مقدرته على محاكاة الواقع والتصادم معه, عبر حكايات واقعية ومختلفة, استطاع من خلالها, بعث رسالته الابداعية التي رأى النقاد فيها, اضافة جديدة الى الرواية في سورية صدر له مجموعتان قصصيتان هما (نحو الماء- الشراع) واربع روايات هي ( معراج الموت- قصر المطر- جهات الجنوب- ارض الكلام) والاخيرة صدرت منذ نحو شهر تقريبا عن دار المدى بدمشق.
ممدوح عزام , في الحوار التالي, يتابع إلقاء الضوء على تجربته مع (أرض الكلام) وبعض آرائه في الرواية والادب..
ان يغير بالكلمات , التي يدعي انها قصص , كلمات اخرى هي السياق الروائي المبني من المادة ذاتها, اما انها تقنية جديدة, فأنا اجد انها مغامرة في التقنية كذلك, ولا اعرف - دون تواضع- اذا كانت قد اغنت الاحداث, ام لا هذا القرار يملكه غيري .
* صدرت في سورية خلال الاشهر الماضية نحو سبع روايات .. برأيك هل هذا اقل من المطلوب ام فائض عن الحاجة.. وكيف تنظر الى الرواية السورية في حالتها الراهنة?
** ما المطلوب? ومن الذي يطلب? اذا كان الجواب يشير الى سوق القراءة فالاحصاء البسيط له كارثي, اذ لا يطبع اي روائي اكثر من الف نسخة من روايته,في سورية, قسم هذا الرقم على عدد, السكان, واحسب الزمن الذي تنفذ فيه الرواية وسوف تجد أن المطلوب مخجل لذلك فإن عدد الكتب الصادرة في بلدنا, ولا اتحدث الآن عن الروايات فقط, هو دائما اكثر من المطلوب. ولكنه اقل من الحاجة, نحن بحاجة لأن يتضاعف هذا العدد عشر مرات, بل اكثر , واذا كانت الرواية او الشعر او المسرح , او اي كتاب, في اي موضوع لا يطلب, فهذا لا يعني اننا لسنا بحاجة اليه .
وسوق القراءة اليوم يخضع لاعتبارات, وحسابات, واهتمامات ليست الحاجة- او الضرورة - واحدة منها او الاهم من بينها.
اختلف معك بشأن مصطلح الرواية السورية لا وجود لرواية سورية وانا احبذ ان نقول الرواية في سورية وهي رواية ما تزال ترزح تحت وطأة المنجزات الفنية للرواية الغربية- منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم- وللرواية الامريكية اللاتينية , ولم يستطيع بعد اي روائي سوري ان يقدم تقنياته الخاصة, وليس في هذا تشنيع على احد, فأنا اؤمن بأن التقنيات عالمية, وهي تنتقل من ثقافة الى ثقافة, دون قيود يمكن التذكير هنا بتأثير الف ليلة وليلة على الادب العالمي كله, ما اقوله هو اننا لم نحقق بعد انجازا تقنيا خاصا يترك اثره على الاداب الاخرى. وربما كان هذا الكلام ينطبق على الادب العربي كله .
* راج منذ مدة مصطلح الرواية الجديدة باعتقادك هل ثمة ضرورة لهذا المصطلح, وهل هناك فعلا ما يمكن توصيفه رواية جديدة?
** لا لا توجد رواية جديدة اذ كان المقصود بالمصطلح ما عرف عنها في الرواية الفرنسية تحديدا وخاصة عند روب غريبه وميشيل بوتور وناتالي ساروت سيكون هذا هذيانا, انتحالا طفوليا لظاهرة لا اساس لها هنا وعلى من يدعي تبني هذا المصطلح ان يقول لنا ما الجديد في روايته? ومع هذا يمكن التلاعب بالكلمات والقول بأن كل نص يكتب هو نص جديد, اذ ليس هناك رواية واحدة ابدية ينسج الروائيون على منوالها في اي مكان .
* تشكو الرواية السورية من غياب النقد, في حين تكثر الانطباعات الصحفية عنها, لماذا هذا الغياب باعتقادك وما اسبابه?
** غياب النقد في اي ثقافة هو التعبير عن غياب الحرية, فالنقد فعالية ناجمة عن الرغبة والاستعداد للحوار داخل اي كيان اجتماعي, وكلما كان النقد راديكاليا, يتناول المسائل المعنية من جذورها, كلما اتيح المجال للبشر لانجاز الاصلاحات في اي حقل من ا لحقول وساعد على ذلك غياب المنابر او الصحافة الادبية, فمن غير المعقول ان يكون في بلد يقارب عدد سكانه عشرين مليونا مجلة ادبية واحدة, اسبوعية ادبية واحدة فقط تنشغل نصف صفحاتها بالهم السياسي. وهنا لا اقول ان النقد مقصر مثلا, لا , لا وجود للنقد في الحقيقية, دون ان انكر وجود النقاد, غير اننا نفتقر الى حركة نقدية, حوار او صراع نقدي يؤسس, وينظر , مثلما نفتقر الى حركة نقدية متابعة تستطيع المساهمة في نهوض الادب في سورية, ليس لدينا ما يتحرك في الحقيقة.
*هل يمن ان يكون المكان, بما يحمل من خصوصية, وما يمثل من دور في رسم وتحريك الشخصيات, هو البطل في الرواية كما يتجلى في معظم الممالك الروائية?
**المكان جزء من تكوين الشخصيات , انه حركة الشخصيات, حاجتها الى الوجود, محيط سلوكها, وأفعالها. لا يمكن ان تحضر الا فيه, فإذا اخر جنا اي شخصية من المكان الذي تتحرك بداخله, فإنها تضيع, تختفي ملامح , وتفقد حضورها. وخصوصية المكان التي تشير اليها هي خصوصية الشخصيات والاحداث. لا يمكن لشخصيات (قصر المطر) واحداثها ان تجري في مكان اخر , غير انني لا انفي ان المكان هنا يسحرني, فالوعر, بصخوره المترامية, ومساحات الارض ا لبركانية الصغيرة فيه, وعجائب المخلوقات التي تتواجد فيه, وخرائبه, والاثار, القديمة المتآكلة بداخله, كل ذلك يشكل محيطا يثير مخيلتي دائما. واذا كنت ترى انه بطل في الرواية فليكن ويمكن ان اصالح السؤال فأقول انه احد الابطال فيها .