وهو من أقدم البلدان التي سكنها البشر بحسب الحفريات التي وجدت في بعض أجزائه مؤخراً، وكان قدماء المصريين يسمونه «أرض الأرواح» أو «أرض الله» عندما بهرتهم خيراته.
سكن الجنس النوبي قديماً السودان في العصور الحجرية (8000ق. م- 3200ق.م) واتخذ أولى خطواته نحو الحضارة.
وفي عهدي الدولة الوسطى بمصر والدولة الحديثة احتل أحمس جزءاً من السودان كانوا يطلقون عليه كوش، وأصبحت اللغة الفرعونية هي اللغة الرسمية، ولاسيما بعدما طرد أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشرة الهكسوس من مصر، فاتجه إلى بلاد النوبة نحو السودان، ووصل «تحمتس الثالث» حتى الشلال الرابع، واستمر حكم أسلافه لمدة ستة قرون وأثناء مملكة كوش النوبية حيث ظهرت اللغة الكوشية، وكانت لغة التفاهم بين الكوشيين قبل ظهور الكتابة المروية نسبة لمدينة مروى التي تقع أعلى الضفة الشرقية للنيل، وكانت عاصمة للسودان مابين القرن السادس ق .م والقرن الرابع الميلادي، وفي الآثار السودانية كانت مملكة مروى على صلة بالحضارة الهندية في العصور القديمة.
وقال هوميروس عنها إن الآلهة تجتمع في السودان في عيدها السنوي وكان قدماء المصريين يسمونها أرض الأرواح.
بعد نهاية عظمة مروى قامت ثلاث ممالك نوبية، فكانت في الشمال مملكة النوباطيين وعاصمتها فرس، ويليها جنوباً مملكة المغيرة وعاصمتها دنقلا العجوز، ثم مملكة علوه وعاصمتها سوبا.
ثم جاء الفتح العربي الإسلامي وشكل السودان جزءاً من الدولة العربية الإسلامية.
بعد دخول محمد علي إلى مصر أراد أن يكون له جيش قوي بسبب الأطماع الأوروبية الهادفة إلى الاستيلاء عليها وخاصة بعد الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت الذي استمر من 1798 ولم ينته إلا بالصلح الذي عقده الفرنسيون مع الإنكليز سنة 1802 فقام بتوسيع حكمه جنوباً إلى السودان وشكل حكم محمد علي باشا تطوراً جديداً في مسار تطور السودان.
ولكن الجديد أن السودان خلال هذه الفترة (1821م -1885م) عرف دولة تابعة ضمت رقعة واسعة في البلاد، بعد ضم دارفور والمديريات الجنوبية الاستوائية، أعالي النيل، بحر الغزال.
ثم جاءت الثورة المهدية التي قام بها محمد أحمد الملقب بالمهدي 1885- 1898م وكانت دولة المهدية تطوراً جديداً في مسار الدولة السودانية المستقلة، وامتداداً للممالك والدويلات السودانية المستقلة، ولكن دولة المهدية جاءت بخصائص وسمات معينة تميزها عن الشكل والمحتوى الذي نشأت بهما الممالك والدويلات السابقة.
بعد وفاة المهدي عام 1885 شنت بريطانيا حملة بقيادة كتشنر وقامت باحتلال الخرطوم عام 1889 ثم اتجهت إلى الجنوب فاصطدمت بالمهديين في عدة معارك كانت الغلبة فيها لبريطانيا وعقدت بعد ذلك مع مصر اتفاقية الحكم الثنائي عام 1899.
وعلى الرغم من القضاء على الثورة المهدية فإن الشعب السوداني لم يستكن للحكم البريطاني الاستعماري فظهرت عدة ثورات كانت أبرزها ثورة الشريف محمد الأمين عام 1903 وثورة عبد القادر ود حبوبة عام 1908 وكانت من أهم الثورات لكنها انتهت بالقبض على قائدها وإعدامه.
في عام 1950 تقدم بعض أعضاء حزب الأمة السوداني باقتراح يطالبون فيه منح البلاد حكماً ذاتياً، ووافقت عليه الجمعية التشريعية بأغلبية صوت واحد، وتعامل العهد الثوري في مصر مع السودان بطريقة ايجابية حيث جمع الأحزاب السودانية وزعماءها للتفاوض، ثم أقرت ثورة 23 تموز حق السودانيين في السيادة على بلادهم وتقرير مصيرهم دون تدخل أي من دولتي الحكم الثنائي مصر وبريطانيا.
وبذلك جلت القوات البريطانية عن السودان 1955 وجرت انتخابات فاز فيها الحزب الوطني الاتحادي، وتكون برلمان وطني، وانضم السودان إلى جامعة الدولة العربية وهيئة الأمم المتحدة في العام نفسه.
لكن السودان لم يسلم من الأزمات، فعدا عن معاناته من مشكلة الجنوب فقد استمرت التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية واختلاق أزمات داخلية فيه جراء غناه بالثروات والموارد البشرية والمائية، لكنه اليوم يتعافى بعد حل مشكلة الجنوب وقد استطاع السودان أن يصمد أمام هذه التدخلات وأن يسعى بجهود أبنائه لبناء سودان قوي وموحد.