اتهاماً لأنقرة شريكها في دعم الإرهاب بالانحراف عن الهدف لجهة استهداف فصائل لا تنتمي لداعش في جرابلس والمناطق المُتاخمة لها وصولاً إلى منبج.
الاتهامات الأميركية المُتكررة لروسيا يُراد منها تحقيق أكثر من هدف، أهمها تقديم إيحاء لا قيمة له بأنها هي من يحارب الدواعش، وآخر بأنها هي من يقود الحرب على الإرهاب ويحرص على ضبطها. وعلى الرغم من أن العدوان التركي على الأراضي السورية يجري بالتنسيق الكامل معها وتحت إشرافها، إلا أن واشنطن ترى بإظهار تباينات محدودة مع أنقرة ترقى بالشكل أحياناً إلى مستوى الخلاف والاختلاف يخدم أهدافها لناحية تثبيت نظريتها بالفرز بين إرهاب جيد وآخر رديء.
ما يجري على الحدود السورية التركية هو محاولة أميركية بذراع تركية لاستبدال إرهاب بإرهاب، ولإضافة تعقيدات جديدة على المشهد، بانتظار نتائج عملية دمج وتوحيد الفصائل الإرهابية في جبهة واحدة، وهي النتائج التي إذا ما تحققت فقد تُحدث تحولات تُسوّغ لواشنطن التملص من الاتفاق مع موسكو، والانتقال بالوضع إلى حالة جديدة تُعد لها الإدارة الأميركية بالاعتماد على قطر وتركيا والسعودية منصات استهداف عسكرية وسياسية تتناسب مع غايات المرحلة التالية من العدوان المتواصل على سورية ومحور المقاومة.
تهديد الولايات المتحدة روسيا بأنّ نافذة التوصل لاتفاق معها ستُغلَق ما لم تتحرك موسكو بسرعة، هو ترجمة سياسية مباشرة لحركة تقودها واشنطن على عدة جبهات، ربما لا تنتظر إقفالها على ما تريد وترغب، لكنّها تتطلع لتوريثها للإدارة القادمة بهوامش تحرك مُريحة، وهو ما يؤكد عدم جاهزيتها للذهاب باتجاه أي صيغة للحل بل للذهاب باتجاه اتخاذ خطوات مفتوحة على كل الاحتمالات مع ترامب أو كلينتون، لا فرق.
بلا توقف تتحرك أطراف العدوان على محاور مُتعددة لإنضاج بيئة تُتيح لها فرض مخططات أفشلها صمود سورية، وبالتعاون مع الحلفاء والشركاء سيجري إسقاط المُستحدث منها ولا سيما مشروع الدمج بين الإرهابيين (الجيدين والسيئين) تحت راية واحدة تُصممها واشنطن لحماية مُعتدليها، وتغطي استبدال إرهاب بإرهاب هنا وهناك يكون الحامل لمشاريع التقسيم بالمنطقة وليس في سورية فقط.
بوعي وتركيز شديدين، وبلا توقف، تعمل سورية وحلفاؤها على فضح المُخططات، وقطع الطريق عليها، وإجهاض الاستهدافات، ومُقاومة العدوان وكسره، وإجبار الخصم على التراجع والتسليم بالهزيمة، يقينها أن لا حياة للعملية الأميركية باستبدال الإخوان بالوهابيين، وبالعكس، وقرارها أن لا مكان لهما، ولا مُهادنة مع امتداداتهما الصهيونية المُبطنة والمُعلنة.