثقة: الشهبا حلب. اكيد.

‏‏

ليس كل العالم العربي يعرف أن الشهباء هي حلب لكن الآن لابد أنه عرف وأن الطفل السوري عرف أن حلب هي الشهباء.‏‏

اختلفت الأسباب التي دعت إلى تسميتها بذلك حيث يذكر ابن جبير في رحلته في وصف قلعة حلب فيقول: «لها قلعة شهيرة الامتناع، ثابتة الارتفاع، معدومة الشبيه والنظير في القلاع، تناهت حصانة أن ترام أو تستطاع، قاعدة كبيرة، مائدة في الأرض مستديرة، منحوتة الأرجاء، موضوعة على نسبة اعتدال واستواء، فسبحان من أحكم تدبيرها وتقديرها، وأشبع كيف شاء تصويرها وتدويرها، عتيقة في الأزل، حديثة وإن لم تزل، طاولت الأيام والأعوام، وشبعت الخواص والعوام».‏‏

بحسب الدراسات و الأبحاث التي قامت بها وزارة الآثار بالتعاون مع منظمة اليونيسكو، فقد أُثبت بأن حلب هي أقدم مدينة في العالم على الإطلاق، فعمرها يرجع إلى العام 12200 قبل الميلاد، ولهذا وكونها كانت مأهولة بالسكان منذ أقدم العصور، فهي تعتبر الأساس الذي يعود إليه العلماء والخبراء في دراساتهم وأبحاثهم، ويقال بأن أحد ملوك الأشوريين ويدعى بلوكش الموصلي هو من قام بتأسيس حلب وتشييدها للمرة الأولى، ويرجع السبب في تسميتها «بحلب» إلى عدة أسباب حسب مجموعة من المصادر، فيرجح البعض أن اسمها بالأصل يعود إلى الكلمة السريانة «حلبا» والتي تعني البياض، وهو نفس السبب الذي أدّى إلى تلقيبها بالشهباء، وهناك من قال بأنّ الأصل في كلمة حلب يعود إلى كلمة (حل رب)، والتي تعني موضع التجمع، بالإضافة إلى أنّ البعض الآخر يقول بأنها كلمة آرامية حيث كانوا يطلقون عليها اسم «حلبو».‏‏

الشعر خجل من حلب..‏‏

فتشت في أكثر من مكان للتأكد من أن هذه القصيدة قالها المتنبي في وصف حلب في احدى المرات التي تم فيها هدم حلب وذلك للتأكد أنها ليست لشاعر محدث -بغض النظر عن ثقل القصيدة وعدم امكانية كثير من الشعراء كتابة مثل هذا الشعر- لكن هل هي غرابة المصادفات أم مرارتها أم تاريخ يعبث بهذه الأمة التي تعيد تكرار نفسها منذ قرون ولاتأبه لأخطائها ويذهب البشر والحجر ضحية لمآسي انحيازها لعالم رغب أن يكون تحت مستوى الانسان الذي كرمه الله وأهانه البشر‏‏

أسى قصيدة المتنبي على حلب في ذلك الغد القريب لاتشبه أسى حلب فحسب بل هي ذاتها اليوم وبالرغم مما فيها من حزن عميق الغور الأنها تقول بين سطورها:‏‏

ليست تلك المرة الأولى التي دمرت فيها حلب ثم قامت فينيقا بحجم الأرض ومتنبيها وان رثاها بالأمس سيعود غدا يتألق بها قال:‏‏

أتيت أرى الشهباء لكنَّ خيبة..‏‏

أطاحت بأحلامي وأدمت صباحيا‏‏

فحطت سحابات من الحزن في دمي‏‏

كأنِّي أرى ما لا يُرى في دمائيا‏‏

لقد بات فيها كلُّ شيء مشوها‏‏

فقد ضيعوها واستباحوا تراثيا‏‏

كأنِّي بها أمست بقايا مدينة إلى‏‏

الموت قد أمسى بها النجم هاويا‏‏

سأرحل.. لا شعري يعيد مدينتي‏‏

ولا أدمعي تحيي دهورا خواليا‏‏

لعلي أرى الشهباء في قبر وحدتي‏‏

فأبعثها.. فالقبر أمسى عزائيا‏‏

أضم بقاياها واحيي رميمها‏‏

وأطلقها بيضاء للحب ثانيا‏‏

ولم يكن يستطاب المقام إلا في بلاطها ورؤية شمس شروقها وغروبها،, عادت بعد كل الزلازل وعادت بعد تدمير التتر والمغول وغدا ستعود حلب وسيصدح الغناء فيها و لأن قدر البشر النسيان سننسى ماجرى لهذا الوطن وسنعيد البناء والتعمير لأن أبناءنا ينتظرون مدينة فتية تشبه نضارتهم، وينتظرون مدرسة ومدرسا يلقنهم أبجديات: موطني.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية