للاستمرار في تأجيج الأوضاع، وتسجيل حضوره الدائم على مسرح العمليات الإرهابية في سورية.
هي اميركا تتلاعب بأدواتها، وتحركها كيفما تشاء، ومتى تشاء، بل وأينما تشاء، فهي من ناحية تدعم إرهابييها مما يسمى «الجيش الحر»، وتسلحهم بأعتى الأسلحة الفتاكة، وتقامر بهم على الطاولات الجنيفية، وفي المقلب الموازي تدعم الأكراد، وتساندهم وتوفر لهم كل مستلزمات محاولة تفتيت سورية وتقسيمها، ومن جهة تتدخل في سورية بحجة محاربة إرهابيي»داعش»، مع أنها هي من أوجدت «داعش»، بل وهي من ألقت عليهم الذخائر والمؤن عدة مرات، وإن كانت عبارة «الخطأ» هي ذريعتها الملفقة التي حفظناها عن ظهر قلب، ومابين هذا المشهد وذاك لا يمكن أن ننسى ربتها المتواصل على الكتف التركي، وسياسة الطبطبة و»تمسيح الجوخ» لأردوغان ديكتاتوراً كان، أو أكثر قمعاً وإخوانية.
إذاً الأميركي يدعي محاربة الإرهاب، ولكن على الطريقة الهوليودية، فيما أفعاله على الأرض تدلل بأنه وراء أي تنظيم إرهابي ظهر، أو سيظهر بعد حين، هو الرأس المدبر والمخطط والممول، والآمر الناهي، لكل ما تشهده سورية من أزمات مفتعلة، يدعم كل الإرهابيين، وفي الوقت ذاته يوعز لهم، ويدفعهم إلى الاقتتال فيما بينهم تارة، ويدعو إلى المصالحة فيما بينهم تارة أخرى، ليكونوا أداته المفترضة، وإن على الصعيد الإعلامي فقط في مواجهة «داعش»، الذي هو أصلا نتاج العقلية ومخابر الاستخبارات الأميركية، وذراعها بالوكالة، لبلوغ غايته التدميرية والنهبوية للمنطقة.
ولأن الأميركي يتقن سياسة الحسابات الاستراتيجية، لذلك لم يضع بيضه الإرهابي، ودعمه اللا محدود لمنتجاته الداعشية والتركية وذات ماركة «الحر» ومستنسخاته الظلامية في سلة واحدة، ولكن غاب عنه أن سياسة اللقاءات، والاتصالات الدبلوماسية، والهمروجات الإعلامية، والخطابات المنمقة عن جهود أميركية لتسوية الأزمة في سورية، لم تعد تؤتي أكلها، فالشعب السوري بات واعياً تماماً لما يجري ويدور من فوق الطاولة ومن تحتها، وبات على قناعة بأن الميدان وبندقية الجندي السوري هي الكلمة الفصل لقادم الأيام.